فتحت عملية اختطاف المستوطنين اليهود في الخليل، الباب أمام احتمالات عدة من إمكانية استمرار اختطافهم وعدم معرفة مصيرهم، بموازاة فشل الجيش الاسرائيلي واستخباراته في العثور أو الوصول إليهم من جهة، واتجاه اسرائيل نحو تسخين او تصعيد الأمور أكثر في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة من جهة أخرى، وهو ما بدا واضحاً من خلال حملة المداهمات والاعتقالات المسعورة التي شنتها في مدن الضفة، وسلسلة الغارات على غزة.
ومع دخول عملية الاختطاف يومها الرابع على التوالي، يبدو واضحاً استمرار الممارسات الإسرائيلية دون تغيير، الأمر الذي يفرض احتمالات عدة ستشهدها الأيام القادمة.
تشديد العقاب
ويرى الخبير الأمني واللواء المتقاعد واصف عريقات، أنه ومع استمرار الغموض الذي يلف هذه العملية، فهنالك محاولة من قبل القيادة الإسرائيلية بالاستفادة من الظرف الحالي من خلال تشديد العقاب على الفلسطينيين واتخاذ إجراءات إسرائيلية أكبر بكثير من عملية البحث عن مختطفين عاديين، لافتاً في حديث مع “النشرة”، إلى أنّ هذا باعتراف الإسرائيليين، كما أنّ القيادة الإسرائيلية تتحدث عن أنّ هذه العملية هي نتاج للمصالحة الفلسطينية.
ويؤكد عريقات أنّ ما تقوم به “إسرائيل” من استدعاء لقوات الاحتياط بشكل جزئي، والمداهمات في الضفة الغربية المحتلة، وإعلانها عمّا يسمى بحملة “عودة الأخوة” للبحث عن المستوطنين المختطفين، يدلّ على أننا أمام عدوان كبير ومبيّت ومخطط له مسبقاً، مشيراً إلى أنّ الأيام المقبلة ستكشف المزيد من النوايا الإسرائيلية.
ويوضح عريقات، أنّ باب الاحتمالات مفتوح، إذا ما أخذنا تحليل مكان وزمان العملية، سيما وأنه المكان الذي فقد فيه المستوطنون وهو من أكثر المناطق المحروسة إسرائيليًا، ومزدحم دائماً بالإسرائيليين عسكريين ومدنيين، ويعد مربعًا أمنيًا بالنسبة لهم، ما يدل على أنّ تخطيط العملية إما يكون فوق القدرات الإسرائيلية أو ربما أخذ شكلاً آخر.
وفرضت قوات الاحتلال الاسرائيلي طوقاً أمنياً شاملا في الضفة الغربية المحتلة، فيما شنت حملة اعتقالات واسعة في مدن الضفة، إذ اعتقلت عشرات المواطنين الفلسطينيين من بينهم رئيس المجلس التشريعي عزيز دويك ونواب وقيادات من حركتي “حماس” والجهاد الاسلامي”، فيما استمرت عملية المداهمات في القرى والبلدات، وسُجّل استهداف لمواقع للمقاومة في غزة.
هستيريا إسرائيلية
إسرائيلياً، بدت الأيام الثلاثة الماضية مربكة بالنسبة لـ”إسرائيل” التي يبدو أنها فقدت عقلها بعد هذه العملية، إذ أن كل يوم يمر يسجل زيادة في الهستيريا الإسرائيلية، وعقد الاجتماعات العسكرية والسياسية، والنداءات التي وصلت إلى حد الدعوة إلى قتل فلسطيني كل ساعة.
ويؤكد المختص في الشأن الإسرائيلي أكرم عطالله في حديث مع “النشرة”، أن السيناريوهات هذه المرة تبدو مختلفة، خصوصاً عن سيناريو الجندي الإسرائيلي الذي خُطف في غزة منتصف 2006 جلعاد شاليط، إذ أنه “لا يمكن الاحتفاظ بأسرى في الضفة الغربية ولن يتكرر سيناريو شاليط”.
ويلفت عطالله، إلى أن المستوطنين المختطفين ربما يكونون قد قتلوا، لكنّه يرى أن “إسرائيل” تصارع الزمن للحصول على أي معلومات عنهم، مشيراً إلى أنّ الأمر ليس مريحاً بالنسبة لها كما كان في قطاع غزة.
ويضيف: “إسرائيل ستصعد اقتحاماتها في الضفة الغربية المحتلة، لكن هذا لا يعني أن تلجأ إلى تصعيد أكبر في الضفة وقطاع غزة”.
ويتابع: “ما حدث يعتبر مسًّا في هيبة الأمن الإسرائيلي، وإسرائيل تحاول أن تثبت لجمهورها أنها على قدر المسؤولية، من خلال الاجتماعات الأربعة لحكومتها خلال يومين”.
اتهام حماس
وفي ما يتعلق باتهام رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو لحركة “حماس” بالوقوف وراء عملية الاختطاف وهو ما سارعت الحركة إلى نفيه ووصف التصريحات بـ”الغبية”، يؤكّد الخبير الأمني واصف عريقات، أنه لا يوجد أصلاً دليل على وقوف “حماس” وراء العملية، ما يؤشر إلى أنّ نتانياهو لديه مخطط مسبق لتنفيذه في هذه الآونة.
من جهته، يرى المختص في الشأن الإسرائيلي أكرم عطالله، أنّ نتانياهو أراد اتهام “حماس” لسببين أولهما لاظهار أنّ المصالحة الفلسطينية أنتجت إرهابًا ليخرج من عزلة الحكومة الإسرائيلية وموقفها تجاه الحكومة الفلسطينية، والثاني أن “حماس” هي التي تمتلك الامكانيات الأعلى في الضفة الغربية المحتلة، فمن السهل توجيه أصابع الاتهام لها وهذا ما حدث.
أخيراً، يبقى باب الاحتمالات مفتوحاً على مصراعيه، سيما وأن الفصائل الفلسطينية اعتادت بعد تنفيذ أي عملية الاعلان عنها، لأنها تكون ذات بعد سياسي، لكنّ عدم الاعلان من قبل أي جهة، مؤشر على استمرار مزيد من الغموض والشكوك حول العملية ذاتها، وهو ما يدفع “إسرائيل” إلى مزيد من الانتقام من الفلسطينيين.
محمد فروانة – النشرة