من الذي خسر العراق؟ سؤال وجهه فريد زكريا في مقال له نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية. وأجاب زكريا أن نوري المالكي هو الخاسر الأول لأنه هو من قام وحزبه بإقصاء السنة العرب من السلطة ووظف الجيش وقوات الأمن والميليشيات لترهيب خصومه.
ورأى الكاتب أن ما تواجهه حكومة المالكي اليوم شيء متوقع لأن هذا سيناريو تكرر قبل ذلك. فمنذ عام 2003، واجه العراق تمرداً سنيّاً استطاع الجنرال ديفيد بترايوس القضاء عليه من خلال خطته التي استندت إلى إشراك القبائل السنية والميليشيات في العملية السياسية. وقد نجحت هذه الاستراتيجية في كسب الوقت للتوصل إلى اتفاق حقيقي لتقاسم السلطة في العراق بما يُدمج أهل السنّة في هيكل الحكومة.
وقال زكريا إن العراق وصلت الآن إلى مفترق الطريق، فقد أصبحت القوات المعادية للحكومة أفضل hستعداداً وتنظيماً. وسوف تقوى شوكتها أكثر فأكثر بعد حصولها على السلاح والذخيرة ومئات الملايين من الدولارات بفضل استيلائها على الموصل التي تعد ثاني أكبر المدن العراقية.
ونقل الكاتب عن مسؤول كبير على صلة وثيقة بالعراق في إدارة بوش، لم يسمه، قوله: “لم يحاول المالكي أن يُجري تقاسماً واسعاً للسلطة فحسب، فقد تراجع عن جميع الصفقات التي أُبرِمت، وتوقف عن دفع أموال للقبائل السنية والميليشيات، وبدأ يضطهد المسؤولين السنّة الرئيسيين”. وكان نائب رئيس العراق ووزير ماليته من بين المستهدَفين.
وأضاف زكريا أن الاضطرابات التي تحدث في الشرق الأوسط غالباً ما يطلق عليها اسم “الحرب الطائفية”. بيد أن الأفضل وصفها باسم “الثورة السنيّة”. ففي جميع أنحاء المنطقة، من العراق إلى سوريا، يمكنك أن ترى العصابات المسلحة السنية التي قررت أن تواجه القوات غير السنيّة التي تضطهدهم من وجهة نظرهم. وكثيراً ما قامت إدارة بوش بتبرير تصرفاتها بالقول بأن الشيعة هم الغالبية في العراق ولهذا يتوجب أن يحكموا. ولكن الحقيقة هي أن حدود هذه البلاد سهلة الاختراق، وبينما يتواجد عدد كبير من الشيعة في العراق فإنهم يمثلون أقلية ضئيلة في الشرق الأوسط ككل. ولا يجدون أي دعم خارجي من أماكن متنوعة مثل المملكة العربية السعودية وتركيا اللتين تناصران التمرد السني.
وأردف زكريا قائلاً إن إدارة أوباما قررت سحب القوات الأميركية من العراق بحلول نهاية عام 2011 ، ولو أنها أبقت على قوة أمريكية صغيرة في العراق، لكان ذلك أفضل، لمنع انهيار البلاد.