مثلت الإطاحة بوزير الخارجية السابق، نبيل فهمي أحد مفاجآت التشكيل الوزاري الجديد، نظرا لما يعتبره مراقبون اخلاصا كبيرا قدمه الرجل للسلطة الجديدة، فضلا عن بعض النجاحات فى تجميل وجهها أمام عواصم غربية وهو ما علق عليها بعض النشطاء بقولهم “آخر خدمة الغز علقة” وذلك في اشارة إلى حملة التشويه التي يتعرض لها فهمي قبل وبعد العزل بزعم انه اخواني و”خلايا نائمة” أو أنه ذيل للهارب البرادعي ..حسب تعبير البعض.
وتنوعت أسباب ابعاد فهمى، فبينما قالت مصادر مقربة من النظام إن السبب الرئيسي وراء الإطاحة به، من حكومة محلب الجديدة، تصريحه المثير للجدل، بأن علاقة مصر بالولايات المتحدة الأمريكية، هى علاقة زواج، وليست نزوة عابرة وكذلك رفضه الاستغناء عن مجموعة السفراء الذين عينهم الرئيس المعزول محمد مرسى، قبل الاطاحة به مباشرة، كان سببا آخر في عدم وجوده في الوزارة الجديدة.
لكن مصادر ديبلوماسية مقربة من فهمي قالت ” ان السبب الحقيقي أن الرجل حاول معالجة الأزمات خاصة مع قطر وتركيا بطريقة ديبلوماسية حقيقية يبدو أنها لم تعجب الجناح المتشدد بالحكم الذي كان يرغب في تصعيد كبير مع الدولتين طبقا لرؤية ورغبة بعض الدول الممولة التي تسعى لأهداف خاصة وهو ما رفضه فهمي بشدة مؤكدا على ضرورة معالجة الأزمات مع الدول الشقيقة والصديقة بطريقة تحفظ سيادة مصر ومكانتها وعلاقاتها الدولية في وقت واحد”.
وترافق ذلك مع حملة إعلامية على فهمى، أثار تزامنها مع التشكيل الوزارة، الشكوك، خاصة أن أصحاب الحملة معروفون بقربهم من أجهزة أمنية وبعضهم مقرب من الدولة الممولة ويعمل بوسائل إعلامها. واعتبر الإعلامى أحمد موسى أن نبيل فهمى هو رجل الدكتور محمد البرادعى، نائي رئيس الجمهورية السابق، والذى أثارت استقالته سخط وغضب الموالين للسلطة، واتهموه بالخيانة العظمى.
وقال «موسى» خلال برنامجه «على مسئوليتى» على فضائية «صدى البلد»، إن البرادعى هو من رشح فهمى لتولى الحقيبة الوزارية بعد ثورة 30 يونيو.
وأضاف: «البرادعي وفهمي اعترضا على تولى السفير سامح شكرى رئيسا لهيئة الاستعلامات المصرية الوحيدة التى كان باستطاعتها التصدى لتشويه مصر بالخارج وتوضيح أسباب ثورة 30 يونيو».
وتابع: «فهمي رفض إعادة النظر فى وجود بعض السفراء المنتمين لجماعة الاخوان واعترض على إجراء حركة تغييرات فى سفراء الدول».
وأشار «موسى» إلى أنه لم يتخذ أى إجراءات ضد دبلوماسيين مصريين يهاجمون رئيس الدولة والجيش المصرى على موقع اللوتس الخاص بالدبلوماسيين، متمنيا ألا تجامل الحكومة أحدا فى البقاء فى منصبه إذا لم يستطع خدمة الوطن.
وتحت عنوان” نبيل فهمى: لا مؤاخذة بقى.. كفاية عليك كده” شن الكاتب محمود الكردوسي، مدير تحرير جريدة الوطن المحسوبة على الدولة الممولة، هجوما شديدا على وزير الخارجية السابق وذلك قبل أيام من التعديل الوزاري وهو ما اعتبر مؤشرا على ابعاد الرجل حيث يعتبر الكردوسي رجل الأجهزة العليا التي يعمل مستشارا لها ويأتمر بأمرها.
وقال الكاتب، الذى تخصص فى مهاجمة منتقدى السلطة التى أعقبت عزل مرسى، إن مصر تخوض حاليا معركة وصفها بـ «إزالة آثار البرادعى».
وأضاف متحدثا عن نائب الرئيس السابق: نحن نعرف أن هذا النحنوح الزلق، «الهراب»، لم يتحمل مشقة العمل فى دولاب دولة طاعنة فى عراقتها مثل مصر، لذا ترك منصبه كنائب لرئيس الجمهورية، وعاد إلى عالمه الافتراضى التافه، مرسلاً إلى دراويشه بين الحين والآخر «تغريدة» أكثر تفاهة. ثم انتهى به الحال غراباً وحيداً، منبوذاً، فى صقيع أوروبا.
