نشرت صحيفة “فاينانشيال تايمز”البريطانية مقالا للكاتبة رولا خلف، نفت فيه تهمة إشعال الفوضى القائمة في الشرق الأوسط عن اتفاقية “سايكس بيكو”.
ورصدت خلف قيام تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) بجرف جزء من حدود “سايكس بيكو” بين العراق وسوريا، إذ يرونها أصل الفوضى المتشكلة حاليا في الشرق الأوسط… وتساءلت الكاتبة عما إذا كان فعلا إزالة هذه الحدود كفيل بتحسين أوضاع أناس يقتلون بعضهم بعضا لمجرد قيام حدود رسمتها أيدي الاستعمار؟.
ورأت خلف أن التركيز على سايكس بيكو يغطي على التدخلات الأجنبية الحديثة، وتحديدا اجتياح العراق بقيادة أمريكية عام 2003، والذي أسفر عن الإطاحة بنظام صدام حسين البعثي وإشعال نيران الصراع الطائفي في الدولة.
وتابعت:” إن التركيز على سايكس بيكو يوحي بأن العقد الماضي لم يشهد ارتكاب أخطاء في العراق، وأن الأخطاء ارتكبت في زمن لم يكن فيه أي من أعضاء إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن قد جاء إلى الحياة… وعليه قالت خلف إن تحميل الحدود التي رسمها الاستعمار الأوروبي مغبة ما يحدث اليوم هو نوع من التضليل”.
واستدركت قائلة إنه لا شك أن الأيدي التي رسمت تلك الحدود التي شرذمت الأرض العربية إلى مناطق نفوذ، لم تراع في حسبانها غير المصالح الأوروبية دون أدنى اهتمام بمصير الشعوب القائمة بين تلك الحدود.
لكن لم يكن الشرق الأوسط وحده في العالم ضحية حدود رسمتها أيادي الاستعمار، كما أن المجتمعات العربية لم تثُر ضد الحدود البريطانية-الفرنسية…ورأت خلف أن إلقاء اللوم على اتفاقية “سايكس بيكو” يعني تجاهل حقيقة القومية الإقليمية المتأصلة في الدول العربية.
وعادت الكاتبة بالأذهان إلى الحقبة التي تلت جلاء الاستعمار عن المنطقة، وما شهدته من سيادة موجة القومية العربية العابرة للحدود.. والتي انكسرت بفعل الهزائم المتكررة في الحروب ضد إسرائيل.
وتحدثت خلف عن التجربة اللبنانية إبان الحرب الأهلية 1975-1990 والنداءات المتكررة للانقسام كحل للأزمة بين الطوائف الرئيسية الثلاث (المسيحيين والسنة والشيعة).
واختتمت بالقول إن التركيز على حدود “سايكس بيكو” في أزمة الشرق الأوسط الراهنة يساعد في إخفاء مشكلة المنطقة الحقيقية: وهي فشل الحكومات التي جاءت بعد جلاء الاستعمار في بناء دول شاملة قادرة على التكريس للهوية الوطنية.. إنه استبداد نظام الأسد في سوريا وصدام حسين ونوري المالكي في العراق، هو سبب ما تعانيه المنطقة الآن.