ظهرت بوادر أزمة دبلوماسية قابلة للتصاعد، في الأسابيع المقبلة، بين الولايات المتحدة من جهة، وكل من السعودية والبحرين من جهة أخرى، لأسباب تتعلّق بانتهاكات لحقوق الإنسان في المملكتين، بعد مطالبة الولايات المتحدة حليفتيها، بلهجة قوية، باحترام الأعراف الدولية في ما يتعلق بحقوق الإنسان وحقوق المعارضة.
وأصدرت الخارجية الأميركية بيانين منفصلين، لهجتهما حادّة، ضد المنامة والرياض، تم توزيعهما على الصحافة بالتزامن، ويتضمن أحدهما دفاعاً قوياً عن حق المعارضة البحرينية في لقاء مسؤولين أميركيين، منتقداً طرد البحرين لمسؤول أميركي زائر، عقب لقائه برموز بحرينية معارضة، وداعياً البحرين إلى مراعاة الأعراف الدبلوماسية الدولية.
في المقابل، تضمن البيان الثاني انتقاداً حاداً للسعودية، بسبب انتهاكها حقوقاً أساسية لناشط سعودي، اعتبرته مجلة “فوربس” واحداً من أكثر 100 شخصية عربية حضوراً على موقع “تويتر”. وطالب البيان “السعودية بمراعاة القواعد والأعراف الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان”.
توتر مع البحرين
واتهمت الولايات المتحدة، البحرين بانتهاك الأعراف الدبلوماسية الدولية، واتخاذ إجراءات تتعارض مع العلاقات الثنائية الحميمية الطويلة بين البلدين، بسبب قرارها المفاجئ بطرد مسؤول أميركي رفيع المستوى، في اليوم الأخير من زيارته الرسمية للبحرين، وبعد يوم واحد من لقائه مع ممثلي جماعة بحرينية معارضة.
وكانت البحرين قد أعلنت في وقت سابق أن مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، توم مالينوفسكي، “ليس موضع ترحيب في البحرين”. ورأت أنه “تدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، من خلال عقده لقاءات مع بعض الجماعات على حساب الآخرين”. واعتبرت أن “هذا الأمر يتعارض مع الأعراف الدبلوماسية”.
ويفهم من البيان البحريني أن لقاء مالينوفسكي مع جمعية “الوفاق” البحرينية المعارضة، يوم الأحد الماضي، قد أغضب السلطات الحكومية، لأن “الوفاق” وجماعات معارضة أخرى، تهدّد بمقاطعة أي انتخابات مقبلة، وتطالب بنظام حكم ديمقراطي في البحرين يكون فيه الشعب، وليس الملك، “مصدر السلطات جميعاً”.
ولفت البيان الأميركي المضاد، الصادر عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، جينفر بساكي، إلى أن “الحكومة البحرينية أصرّت على حضور ممثل لوزارة الخارجية البحرينية، أثناء اللقاءات الخاصة التي عقدها المسؤول الأميركي، بما فيها الاجتماعات التي عقدت في السفارة الأميركية بالمنامة، مع أفراد وجماعات في البحرين، يمثلون كافة أطياف المجتمع البحريني”.
وأشار البيان الأميركي الى أن “مثل هذه التصرفات لا تتماشى مع الشراكة القوية القائمة بين الولايات المتحدة والبحرين”.
ولم يستبعد مراقبون مستقلّون أن “يكون التحدي الدبلوماسي البحريني للولايات المتحدة، جاء بدفع سعودي لمساعدة الرياض على مواجهة ضغوط وانتقادات أميركية، لقرار السلطات السعودية بسجن الناشط الحقوقي، وليد أبو الخير، 15 عاماً”.
ويتماشى التنسيق السعودي البحريني المفترض، في مواجهة الضغوط الأميركية، مع ما ورد في بيان وزارة الخارجية الأميركية ضد البحرين، من إشارات إلى أن زيارة المسؤول المطرود للبحرين، تمّت بعد تنسيق مسبق رفيع المستوى بين الولايات المتحدة والبحرين، وأن فكرة الزيارة منذ البداية قوبلت بتشجيع وترحيب دافئ من جانب الحكومة البحرينية. ولفت البيان إلى أن “حكومة البحرين تعلم جيداً بأن المسؤولين الأميركيين يلتقون، كما هي عادتهم، بكل الجماعات السياسية المعترف بها في البلدان التي يزورنها”.
انتقاد للسعودية
وفي ما يتعلق بالسعودية، أصدرت الخارجية الأميركية بياناً، طالبت فيه السعودية باحترام القواعد الدولية المتعارف عليها حول حقوق الانسان، واستهجنت الحكم الصادر ضد الناشط الحقوقي السعودي، وليد أبو الخير، بالسجن والمنع من السفر لمدة 15 عاماً. واعتبر البيان أن “الحكم القضائي يُعتبر تحدياً للولايات المتحدة، وذلك بالإشارة إلى أنه جاء بعد أن نوقش وضع أبو الخير في آخر تقرير أميركي عن حقوق الإنسان في السعودية”.
كانت الولايات المتحدة، في مايو/أيار 2011 قد قامت بسحب لودوفيك هود، المسؤول في وزارة الخارجية الاميركية، بعد تعرضه لتهديدات على الإنترنت إثر حملة القمع الدموي التي قامت بها الحكومة ضد المعارضة في مارس/آذار من ذلك العام.
من ناحية أخرى، انتقدت جماعات حقوق الإنسان طرد مالينوفسكي. واعتبر المدير التنفيذي لـ”الجمعية الأميركية للديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين”، عبد الله حسين، أن “طرد مالينوفسكي الذي يبدو وكأنه نتيجة للاجتماع مع مختلف الشخصيات المعارضة والناشطين في مجال حقوق الإنسان، يقوّض ادعاءات الحكومة البحرينية بأنها جادة في إجراء مصالحة عامة والعمل على إيجاد المساحة اللازمة للإصلاح”.
العربي الجديد