قال الأمير تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات السعوديّة السابق، الثلاثاء، في مؤتمر إسرائيل للسلام في كلمة مسجلّة، إنّ حلّ الدولتين لشعبين، هو الحلّ الوحيد الذي يُمكن أنْ يُحقق حلم الشعبين الإسرائيليّ والفلسطينيّ ويكون بمثابة الإجابة على طموحاتهما الوطنيّة، لافتًا إلى أنّ هذا الحلّ كان بمثابة لب الحلم الذي عرضته الأمم المتحدّة في خطة التقسيم عام 1947، والتي فشل المجتمع الدوليّ في تطبيقها، والعديد من عمليات السلام لم تنجح في تحقيقها منذ ذلك الحين، على حد| تعبيره.
وتابع: النتيجة كانت مأساة إنسانيّة، بالنسبة للفلسطينيين الذين يئنون تحت نير الاحتلال الإسرائيليّ، الذي يُنكّل بهم، وأيضًا بالنسبة للإسرائيليين، الذين تزداد عزلتهم الدوليّة أكثر فأكثر بمرور السنوات.
ولفت إلى أنّ التوقّف في جهود وزير الخارجيّة الأمريكيّة، جون كيري، في مساعي السلام، بسبب الفشل الأخير للدبلوماسيّة الأمريكيّة، يُشكّلان فرصة نادرة أكثر من أيّ وقتٍ مضى لكي نتخيّل السلام الذين يطمح إليه جميع الذين يُريدون السلام والخير.
وأضاف الأمير الفيصل قائلاً إنّ مبادرة السلام العربيّة، التي تمّ اقتراحها أولاً من قبل الملك عبد الله، الملك السعوديّ، خادم الحرمين الشريفين، والتي صادقت عليها جامعة الدول العربيّة في قمة بيروت في العام 2002، ما زالت تُعتبر معادلة للسلام العادل والشامل للنزاع بين إسرائيل والفلسطينيين وبين العالم العربيّ أيضًا، وذلك من منطلق أنّ أيّ حل عسكريّ لا يُمكن أنْ يمنح دول المنطقة السلام والأمن، اللذين تطمحان إليهما، على حدّ قوله.
ولفت الأمير السعوديّ إلى أنّ مبادرة السلام العربيّة تؤكّد على أنّ جميع الدول العربيّة ستقوم بتطبيع العلاقات مع إسرائيل عندما تقوم الأخيرة بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها في حزيران (يونيو) من العام 1967، علاوة على إيجاد حلّ عادلٍ لحلّ مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، والذي يجب أنْ يتّم الاتفاق عليه خلال المفاوضات، وفق المبادئ الدوليّة، على حدّ قوله.
أمّا في ما يتعلّق بالأراضي التي احتلتها إسرائيل في لبنان، أوضح قائد الاستخبارات السعوديّة السابق، أنه من الممكن أنْ تنتقل هذه الأرضي إلى سلطة الأمم المتحدّة حتى تشكيل حكومة لبنانيّة، التي تكون مؤهلة لاستلام هذه الأراضي، وأيضًا في سوريّة، فإنّ هضبة الجولان المحتلّة، مُمكن أنْ تُنقل إلى رعاية الأمم المتحدّة، حتى يتّم تشكيل حكومة سوريّة جديدة تستلمها هي.
وأردف قائلاً إنّه مع الإرادة الطيبة، وبدعم من الولايات المتحدّة الأمريكيّة وجامعة الدول العربيّة، لا يوجد شيء اسمه مستحيل، وبالتالي فإننّي آمل أنْ يأخذ الإسرائيليون بعين الاعتبار الخطّة التي حملها في شهر أبريل من السنة الماضية إلى واشنطن وفد جامعة الدول العربيّة، والذي أوضح أنّ مبادرة السلام العربيّة ليست ثابتة، وليست إملاءً، أنّما من الممكن أنْ تُصاغ بشكل يُناسب جميع الأطراف، وتحديدًا خلال المفاوضات التي ستجري بين الفلسطينيين والإسرائيليين، على حدّ قول الأمير الفيصل.
