رغم المخاوف الكثيرة التي يثيرها تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” في نفوس الكثيرين، تحوّل زعيمه الأول “الخليفة إبراهيم”، كما نصّب نفسه، أو أبو بكر البغدادي، إلى الرجل الكوميدي الأول خلال أيام قليلة، لا سيما بعد أن أعلن عودة عصر الخلافة من جديد.
منذ اليوم الأول، لم يظهر على مواقع التواصل الإجتماعي أنّ البغدادي هو ذلك الإرهابي المجرم، الذي يقف تنظيمه خلف التفجيرات الإرهابية وعمليات القتل الجماعي، التي تجتاح المنطقة من العراق إلى سوريا وصولاً إلى لبنان، بات الرجل مصدراً لإثارة الإبتسامة في نفوس الكثيرين الذين يبحثون عن بقعة ضوء في عالم تسيطر عليه أخبار الموت والدمار بشكل كبير.
في أروقة أجهزة المخابرات المحلية والعالمية، لا يثير “الخليفة إبراهيم” الضحك، بات على رأس قائمة المطلوبين في قضايا الإرهاب، وهو يشكل الخطر الأكبر على الأمن القومي لأكثر من دولة بينها لبنان، حيث تنشغل مختلف الأجهزة الأمنية في متابعة أنشطة خلايا تنظيمه النائمة والناشطة.
في هذا السياق، يؤكد الممثل الكوميدي سعد القادري، في حديث لـ”النشرة”، أن الرجل بات منافساً لأي ممثل كوميدي بارع على الساحتين العربية والعالمية، ويشير إلى أن ما يقوم به قد يكون سبباً لضرب المسلسلات التي دفعت عليها أموال طائلة لتعرض خلال شهر رمضان، خصوصاً أن الناس باتت مهتمة بمتابعة ما يصدر عن تنظيمه بشكل لافت من أجل التعليق عليه بطريقة ساخرة.
ويلفت القادري إلى أن الأمر يعود إلى أن البغدادي يريد عبر تنظيمه أن يعيد المجتمعات التي تعيش في العام 2014 إلى القرون الوسطى، من خلال المنطق الذي يستخدمه، والذي للمفارقة يظهر فيه بصورة المنقذ الراغب بإنقاذ البشرية من الفساد، فيما يعتمد هو على قتل الناس وإرتكاب المجازر وتدمير الدول.
ويرى القادري أن المثل الشعبي “شر البلية ما يضحك” ينطبق بشكل كامل على البغدادي وتنظيمه، حيث بات النجم الأول على الساحة الكوميدية في هذه المرحلة، ويضيف: “لا أصدق كيف نتعامل مع هذا الموضوع لكن ربما هي رغبتنا في الحياة بغض النظر عن كل ما يجري”.
من جانبه، يرى أحد الناشطين على مواقع التواصل الإجتماعي علي سليم أن السبب الأساسي لذلك يعود إلى إنفصام التعابير التي تستخدم من قبل هذا التنظيم عن الواقع، بالرغم من أن الظاهرة تثير الخوف في صفوف الكثيرين بسبب العمليات الإرهابية التي يقوم بها.
ويستغرب سليم، في حديث لـ”النشرة”، كيف أن تعابير، مثل “دولة الخلافة” و”ولاية” و”أمير”، عادت إلى الواجهة من جديد في هذا العصر بعد أن كان الجميع يعتقد أن “الدهر أكل عليها”، ويضيف: “رغم أننا قبل الثورات العربية كنا نعيش في ظل دكتاتوريات لم نكن نتوقع أن نعود لهذا الزمن عبر هذه التنظيمات”، ويؤكد أنها تثير السخرية لدى المعارضين والمؤيدين للأنظمة في مختلف الدول، لكنه يدعو إلى عدم إهمال هذه الظاهرة التي تشكل خطراً كبيراً على المجتمعات.
أما بالنسبة إلى لبنى عوالة، فإنّ الموضوع لا يتعلق بالشخص بحد ذاته، لكن طبيعة المواطنين في المنطقة باتت تحوّل أيّ أمر حتى لو كان مرعباً إلى نكتة من أجل تخطي الحالة بأقل قدر من الخسائر الممكنة، وتشير إلى أنهم حتى بعد وقوع التفجيرات بلحظات يذهبون إلى السخرية أيضاً، لكنها تلفت، في حديث لـ”النشرة”، إلى أنّ ذلك لا ينفي خطورة الظاهرة التي تجتاح المجتمعات بشكل كبير، وتؤكد أن الخوف موجود عند أغلب المواطنين حتى أولئك الذين يسخرون منها.
بدوره، يرى الناشط على مواقع التواصل الإجتماعي جمال غانم أن في لبنان حصانة من مثل هذه الأفعال، ولا يتصور أن لدى “داعش” فئات واسعة تؤيدها، ويؤكد أنّ السبب في السخرية من الموضوع يعود إلى قناعة بأنّ هذا الرجل لا يمثل مع تنظيمه الإسلام بأيّ شيء.
ويشير غانم، في حديث لـ”النشرة”، إلى أنّ الموضوع لا يثير الخوف عند اللبنانين بشكل كبير لأنهم عاشوا تجارب أصعب بكثير، من حروب وإعتداءات إسرائيلية متكررة، كما أنّ تجربة التفجيرات الإرهابية مرت عليهم، ويرى أنّ الإجراءات الإستباقية التي تقوم بها الأجهزة الأمنية في أكثر من مكان ساهمت في رفع مستوى الإطمئنان لديهم، ويضيف: “مواقع التواصل تستخدم في الأصل من قبلنا من أجل الخروج من الواقع الصعب الذي نعيشه على أكثر من مستوى”.
إذا تحول البغدادي إلى مصدر للسخرية، بات المصدر الأول للنكتة من دون منازع، رغم أن ذلك لا يلغي المخاوف الموجودة عند الكثيرين من العمليات الإرهابية التي يتمنون نجاح الأجهزة الأمنية في كل مرة بمنعها من تحقيق أهدافها.
ماهر الخطيب – النشرة