بعد حملة #مقاطعين_مسلسل_اهل_اسكندريه، قرر القائمون على قناتين فضائيتين مصريتين منع عرض مسلسل المؤلف والكاتب المصري المثير للجدل بلال فضل، واثاروا غضب فريق آخر يعتبر المنع خطوة أخرى في سبيل عودة نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك.
قصة وأبطال المسلسل
المسلسل، الذي لم يجد طريقه إلى أي قناة مملوكة للدولة من بطولة الممثل الشاب عمرو واكد المحسوب على ثورة يناير، وهشام سليم، وبسمة زوجة المعارض عمرو حمزاوي الممنوع من السفر، وتدور أحداثه حول الفساد الذي استشرى في أجهزة الدولة وخاصة في جهاز الشرطة قبل ثورة كانون الثاني/يناير 2011، وذلك بحسب تسريبات ذكرتها وسائل إعلام مصرية.
وكانت حملة #مقاطعين_مسلسل_اهل_اسكندريه قد لاقت صدى واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي عند الذين يرون أن المشاركين في العمل “خونة” أو “عملاء” أو لا يدعمون الاستقرار.
وعلى موقع تويتر الاجتماعي، كتب أحد مؤيدي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي موجها كلامه لعمرو واكد: “زايد عليك شويه ومخليك تنسى ان انت اللي قلت 30-6 انقلاب عاوز تعتذر اطلع قول انا آسف مش تلبسنا العمه”.
وتقول نيفين معترضة على الاتهامات التي وجهها المسلسل للشرطة “مفيش مسلسل ع الضباط اللي بتستشهد كل يوم يا خونة الشرطة”.
وآخر قال “عمرو لم نفسك احنا ال عوزين نمنع عرضه لان اشخاصه اساءوا للشعب لما قالوا علينا عبيد البيادة”.
وإيمي فهمي قالت “يعني عمل يجمع ما بين بلال فضل وبسمة وعمرو واكد مايبقاش مسلسل ده يبقى مؤامرة”.
مخرج المسلسل: المنع غير قانوني
وأثار وقف عرض المسلسل غضب فضل، الذي كتب قائلا إنه “نوع من التعسف والمنع المُقنع الذي لم يحدث أيام حسني مبارك”. وبعد تردد أنباء عن جهات في وزارة الداخلية وجهت القناتين إلى منع العرض “لدواع أمنية”، رأى فضل أن هذا المنع “غير قانوني لأن الرقابة وافقت على عرضه”.
وأشار فضل في بيان إلى أنه سمع أن “اللجنة المسؤولة عن اختيار المسلسلات رأت أنه ليس من الحكمة أن يتم عرض مسلسل يقدم انتقادات لضابط شرطة حتى لو كان المسلسل يقدم تعرض الضابط للعقاب من رؤسائه”.
وظهر فضل في مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب سائلا “أنا مش هاقدر انتقد ضابط شرطة دلوقتي ولا في 2010 ، يبقى نطلع مبارك وحبيب العادلي من السجن.. أُومال الناس ثارت ليه؟”.
وغردت نادية المجد قائلة “بلال ظل يشتم في مرسي والإخوان في مقالاته حتى بعد الانقلاب والمجازر ومع ذلك أوقفوا له مقالاته والآن مسلسله”.
وكتب عمرو عبد الهادي “انا ضد منع مسلسل أهل اسكندرية الذي قام ببطولته عمرو واكد وبسمه وكتبه بلال فضل برغم مساندتهم السيسي و الانقلاب”.
تاريخ طويل
أعادت هذه الخطوة الاتهامات للنظام الحالي بأنه يشن حملة “لسحق المعارضين” سواء في الشارع ضد مؤيدي مرسي، أو الشباب الثوري الذين أيد العديد منهم عزل الرئيس الإسلامي.
وعزز المنع رأي البعض بأن أبواقا إعلامية خرجت منذ اليوم الأول لتولي السلطات الانتقالية مقاليد الأمور لتوجه اتهامات الخيانة والعمالة لمؤيدي ثورة كانون الثاني/يناير 2011.