وتابع: كغيري من الساسة في المنطقة، تؤسفني الحقيقة أنّه ولا حكومة في إسرائيل ردت على مبادرة السلام العربيّة، على الرغم من أنّ العالم العربيّ عاد وجدد ثقته بهذه المبادرة خلال ـ12 عامًا السابقة، أيْ في جميع القمم العربيّة التي عُقدت، بالإضافة إلى موافقة مؤتمر العالم الإسلاميّ عدّة مرّات على المبادرة عينها، كما أنّ وفدًا عربيًّا خاصًّا وصل إلى إسرائيل لطرحها مباشرة على الشعب في هذه البلاد.
علاوة على ذلك، أضاف الأمير السعوديّ، سُمعت في بعض الأحيان الأصوات في العالم العربيّ التي ادعت أنّ المبادرة فشلت، وبالتالي يجب أنْ نقوم بإلغائها، ولكننّا نؤكّد على أننّا ما زلنا نُصّر على التمسّك بها، وهي لا تزال مطروحة على الطاولة، وجاهزة وحاضرة أكثر من أيّ وقتٍ مضى.
وقال أيضًا: هيّا نحلم لفترة قصيرة جدًا كيف ستكون البلاد التي ذاقت الآمرين من الحرب، بعد أنْ يتوصل الشعبان لاتفاق، اسمحوا لي أيضًا أنْ أحلم، قال الأمير.
وأضاف: تخيّلوا لو أننّي أستطيع أنْ أستقّل طائرة من الرياض، والطير مباشرةً إلى القدس، وأنْ أصل إلى قبة الصخرة أو المسجد الأقصى، لكي أُشارك في صلاة يوم الجمعة، وبعد ذلك أقوم بزيارة حائط المبكى وكنيسة القيامة. وفي اليوم التالي أقوم بزيارة قبر أبينا إبراهيم في الحرم الإبراهيميّ بالخليل، ومن هناك، أُسافر إلى كنيسة المهد في بيت لحم، وأُواصل وأزور متحف ياد فاشيم (ضحايا النازية)، كما زرت متحف (الهولوكوست) في واشنطن، عندما كنت سفيرًا في واشنطن.
وكم سأكون مسرورًا بدعوة الفلسطينيين والإسرائيليين لزيارة الرياض، حاولوا، حاولوا فقط أنْ تتصوروا ماذا يمكن أنْ يحدث من تطورات في مجالات التجارة، والطب والعلم والثقافة بين الشعبين.
ولفت الأمير إلى أنّ البديل، وهذا ما أخشاه، هو استمرار الصراع، حيث إنّ الواقع على الأرض، هو استمرار البناء في المستوطنات في الأراضي المحتلّة، وهذا الأمر سيدفعنا إلى واقع مرير نسأل فيه حتى متى سيبقى سفك الدماء سيّد الموقف في المنطقة، هل هذا ما تُريده إسرائيل فعلاً؟
وأضاف قائلاً إنّ قيام المستوطنين بالسيطرة بالقوّة على الأراضي المُعدّة للإسرائيليين فقط، يمنع قيام دولة فلسطينيّة ذات تواصل جغرافيّ وقابلة للحياة، وتابع قائلاً إنّ إسرائيل تدفع ضريبة كلاميّة فقط، فبدل أنْ تعمل على إنشاء البيئة المناسبة لحلّ الدولتين لشعبين، تعمل على فرض واقع لدولة واحدة فقط، وعن طريق هذا العمل ستصل إلى الكارثة، على حدّ وصفه.
وخلُص إلى القول: إننّي آمل أنْ يكون مؤتمر إسرائيل للسلام مساهمة للجهود في كيفية تخيّل حلم السلام الذي سيتحوّل إلى ممكنٍ، في حال كانت المبادرة العربيّة حجر الزاوية له، وإنني أتأمل اليوم الذي سيكون فيه بإمكاني أنْ أُشارك في مؤتمر السلام هذا، وبالمقابل أنْ يتمكّن الإسرائيليون الذين يُشاركون في هذا المؤتمر السفر إلى الرياض والمشاركة في مؤتمرات تُعنى في كيفية العمل معا من أجل حلّ المشاكل العالقة الإضافيّة، التي تُشكّل بالنسبة إلينا جميعا تحديات أيضًا، قال الأمير السعوديّ.
زهير أندراوس