لم يقدّم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لغزة سوى الكلام والتجربة وحسن النيات، ليأخذ منها، في المقابل الكثير، ومنه ما هو الأغلى عليه، وفي مقدمته، تغطية مشاركته في الحرب في سوريا، والدعوة الى الصمت، مجددا، على سلاحه، على اعتبار أنه سلاح “مقاومة”.
ولم يوجه نصرالله، في عدائيته، الى إسرائيل سوى قذائف الكلام ، في حين يقدم لمصلحة تحالفه مع بشار الأسد الدماء والمقاتلين والمال.
ولم يكن بيع الكلام هنا ودفع الدماء هناك، بلا رؤية واضحة عند نصرالله، الذي نسي أنه وما يسميه محور الكلام قد توعد إسرائيل بإزالتها من الوجود، بل،إنه بناء على ما قاله في خطاب يوم القدس العالمي الذي أطل فيه مباشرة في القاعة، بطريقة تحمي جسمه من الرصاص( وليس من صاروخ إسرائيلي، طالما قيل إنه يمكن أن يستهدفه لاغتياله عبر تقنية اختراق موجات البث التلفزيوني) :” يجب أن نعرف جيدا أين نهادن وأين نحارب.”
في الخطاب الذي خصص لغزة، لم يتنازل نصرالله عن عادته في توجيه سهامه الى الدول العربية، على اعتبار أنها تتواطأ على المقاومة في العالم العربي وتحديدا في لبنان وسوريا وفلسطين، في وقت كان هو والجمهورية الإسلامية في إيران، يُبعدون بأنفسهم عن نارها، فيما هم جزء لا يتجزّأ من النار المستعرة في كل من سوريا والعراق.
ولم يتوقف نصرالله عن الحديث على الحروب الصغيرة التي تخدم إسرائيل، ولكن هذا لم يمنعه من تجاهل الدور الرائد الذي يلعبه حزبه في هذه الحروب، سواء عبر إثارة الفتنة في لبنان وسفك الدماء في سوريا، والتسبب بانتفاضة يستفيد منها “داعش” في العراق.
وأدرك نصرالله هذه الحقيقة، فسارع الى حماية نفسه وبشاره وإيرانه بالماضي، فطلب ممن يزايدون أن يضعوا جدول مقارنة بين ما قدمه “محور المقاومة” لفلسطين عبر عشرات السنوات الماضية وما توانوا هم عن تقديمه لها في وقت كانوا يقدمون كل ما يلزم للحروب التي تخدم إسرائيل، وفق ما قاله.
وبهذا المعنى، فإن حسن نصرالله الذي بات يخشى على أمنه من رصاصة، بعدما كان يخشى عليه من صاروخ إسرائيلي موجّه، أصبح يبيع الفلسطينيين كلاما، بعدما كان ومحوره يقفون الى جانبهم ماديا.
خطاب حسن نصرالله في “يوم القدس العالمي” هو خطاب إعلان الأولوية للحروب داخل الدول العربية، على أي حرب أخرى، ولو كانت تستهدف ” القضية المركزية”أي فلسطين.
إنه خطاب ” من يعرف أين يُهادون وأين يحارب”!