أدت الدكتورة نجاح العطار اليمين الدستورية أمام الرئيس السوري بشار الأسد، نائبًا لرئيس الجمهورية، أمس الأحد لتكون أول امرأة عربية تشغل منصب نائب رئيس جمهورية في عهد الأسد الابن وتتحول من أديبة إلى نائبة لسفاح حصد أرواح آلاف الأبرياء.
ونائب رئيس الجمهورية نجاح العطار البالغة من العمر 80 عاما، كلفت بمنصب نائب الرئيس للشؤون الثقافية عام 2006 لمتابعة تنفيذ السياسة الثقافية في إطار «توجيهات رئيس الجمهورية»، كما شغلت منصب وزيرة الثقافة من عام 1976 حتى عام 2000 في عهد الأسد الأب، الذي كان يقربها إليه، سيما أنها اختارت الوقوف مع نظامه في الثمانينيات خلال حربه على الإخوان المسلمين، في الوقت الذي كان فيه شقيقها عصام العطار المراقب العام السابق لـ«الإخوان المسلمين» يناهض نظام البعث، وجرى نفيه عام 1964. ليمضي حياته في ألمانيا مع عائلته.
وفي أوج الصدام بين الرئيس الراحل حافظ الأسد والإخوان المسلمين في سوريا تعرض عصام عام 1981 لمحاولة اغتيال في ألمانيا ذهبت ضحيتها زوجته بنان الطنطاوي، ابنه الشيخ العالم علي الطنطاوي.
في ذلك الوقت، كانت شقيقته نجاح العطار تشغل منصب وزيرة الثقافة وأحد المقربين من الحلقة الأولى للرئيس حافظ الأسد. وحافظت على انحيازها لنظامه بغض النظر عن مواقف شقيقها، الأمر الذي هيأ لها مكانة خاصة في نظام عائلة الأسد.
فكانت أول امرأة في العالم العربي تشغل منصب وزيرة، طيلة عهد الأسد الأب، ومن ثم أول امرأة عربية تشغل منصب نائب رئيس جمهورية في عهد الأسد الابن. كما سبق وكلفها بتأسيس مركزٍ للدراسات الاستراتيجية والإقليمية. ولعبت العطار بصفتها شخصية مستقلة لا تنتمي للحزب الحاكم، دورًا معتدلاً من خلال عملها في وزارة الثقافة، ومن ثم نائب الرئيس.
فعدا عنايتها بالترجمات وما أنجزته ثقافيا وفكريا على المستوى المحلي والعربي، لم تميز بين المثقفين من مختلف التيارات السياسية والفكرية، وحاولت دائما رعايتهم وتوفير ما أمكنها من حماية وغطاء لهم، مستندة إلى العلاقة الشخصية بالعائلة الحاكمة، إذ كانت تصطدم بين فترة وأخرى مع الأجهزة الأمنية والحزبية. إلا أنها لم تغير من علاقاتها مع المثقفين، رغم تسلمها أرفع المناصب، وحافظت على تواصلها معهم عبر فتح مكتبها دائما لاستقبالهم وتبادل الأفكار والاطلاع على مشاكلهم والمساهمة في حلها ضمن ما تسمح به الهوامش المتاحة لها من قبل النظام.
وكانت العطّار عضوا في المكتب التنفيذي لاتحاد الكتاب، وعضوا في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب. وواصلت لسنوات طويلة كتابة الدراسات النقدية في الشعر والرواية والمسرح، وكتابة الزوايا الصحافية الأسبوعية، ومقالات كثيرة في الأدب السياسي، وأصدرت عددا من الكتب في الأدب والنقد والسياسة والدراسات المختلفة. كما أولت اهتماما خاصا بالمجمع العلمي بدمشق، إحدى أقدم المؤسسات اللغوية في العالم العربي.
ونالت العطار عددا من الأوسمة الرفيعة، منها وسام «الصداقة بين الشعوب» الممنوح من رئيس مجلس السوفيات الأعلى لاتحاد الجمهوريات السوفياتية الاشتراكية سابقا، ووسام «الثقافة البولونية»، ووسام «الاستحقاق برتبة الضابط الكبير» من الرئيس الفرنسي الراحل فرنسوا ميتران عام 1983. ووسام «جوقة الشرف برتبة كوماندوز» من ميتران أيضا عام 1992.
وحصلت كذلك على وسام «السيدة العظيمة» من فرسان مالطا، ووسام «الصليب المقدس» من الرئيس البولوني عام 1999. وكذلك وسام «الكنز المقدس ذو الوشاح الكبير» في أرفع درجاته من إمبراطور اليابان عام 2002 وميدالية الشرف من الرئيس التشيلي عام 2004.
والعطّار من مواليد 10 يناير (كانون الثاني) 1933، وهي ابنة قاض، تابعت دراستها في بريطانيا مع زوجها اللواء الطبيب ماجد العظمة، وحصلت على دبلوم الدراسات الإسلامية عام 1956. ثم الدكتوراه في عام 1958 في الأدب، كما حصلت على عدد من الدبلومات في العلاقات الدولية، وفي النقد الأدبي والنقد الفني. وتواصل العطّار الكتابة، وتشارك في الكثير من الملتقيات واللجان القومية والسياسية والثقافية.