في مقال نشر أمس في نيويورك تايمز، قص ابن المرأة الإسرائيلية المعروفة جودي نير، من عائلة الناشرين المعروفين، موزيس، وزوجة الوزير سيلفان شالوم، كيف أنقذ فلسطيني من غزة حياته. لقد حدث هذا قبل عشرين سنة، عندما كان عمره أقل من 13 سنة، وحتى الآن لم يستطع أن ينسى ذلك الرجل، الذي لولاه لما كان حيًّا، وتلك الفترة، التي بدا للكل فيها منطقيًّا أن ينقذ فلسطيني من غزة وهو يعمل في مركز إسرائيل، أولادًا يهودًا.
أفكر فيه عادة، خاصة في أوقات كهذه، يكتب نمرود. أحاول تخيّل بيته في قطاع غزة. وأن أفكر فيما يفعله في هذه اللحظة. ربما يقف ويفكر فيّ الآن، أيضًا. ربما يتمنى أنه لم ينقذ حياتي.
كان اسمه فوزي، وقد كان عامل بناء أحضره والدا نمرود من غزة يومَ أصلحوا بيتهم. عندما حاول نمرود فتح إحدى نوافذ البيت، تكسّرت النافذة بين يديه، المملوءة زجاجًا، وجُرح جرحًا عميقًا جدًا في يده، وسال منها الكثير من الدم. يقص نمرود في المقال كيف ركض فوزي إليه، أغلق الجرح الذي كان مفتوحًا حتى الشريان، وضغط عليه بقوة. في الوقت الذي استدعى فيه الإسعاف، صاح سيلفان شالوم، الذي كان حينئذ عضوًا في المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر للشؤون الأمنية والسياسية، أنه يحتاج بعض الوقت حتى يغيّر ملابسه ويحضر، فصاح به فوزي: “اترك كل شيء واحضر حالا!”. “لن أنسى هذا الحدث أبدًا”، كتب نير، “عامل فلسطيني من غزة يصرخ على وزير رفيع، وجعلهيمتثل فورًا”.
في المستشفى، أجريت له عملية امتدت 7 ساعات، ومكث فيه أشهرًا كثيرة، وأجرى تمارين العلاج الطبيعي لعدة أشهر أخرى بعد ذلك. حتى اليوم، يقول، لا يحس بيده اليمنى، وقد أقر الأطباء بإصرار أنه لولا الإسعاف الأولي الذي قدمه له فوزي، لم يكن لينجوَ من الإصابة، وكان سيموت بسبب النزيف.
“لقد مر منذ ذلك الوقت عشرون عامًا. لقد تغيّرت سياستنا، وللأسوأ. كتب ذلك بتشاؤم. غزة الآن بحكم ذاتي وتحكمها حماس، وهي الحكومة الوحيدة في العالم، على الأرجح، التي عبّرت عن فرحتها لعملية الخطف الأخيرة وقتل الشبان الإسرائيليين الثلاثة.
ليس مسموحًا لفوزي أن يعمل أكثر في إسرائيل. بل ويُحظر من الدخول. من يعرف- ربما كان يعمل الآن مع حماس، يوجه الصواريخ نحو تل أبيب، القدس وحيفا، حتى تلتقي النهايات. ربما لا. ربما يهزأ منه أصدقاؤه إن عرفوا أنه أنقذ ذات مرة حياة فتى يهودي. ربما يكنّونه بطلا.
ما أعرفه هو أننا منذ أن توقف التواصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين، قد فقدنا رؤيتنا لكل ما يمكن أن يجمع بيننا، بل ننظر إلى ما يفرقنا. عندما أخبر أقاربي أن فلسطينيا من غزة أنقد حياتي، يتشككون في ذلك. بل لا يمكنهم تخيّل واقع يمكن فيه للفلسطينيين والإسرائيليين أن يكونوا في غرفة واحدة من غير أن يقتل بعضهم بعضًا.
وفي النهاية يختم المقال:
“ينبغي على الإسرائيليين أن يحاربوا الإرهاب لا الفلسطينيين، والدفاع عن أنفسنا من الكراهية والعنصرية كما ندافع عنها من الصواريخ. يجب أن يقاتل الفلسطينيون من أجل تقرير المصير القومي من غير دعم لحكومة تسعى لإبادة الإسرائيليين. إنها الطريقة الوحيدة لإنهاء الصراع”.
عن موقع (المصدر) الإسرائيلي