عزز هذا الشعور أيضا إصدار قانون “تنظيم حق التظاهر” من قبل الرئيس المؤقت السابق عدلي منصور، الذي هو في الأصل رئيس المحكمة الدستورية. وقال المنتقدون إن القانون يقيد الحق المكفول بالتظاهر في أي وقت وأي مكان من دون إخطار السلطات، وتقييد التجمع السلمي، كما تقول منظمة هيومان رايتس ووتش. وبالفعل صدرت أحكام بحق ناشطين بموجب هذا القانون منهم ماهينور المصري المحبوسة لتنفيذ حكم بالسجن عامين، وعلاء عبد الفتاح الذي حكم عليه بالسجن 15 عاما.
وأشارت منظمات حقوقية وبحثية ومنها منظمة فريدوم هاوس إلى تراجع حرية الصحافة والإعلام في مصر إلى مستويات غير مسبوقة منذ 10 سنوات.
وبحسب رأي هذا الفريق، منع ظهور إعلاميين بسبب مواقفهم، ولأن الفرق التحريرية في القنوات المصرية لا تتيح لهم مساحة كبيرة للتصرف بحرية خلال ظهورهم التلفزيوني.
إعلاميون موقوفون
من أمثال هؤلاء الإعلامية ريم ماجد التي كانت إحدى المذيعات البارزات خلال الفترة التي تلت الثورة، وكانت إحدى المتحدثات باسم الثوار. وتعرضت ريم لهجوم شديد بحسب البعض لأنها قالت “يسقط حكم العسكر” بعد أسابيع قليلة من عزل مرسي، وهو ما اعتبر بداية حملة ضدها انتهت إلى منعها وآخرين من الظهور.
“جون ستيوارت مصر” ممنوع
وبعد ظهوره لأكثر من عام على شاشات الفضائيات المصرية، ورغم المضايقات التي تعرض لها والتحقيق معه، إلا أن وقف برنامج “البرنامج” لباسم يوسف نهائيا كان خطوة تصعيدية غير مسبوقة ضد من يلقب بـ”جون ستيوارات” مصر، الذي ظل يسبب إزعاجا للسلطات سواء في عهد مرسي أو بعد مرسي.
وقد بدأت الضغوط على يوسف منذ إطلالته الأولى على المشاهدين بعد عزل مرسي، وواجه انتقادات بسبب سخريته من مواقف المصريين تجاه هذا التحرك ولأنه “سخر أيضا من القوات المسلحة”. وخلال الانتخابات الرئاسية، واحتدام حملة لحث المصريين على المشاركة، رأى محللون أن النظام لم يكن ليتحمل أي سخرية، وبالتالي منع يوسف من الظهور.
ويصر الخطاب السياسي الرسمي على الإشارة إلى الثورتين، إلا أن المعارضين يتهمون الإعلام الرسمي وغير الرسمي بشن حملة ضد المعارضين حتى لو لم يعلن النظام الرسمي ذلك صراحة. واعتبرت بعض القوى المؤيدة لـ30 حزيران/يونيو ومنها “6 ابريل” أن النظام يحاول التخلص ليس فقط من خصومه في جماعة الإخوان المسلمين وإنما من أي صوت آخر، واعتبر ذلك عودة لنظام مبارك، كما رأى الكاتب علاء الأسواني الذي قال في مقال له إن منع باسم يوسف يعني “عودة نظام مبارك”.
بلال فضل.. المعارض الدائم
وبلال فضل سيناريست مصري ألـّف عدة أفلام أبرزها “حرامية في كي جي تو” و”سيد العاطفي” و”واحد من الناس” و”وبلطية العامية”، وهو الفيلم الذي نال عنه عام 2009 جائزة أحسن سيناريو. فضل هو أيضا كاتب ساخر عارض نظام مبارك من خلال كتاباته في صحيفة الدستور التي يرأسها إبراهيم عيسى، وكتب أيضا في صحيفتي المصري اليوم والشروق.
