كشف تقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال”، اليوم، أن سرعة انهيار القوات العراقية أربكت الإدارة الأمريكية ودفعت البيت الأبيض إلى عقد اجتماع عاجل لكبار صانعي السياسات والقادة العسكريين.
وقال التقرير إن وزير الدفاع، تشاك هيغل، اتفق في لقاء مغلق مع دول الخليج في جدة خلال شهر مايو الماضي على أمر واحد لأول مرة: القوات الإسلامية التي استولت على أراضي في سوريا والعراق أصبحت تشكل تهديدا للمنطقة كلها بما لا يمكن تجاهله.
ما لم يتفقوا عليه، وفقا للتقرير، هو ما يجب القيام به حيال ذلك، كما كشف مسؤولون أمريكيون. وقالت الصحيفة إن سقوط الموصل وتكريت بيد تنظيم داعش يظهر كيف أن تهديد المسلحين يفوق رد الفعل، ويشكل تحديا لنهج الرئيس باراك أوباما في الحد من تورط الولايات المتحدة في الصراعات الخارجية.
ودفعت الانهيارات السريعة لجيش المالكي إلى عقد اجتماع عاجل في البيت الأبيض، أمس الأربعاء، بين واضعي السياسات وكبار القادة العسكريين الذين أُخذوا على حين غرة، كما اعترف مسؤولون.
ويرى مسؤولون حاليََون وسابقون أن خيارات واشنطن، الآن، لمساعدة الجيش العراقي في القتال مرة أخرى محدودة، لأن التهديد في العراق متجذر ولأن الولايات المتحدة لم تستثمر في بناء دولة حليفة معتدلة على الجانب السوري من الحدود.
وقال قادة عسكريون أمريكيون إنهم اعتقدوا أن جهود قوات الأمن العراقية ستكون كافية لإبطاء تقدم المسلحين، ولكن ثبت خطأ هذه الافتراضات عندما تخلت القوات العراقية عن مواقعها.
واعترف مسؤولون بأن فقدان الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، كان ضربة إستراتيجية للولايات المتحدة التي تشك في قدرة الجيش العراقي على استعادة هذه المناطق مرة أخرى قريبا.
ورأى كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية، وفقا للتقرير، منذ فترة طويلة أن الحرب في سوريا كانت السبب الأكبر في صعود تنظيم داعش، لأنها وفرت لمسلحيه أرضية خصبة للنشاط والتجنيد.
ويعتقد مسؤولو في البنتاغون أنه من غير المرجح أن تسقط بغداد تحت قبضة المسلحين لأنها تخضع لحراسة مشددة من الحكومة العراقية التي يهيمن عليها الشيعة. لكنها أشارت إلى أن الجماعات السنية الأخرى، مثل بقايا الحركة البعثية، قد تحالفت مع داعش، مما أكسبها قوة وزخما.
وقال التقرير إن الأحداث الأخيرة في العراق أظهرت المخاطر المحتملة لنهج السياسة الخارجية للإدارة الحالية، والذي أفصح عنه في كلمة ألقاها في الأكاديمية العسكرية الأمريكية في “وست بوينت” الشهر الماضي، إذ إن أوباما يفضل بصمة أخف ثقلا للجيش الأمريكي، ودعوة الحلفاء الإقليميين، متى كان ذلك ممكنا، لأخذ زمام المبادرة في محاربة التهديدات الإرهابية في ديارهم.
ولكن الحلفاء، وخصوصا في منطقة الخليج وفقا للتقرير، تعودوا على ترك أمر التحرك للولايات المتحدة وأخذها لزمام المبادرة في جهود مكافحة الإرهاب في جميع أنحاء العالم، كما يقول مسؤولون. “هل هم على استعداد للتصعيد؟”، كما تساءل مسؤول أمريكي كبير مستنكرا، ليستطرد قائلا: “من الممكن أننا ضحايا قيادتنا”.
بينما يقول أنصار سياسة أوباما إن إحجام الإدارة الأميركية في تحمل المسؤولية تجاه المناطق التي خرجت عن السيطرة، من ليبيا إلى سوريا والعراق، يعكس موقف الرأي العام الأمريكي والإرهاق العسكري بعد أكثر من عقد من الصراع.
“الولايات المتحدة لم تعد قادرة على أن تكون عمدة العالم بأسره”، كما صرح نائب ديمقراطي بارز عضو في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب في مقابلة معه. وأضاف: “إنه لا يمكننا أن يكون في كل مكان، كما لا يمكنا دائما استخدام الأحذية العسكرية على الأرض، وعلينا أن نخطط مع الناس الذين لديهم القوات على الأرض”.
في حين يقول مسؤولون عرب، كما أورد التقرير، إن الولايات المتحدة ساهمت في صعود المسلحين من داعش من خلال فشلها في دعم القوات الأكثر اعتدالا في المعارضة السورية.