اشتهر المصريون بالفكاهة وخفة الظل بين العرب، وتوضح دراسة أن النكتة أو السخرية ليست فقط مجرد وسيلة لمقاومة الحكام الطغاة والمحتلين الذين تعاقبوا على مصر على مر التاريخ بل إنها قد تتحول إلى ثورة مع تفاقم الأوضاع.
وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية انتفض المصريون مرتين وأطاحوا برئيسين هما حسني مبارك في 2011 ومحمد مرسي بعدها بنحو عامين بعد احتجاجات شعبية.
وبينما يتوجه المصريون لاختيار رئيس جديد في انتخابات يومي الاثنين والثلاثاء توضح الدراسة التي نشرها الدكتور محمد حسام الدين إسماعيل في كتابه “ساخرون وثوار .. دراسات علاماتية وثقافية في الإعلام العربي” أن النكتة المصرية ليست مجرد وسيلة للتنفيس عن قهر سياسي فحسب بل إنها إذا ما توفرت الظروف وازدادت الأوضاع ترديا قد تؤدي إلى ثورة شعبية.
ويحذر إسماعيل في كتابه أن السخرية إذا اعتبرت إحدى آليات المقاومة السلبية فإنها قد تتراكم بشكل يؤدي إلى المقاومة ثم إلى الثورة على خلفية من التردي المجتمعي في كل المجالات.
ويقول في كتابه “النكتة أو الفكاهة أو السخرية كانت وسيلة مصرية لمقاومة الطغاة الأجانب أو المحتلين وإن كانت السخرية لم تمنع أن يتعاقب هؤلاء الطغاة على مصر”.
لكن السخرية السياسية التي تأتي في إطار خطاب سياسي متماسك تقدم رؤية مختلفة للواقع باتجاه تغييره، وهي وسيلة فعالة لمقاومة سياسية من نوع ما، وذلك بعد أن تحولت مصر إلى (كارت بوستال وصورة ولوحة بلا حراك أو تغيير على حد تعبير الكاتب الساخر الراحل جلال عامر).
وسائل السخرية وأنواعها
ويحدد إسماعيل في كتابه الصادر عن دار العربي للنشر والتوزيع ويقع في 262 صفحة متوسطة القطع وسائل للسخرية هي التورية أو التلاعب بالألفاظ والمفارقة والمحاكاة الساخرة والعبث والمضاهاة والمقارنة والتساؤل الساخر والمبالغة.
كما يرى الكاتب أن الثقافة المصرية المستمدة من روافد عدة منها العربية والإسلامية تظهر في خطاب الكاريكاتير المرسوم والمكتوب على حد سواء “لتؤدي دورا رئيسيا هو المقاومة بالخطاب إذ يؤسس الكاريكاتير خطابا مناهضا لخطاب النخبة السياسية المصرية المتحالفة مع نخبة اقتصادية”.
ويشدد على أن “رسامي الكاريكاتير.. فئة تنتمي للطبقة الوسطى المصرية التي تصنع خطابا مقاوما ومناهضا لخطاب رجال الأعمال والسلطة السياسية المتحالفة معهم من جهة وهو الخطاب المقاوم والمناهض من جهة أخرى لخطاب الواقعية المبتذلة – إن جاز التعبير- وهم هؤلاء المسلّمون بالأمر الواقع في علاقة رجال الأعمال بالسلطة السياسية وعلى رأسهم بالطبع خطاب الإعلام القومي أو الحكومي”.
ويورد الكاتب أوجه هذا الخطاب المقاوم المناهض لرجال الأعمال ومنها “تشبيه رجال الأعمال بالمماليك الجدد وهجاء زواج السلطة بالثروة وإظهار الثنائيات المتعارضة وتشبيه رجال الأعمال بالحيوانات كنوع من الهجاء السياسي والاجتماعي وأخيرا خلق أسطورة توحش رجال الأعمال”.
ويشير إسماعيل إلى أن التحليل المجازي لتجليات الأنظمة العربية التقليدية كشف عن أن “الرسامين العرب قد وصموا هذه السلطة بتشبيهات الضعف أو الضعة وافتقاد الحس الأخلاقي فهي خائفة مرتعشة بدائية تخدع نفسها … مزورة مضللة قزم في مواجهة عملاق ضد حرية الإعلام”.
وسائل الاعلام الرسمية خسرت المعركة أمام الإعلام الخاص
وينتقد إسماعيل وسائل الاعلام الرسمية العربية ويؤكد أنها خسرت المعركة أمام الإعلام الخاص الذي سحب السجادة منها وانحسرت عنها الأضواء بعدما كانت وحيدة في الساحة مستأثرة بعقل ووجدان المشاهد.
ويقول “خسر (الإعلام الرسمي) هيبته بعد دخول الإعلام الخاص طور السيادة على الإعلام العربي وانسحبت الأضواء عن هذا الإعلام الرسمي وهرب نجومه إلى الإعلام الخاص … يأخذ أوامره من أسياده فقير الخيال وغير مهني ولا يجد المنتمي إليه شيئا يحفزه ليبدع ويجود”.
ويخوض انتخابات الرئاسة المصرية عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع السابق في مواجهة السياسي اليساري حمدين صباحي. ومن المتوقع على نطاق واسع أن يفوز السيسي بالانتخابات في ظل تمتعه بشعبية كبيرة على ما يبدو.
المصدر: رويترز