وتابع الكردوسى حتى وصل إلى نبيل فهمى: وقد تصورت -وكثيرون غيرى- أن البرادعى بهذا الهروب قد أخذ الشر وراح، فأراح واستراح. لكنه مع الأسف تحول إلى ظاهرة مرضية، إلى «وباء ليبرالى» سرعان ما ظهرت أعراضه فى حكومة الببلاوى وفى مواضع أخرى كثيرة من جسد الدولة، بل فى خلايا وجيوب إعلامية لا تزال تنضح صديداً ليبرالياً مقرفاً، وتُغرق شاشات الفضائيات ومقالات الرأى فى معظم، إن لم يكن كل الصحف المستقلة، بالنحنحة والبكاء على دماء القتلة والإرهابيين من الإخوان وحلفائهم. ومع أن الببلاوى لحق بالبرادعى، وانتهى الاثنان إلى مزبلة التاريخ، فقد ترك لحكومة المهندس إبراهيم محلب «ذيلاً برادعياً» كان لا بد أن يُقطع قبل أن يتفاقم خطره، وأعنى به الأخ «نبيل فهمى»، منسق العلاقات الغرامية بين مصر والغرب، ومسئول «مصلحة التوثيق وتوفيق الرؤوس فى الحلال» (الخارجية سابقاً).
وقال الكاتب الذى يصف نفسه بأنه” فاشى فى حب السيسى”: يقف الأخ نبيل فهمى على رأس مؤسسة سيادية، يفترض أن تكون رأس الحربة فى مواجهة تحالفات الخارج ومؤامراته، لكنه مع الأسف هبط بأداء الخارجية إلى مستوى «شاهد» على علاقة زواج شرعى بين القاهرة وواشنطن. وقد تورطت وزارته فى النفى، لكنها سرعان ما انخرست بعد أن تم تسريب هذا الجزء من حوار الوزير لراديو «ناشيونال بابليك» الأمريكى على موقع جوجل! وفى حوار آخر مع هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى» عاد الأخ نبيل، الذى يعتبر نفسه وريثاً لدبلوماسية الـ«9و99 %من أوراق اللعبة» ليؤكد أن دول الربيع العربى تعانى من «آلام طلق» تسبق مولد الديمقراطية. وخلافاً لهذه التصريحات المخملية، والجهود «البيولوجية» التى يبذلها الأخ «نبيل»، لم تظهر له أو لوزارته -عبر حكومتين متتاليتين- أى أمارة أو كرامة. بل تستطيع أن تقول بملء فمك إن مصر هُزمت فى أقصى الأرض بفضل نبيل فهمى وخارجيته الفاشلة.
والمح الكردوسى صراحة إلى ولاء فهمى لجماعة الإخوان المسلمين، وقال: إلى أى مدى يمكن القول إذن إن نبيل فهمى متورط فى ولاء من نوع ما للإخوان؟ وإلى أى مدى يعمل ضد الدولة المصرية وهو يشغل أحد أهم وأخطر المواقع فى إدارتها؟! مرة أخرى: فتش عن البرادعى (الذى كان مديراً لمكتب والده إسماعيل فهمى، وزير خارجية السادات). فالاثنان -البرادعى وفهمى- كانا من أشد المعارضين لفض اعتصامى رابعة والنهضة، وخلال اجتماع مجلس الأمن القومى الذى سبق الفض أصر نبيل فهمى على توثيق موقفه فى محضر الاجتماع توقعاً لانهيار الحكم الانتقالى أو عودة الإخوان! وخلال حواره لراديو «ناشيونال بابليك» دافع نبيل فهمى عن إخوانى حقير يدعى «عماد شاهين»، كان يعمل أستاذاً للعلوم السياسية فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة. وقد هرب إلى أمريكا ولا يزال هارباً حتى الآن، بعد اتهامه فى قضية التخابر التى يعد الخائن محمد مرسى بطلاً لها. وبدا فهمى فى إشادته ودفاعه المستميت عن «شاهين» -الذى اُستقبل فى الولايات المتحدة استقبال الأبطال- كمن يشكك فى جهات التحقيق المصرية، بما يعزز الافتراءات الأمريكية والأوروبية على القضاء المصرى بعد ثورة 30 يونيو. والمجال هنا لا يتسع للحديث عن بذاءات هذا الإخوانى الهارب، وكراهيته للدولة المصرية، وتحريضه على مؤسساتها، وعلى رأسها الجيش.
واختتم مدير تحرير الوطن مقاله بقوله: وإذا كانت مصر بعد انتخاب رئيسها الجديد قد فتحت صفحة سياسية جديدة، وتستعد لتشكيل حكومة تليق بمرحلة بناء تحتشد لها كل الطاقات.. فإن من غير المنطقى أن يظل هذا النحنوح على رأس وزارة سيادية مثل «الخارجية»: إن لم يكن بسبب فشله.. فبسبب خطورة الإبقاء على أى آثار لظاهرة البرادعى.. كبيرهم الذى علمهم النحنحة.
بوابة القاهرة