بينما تدك آلة الحرب الإسرائيلية كافة أنحاء قطاع غزة في العملية العسكرية المسماة “الجرف الصامد”، تدك أيضًا عبارات النقد اللاذع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بسبب موقف الذي وصف بـ”المتخاذل” من هذا العدوان الذي حصد عشرات الشهداء ومئات الجرحى المدنيين حتى الآن.
و تمتلئ شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية بالصور الساخرة من مواقف عباس وبالعبارات والمشاركات والآراء الناقدة التي تعبر عن استياء شعبي كبير من محمود عباس.
أول المواقف التي أفرزت هذا الاستياء هو مشاركة عباس في مؤتمر إسرائيلي للسلام مع العديد من الشخصيات الإسرائيلية والمسؤولين في الأيام الأولى للعدوان على غزة، وجاء الموقف الثاني الذي طالب فيه عباس بتأجيل اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب لمناقشة الحرب على غزة ليعتبر تخلٍ عن مسؤولياته الوطنية.
وهو موقف كشفه وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار.
كما استفز تأكيد عباس على أن ما تعلنه حركة حماس من شروط للتهدئة مع دولة الاحتلال “غير ضرورية وغير مطلوبة”، وأن عليها الوقف الفوري للقتال من دون شروط مسبقة.
وقال عباس في هذا اللقاء لقناة الميادين أن أهالي غزة وقود لتجار الحرب وأنا ضد هؤلاء التجار من الجانبين”.
وتناول العديد من نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي الصور والمشاركات التي تستنكر المواقف السابقة لأبو مازن تجاه الحرب على غزة
كما قدم رسامو الكاريكاتير الفلسطينيون العديد من الرسومات التي تنتقد عباس، وتؤكد على أن خيار الشعب الفلسطيني هو المقاومة وليس المفاوضات التي يحرص عليها أبو مازن.
أبو مازن خارج السياق
في مقاله المعنون بـ “عباس خارج السياق” يقول الكاتب حسام كنفاني أن كلام عباس يبدو معزولًا عن الواقع الأمني والاجتماعي الفلسطيني، وخارج السياق السياسي الدولي العام، ويعتقد الكاتب أن هناك سياقًا خاصًا حاضرًا في ذهن أبو مازن فقط، فهو يجاهر بإيمان غير واقعي. ويستشهد الكاتب على ذلك بحديث عباس لصحيفة “هآرتس”، حين قال “أنا لا أؤمن بالعنف، ولا بالقتال، ولا بالحرب، ولا غيرها. أريد أن أعمل السلام معكم، وأن آتي لكم بكل عربي ومسلم، لكي يصنع السلام معكم “.
أما الإعلامي ماجد عبد الهادي فيقول أنه لا يكاد يمر شهر، أو حتى أسبوع، من دون أن يقول أبو مازن ما يستفز شرائح وفئات واسعة من شعبه، إنْ في ما يتعلق بحق العودة الذي طالما شكل مرتعاً لتنازلات لفظية رسمية، تحاول طمأنة إسرائيل إلى انخفاض سقف الطموحات الفلسطينية، عشية كل جولة مفاوضات، أو في سواه من حقوق الشعب الفلسطيني، لا سيما حق مقاومة الاحتلال.
وما يثير حفيظة عبد الهادي ويعبر عنه في مقاله “أبو مازن” أن دولة الاحتلال تشن الآن، “حربًا شعواء على غزة، فيتحدث أبو مازن بلغة مبعوث سلام أجنبي، ويدعو الإسرائيليين إلى مراجعة مواقفهم، حتى تتحقق رؤية الدولتين”.
ويستنكر عبد الهادي التباين بين رد فعل أبو مازن على اختفاء المستوطنين الإسرائيليين الثلاثة في الخليل، وموقفه من اختطاف وتعذيب وحرق الفتى الفلسطيني محمد أبو خضير. ويصف عبد الهادي أبو مازن “أنه رجل منسجم مع نفسه، دونما شك، ولا يفعل غير الذي يتسق وبرنامجه، ورؤيته لحل القضية الفلسطينية، سلمًا، وعبر المفاوضات، والمفاوضات، ثم المفاوضات، وطبعًا مع نفي كل الخيارات الأخرى، واستبعادها علنًا، وإلى الأبد “.
ساسة بوست