كتبت الناشطة أسماء الصديق مقالاً تحكي فيه الانتهاكات الفجّة بحق المعتقلين السياسيين في سجن الرزين الحكومي, حيث يقضي زوجها السيد عمران الرضوان و والدها الشيخ الدكتور محمد الصديق احكاماً بالسجن عشر سنوات –كلاً على حده.
بجانب 76 آخرين من النشطاء السياسيين جرى الحكم على معضمهم في محاكمة سياسية في الثاني من يوليو الماضي.
وكانت الأمم المتحدة قد طالبت بالإفراج الفوري عن الصديق، و الرضوان بالإضافة إلى 59 أخرين لأن محاكمتهم ليست عادلة وسياسية.
نص المقال:
المكان : سجن رزين الصحراوي
بوابة حديدة ضخمة تسبقها حواجز إسمنتية ونقطة تفتيش تفتح على نقطة تفتيش أخرى مكان رمادي برغم الأشجار التي زرعت في الرمال القاحلة مكتب تفتيش قذر جوه مليء بالبعوض شتاءا وبالذباب صيفا شرطي وشرطيتان.
حرس وحارسات من الجنسية النيباله متوشحين بالسواد والعبوس يخشون الابتسام في وجوهنا خشية التقاطة مباغتة من كاميرا المراقبة المعلقة فوق الرؤوس يشيرون إليها اعتذارا عن سوء المعاملة التي تبدر منهم تجاه أهالي المعتقلين الذين جاؤا لزيارة ذويهم.. في هذه الغرفة تنتزع أطواق البنات الصغار من على رؤوسهن وكذا ربطات الشعر.. تنتزع أساور الحلي من أيادي الجدات والأمهات اللواتي لم تفارق معاصمعن لسنوات بحجة المنع.. يمنع الآباء الكبار الذين انحنت ظهورهم وخط الزمان في وجوههم تضاريسه من ارتداء نظارة شمسية واقية من حر الشمس التي تخرق الرؤوس أو حمل المناديل الورقة بحجة المنع.. يسمح لبعض الأبناء بالدخول لزيارة الأب المشتاق ويجبر البعض على الانتظار خارجا لان العدد المسموح به ٤ فقط..
تمنع الزوجة التي قطعت مئات الكيلومترات حتى تصل لسجن الرزين من زيارة زوجها وكان بينها وبينه أمتار لأنه أراد تغيير مكانه في غرفة الزيارة يعود الأطفال أدراجهم ولا يسمح لهم برؤية والدهم والدموع تملأ أعينهم بعد مسافات وأشواق لأنهم نسوا بطاقة الهوية في هذا المكان تنعدم الانسانية ويشحن الهواء بمواد توقف نبض القلب عن الإحساس بمعاناة الآخرين.. فلا مراعاة لأطفال أو كبار في السن أو نساء.. جانب مظلم بقدر ما هو مؤلم جدا من وطني الذي سبق العالم في كل الميادين لكنه تخلف وتردى في معاملة أبنائه من (دعاة الإصلاح) فأذاقهم ويلات وأتبعها آلام لا تنقضي للشاب الذي سُجن لجرم لم يقترفه ، وجرعات عذاب للأم والأب والزوجة والأبناء والإخوة والأخوات.. هذه ليست رواية لقائل أو أحداثاً حصلت في زمن غابر.. أو خيال كاتب أو كلمات تسمع فتنقل.. هذه مشاهدات وأيام عشتها ورأيتها تحدث أمامي في المكان الذي يحتضن أبي وزوجي ، وأزوره أسبوعيا منذ أكثر من عام ..٢٠١٣/٢٠١٤م .
الحياة الحقيقية ليست سفرا ومراكز تسوق ونزهات ومناسبات و سعادة مصطنعة وترف وأغنيات.. الحياة كفاح.. وهذا ما سيخلده التاريخ