بعد شهر من تولي المشير عبد الفتاح السيسي قيادة مصر عسكريا وإطاحته بحكم الإخوان والرئيس المصري المعزول محمد مرسي، قال مقربون من القيادي المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، إن أسهم الرجل في مصر آخذة بالارتفاع ويجتمع بأعضاء هيئة الأركان الحربية على أعلى المستويات بتوصية مباشرة من السيسي نفسه.
وذهب المقربون إلى أبعد من ذلك بالقول إن مكانة دحلان تتعدى ذلك، إذ تحط طائرته بمطار القاهرة ويتكفل به رجال الحماية المصرية وحراسة النظام ويجتمع مع أعلى الرتب العسكرية المصرية.
وقد مّر الكثيرون عن هذه المعلومات مرور الكرام، إلا أن ما كشفت عنه وسائل الإعلام المصرية عن أجواء متوترة بين القيادة الفلسطينية والمصرية في حفل تنصيب السيسي رئيسا للجمهورية، يعيد إلى الأذهان ما قاله المقربون من دحلان سابقا، وليؤكد بأن للزعيم المطارد داخل مقاطعة رام الله مكانة خاصة في أروقة القرار المصري الجديد، إلى حدَ وضع العلاقة مع الرئيس الفلسطيني تحت علامة استفهام كبيرة بعد توجهه نحو المصالحة مع حركة حماس، على حساب المطلب المصري بالمصالحة داخل حركة فتح وترميم البيت الفتحاوي، ولتطرح تساؤلا ما زال المحللون يبحثون له عن إجابة، ألا وهو: هل ترفض مصر (السيسي) الخدمات الحمساوية التي أفرزتها المصالحة وتُبقي رهانها على رجل الإمارات؟
وهل رهان السيسي والحربية المصرية على دحلان نابع من إعادة الابن إلى حضن أمه، وإعادة القضية الفلسطينية والقرار الفلسطيني إلى الحاضنة المصرية، بعد أن عاشت فترة فطام أعقبت الثورة المصرية، واعتماد القيادة الفلسطينية على الدعم الأوروبي والعربي نظرا لغياب الدعم المصري؟
وكان موقع صحيفة “العربي الجديد” قد كشف أمس عن التوتر في العلاقة بين الرئيس عباس والقيادة المصرية في حفل تنصيب “المشير” رئيسا لمصر، ونقلت أن الرئيس عباس قال إن دحلان مسؤول إماراتي ولا علاقة له بالحركة الوطنية الفلسطينية.
والمقربون من دحلان لا يخفون أن القيادي المفصول من حركة فتح ويقيم في دبي وضع الإمارة الخليجية في الواجهة من خلال مصر.
وبحسب المصادر المصرية، طلب الرئيس عباس من رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، محمد التهامي، التدخل لمنع حضور دحلان حفل تنصيب السيسي، وإلا سينسحب ويعود إلى رام الله، فطلب التهامي بعض الوقت للتدخل، وبعد أربع ساعات جاء الرد سلبياً، ومفاده أن السيسي مُصرٌّ على حضور دحلان لولا أن مسؤولين سعوديين تدخلوا في اللحظات الأخيرة، لمنع تفجّر أزمة بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والسلطات المصرية خلال حفل تنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي اقتنع بوجهة نظر السعوديين، بأنه لا داعي لحضور دحلان الحفل، لكن ذلك أزعج ولي عهد أبو ظبي الذي أعرب عن استغرابه إزاء الحادثة، فاستبق السيسي الأمر بدعوة محمد بن زايد ودحلان إلى منزله في جلسة خاصة ليل السبت/ الأحد.
وكان السيسي قد طالب عباس عقب انقلاب الثالث من يوليو 2013 بإجراء مصالحة مع دحلان “بدلاً من التركيز على مستقبل العلاقة مع حركة حماس والمصالحة معها”، في ظل التوتر بين القاهرة والحركة عقب عزل الرئيس محمد مرسي.
وفي هذا الصدد، قالت مصادر لعرب 48 إن المشير السيسي سأل الرئيس الفلسطيني: “ما حال حركة فتح في الضفة وغزة؟ وكيف هي أوضاعها؟ ليرد عليه الرئيس الفلسطيني مطمئنا. غير أن السيسي رد بالقول: مصادرنا تقول غير ذلك، والأفضل من الذهاب للمصالحة مع حماس إصلاح الوضع داخل حركة فتح”.
وأضافت أن هذه الواقعة أظهرت الخلل في العلاقة بين القيادة العسكرية المصرية حينذاك وبين القيادة الفلسطينية، وبينت أن الانسجام بين القيادتين أصابه عطب بعد دخول دولة الامارات العربية المتحدة بملياراتها وبرجلها المؤثر محمد دحلان على الخط المصري بقوة بعد إسقاط الإخوان المسلمين عن السلطة في مصر.
وتقول مصادر أخرى إن ما كشفت عنه وسائل الإعلام المصرية من توتر في العلاقة بين القيادة المصرية الجديدة والقيادة الفلسطينية، يظهر عدم الانسجام بين الطرفين فيما يتعلق بدحلان من جهة، وبحماس من جهة أخرى، ليبقى السؤال مفتوحا حول إصرار السيسي على دعوة دحلان لحفل التنصيب، فهل المال الإماراتي الذي أنعش انقلاب السيسي على الإخوان المسلمين يلعب دوره في إعادة رسم خريطة العلاقات المصرية بحلفائها الجدد والقدامى؟
المصدر: موقع عرب 48