عارض فضل حكم مبارك والإخوان المسلمين كما هاجم السلطات الانتقالية بعد عزل مرسي. وقد تم منع مقال له وجه فيه انتقادات ضمنية للرجل القوي في البلاد: عبد الفتاح السيسي. فضل أيضا يعد أحد الذين تم التشكيك في وطنيتهم وهويتهم المصرية.
بل إن منتقديه يقولون إنه “يمني الأصل” و”قبيلتة تعتمد على زراعة القات”، وخرجت هذه التهمة أيضا عندما انتقد رئيسه السابق في صحيفة الدستور إبراهيم عيسى لأنه يقف مع النظام الحالي. فكتب دندراوى الهوارى في صحيفة اليوم السابع إن المقارنة بين عيسى وفضل “ظالمة، وعبثية، فلا يمكن أن نقارن، بين رمز وطنى، خُلق من طين هذا البلد، ويحمل جنسيتها أبا عن جد، وبين أجنبي حصل على الجنسية المصرية في عصر مبارك”.
الدفاع عن حرية العلمانيين وحقهم في التعبير في بلد محافظ مثل مصر أمر بالغ الحساسية، وقد نشر منتقدو فضل، في سبيل الهجوم عليه، مقطع فيديو له يدافع فيه عن الكاتب الراحل نصر حامد أبو زيد الذي تم فصله من جامعة الأزهر بسبب كتاباته التي اعتبرت مسيئة للإسلام.
عمرو واكد “يعذب الناس”
الممثل الذي وقف إلى جانب الشباب الثوري في كانون الثاني/يناير 2011 عمرو واكد معروف بأدواره التي تتناول جوانب إنسانية. من أشهر أفلامه “سريانا” الذي شارك فيه إلى جانب الممثل الأميركي جورج كلوني، وفيلم “دم الغزال” و”إبراهيم الأبيض”.
شارك واكد منذ اليوم الأول في الثورة، ونسبت إليه تصريحات بأنه يتبرأ من جنسيته المصرية، وأطلقت حملة لطرده من مصر، ما دعاه إلى الرد بأنه يفخر بمصريته واعتبر ما نسب إليه جزء من حملة تستهدف كل من شارك في الثورة، خاصة أنه وجه انتقادات ضمنية للسيسي.
وفي إطار حملة يقودها الباحث المصري عبد الرحيم علي من خلال برنامج “الصندوق الاسود” “للكشف عن عملاء الخارج” كما يقول، أذاع مقطع فيديو يظهر واكد وهو يستجوب أحد المتظاهرين خلال أحداث الثورة، وقال إنه قام بتعذيبه.
وزادت الحملة ضد واكد بسبب مواقفه الأخيرة خلال الانتخابات الرئاسية، ودعوته المرشح حمدين صباحي للانسحاب، في وقت كان بالغ الحساسية لحملة السيسي التي كانت تبحث عن أصوات الناخبين.
بسمة “زوجة الألماني”
أما الممثلة بسمة، التي بدأت حياتها كمذيعة، فعرفت بأدوارها التي تدافع فيها عن حرية المرأة وأشهر أفلامها “الناظر” مع الراحل علاء ولي الدين و”النعامة والطاووس” و”لعبة الحب” و”ليلة سقوط بغداد” الذي حصلت فيه على لقب أحسن ممثلة.
وتركز الجدل حول هوية جدها يوسف درويش الذي تقول وسائل إعلام إنه كان أبرز مؤسسي الحركة الشيوعية في مصر، وهو يهودي الديانة.
بسمة هي زوجة البرلماني السابق عمرو حمزاوي المتهم هو أيضا بعدم الولاء لمصر لأنه قضى معظم أوقات حياته خارج البلاد كباحث سياسي، وأيضا لحصوله على الجنسية الألمانية، التي أعلن تنازله عنها فيما بعد. حمزاوي الذي اعتزل الحياة السياسية بعد عزل مرسي هو الآن هو ممنوع من السفر.
كلمات رئيسية مصر, مبارك, الصحافة, حرية الإعلام, أهل اسكندرية, بلال فضل, لسيسي
هاني فؤاد الفراش
راديو سوا