لم يخطر ببال المشرف العام المؤقت على المدارس الحكومية في مقاطعة ريالتو بولاية كاليفورنيا محمد إسلام أن ما بدأ كواجب مدرسي يتعلق بتمرين الطلاب على التفكير النقدي، سيصبح قضية رأي عام أميركي، تنتهي باعتذار صريح منه ينشر على صفحات جريدة لوس أنجليس تايمز.
فقد طلب محمد إسلام من طلاب الصف الثامن الطلاب كتابة مقالة جدلية حول المحرقة تحت عنوان: “هل تعتقد أن المحرقة قد حدثت فعلا أم أنها مجرد مخطط سياسي يهدف للتأثير على عواطف الناس واكتساب الثروة.”
وطلب منهم الاستعانة بثلاثة مصادر مدرجة على شبكة الإنترنت من أجل كتابة 18 صفحة وهي: biblebelievers.org.au ،و history.com و about.com .
ويقول أحد المصادر الثلاثة إن المعلومات التي ذكرت عمليات الاعدام بالغاز في معسكرات الاعتقال كانت “خدعة “، وأنه لم يظهر أي دليل على مقتل يهود في غرف الغاز، ناقلا عن موقع biblebelievers.org.au قوله إن الوقت حان لوقف “التضحية بالناتج الأميركي لمصلحة إسرائيل، وإنفاق هذا المال على المواطنين الأميركيين”.
ويضيف أنه “من السهل أن نفهم لماذا تخضع خدعة الهولوكوست لهذه الحراسة المشددة”، داعيا إلى المساعدة في تحطيم هذه “الأسطورة المربحة” بكل الأساليب الممكنة.
وقد اتصل موقع “راديو سوا” بالسيد إسلام، إلا أن مديرة مكتبه قالت إنه لا يرد على أسئلة الصحافيين، وأحالتنا إلى الموقع الإلكتروني للمقاطعة لمتابعة أي جديد في الموضوع.
ولم يسجل أي حضور للسيد إسلام (57 عاما) على مواقع التواصل الإجتماعي، إلا أنه يقول في أحاديث صحافية إنه ولد في بنغلاديش، وجاء إلى الولايات المتحدة حيث حصل على شهادتي الإجازة والماستر من جامعة وودبري في بيربانك. وعمل في القطاع الخاص قبل أن ينتقل إلى قطاع التربية الذي قضى به 27 عاما.
و بعد توالي ردود الفعل الغاضبة من أولياء الطلاب على ما جاء في التمرين المنزلي، نشرت صحف أميركية عن إسلام قوله: “من أعماق قلبي، أشعر بالأسف لكل ما يحصل، و أتحمل كامل المسؤولية عن ذلك”.
أما المتحدثة باسم إدارة التربية بمقاطعة ريالتو سييدا جفري، فقالت: “كان هذا خطأ، يجب أن يصحح، وسيصحح”، مشيرة إلى أن الإدارة لم تعلم بالواجب إلى أن تلقت بريدا إلكترونيا حول ذلك، واعتبرت الأمر “علامة سوداء” في تاريخ الإدارة.
كما قرأتْ بيانا نشر على الموقع الرسمي للمقاطعة يقول “علمنا باللغط الدائر حول الواجب المعطى للصف الثامن خلال الربع الثالث من العام الأكاديمي.
الهدف من هذا الواجب كان ممارسة مهارات التفكير النقدي، ولم يكن هناك أي نوايا عدائية في صياغة من هذه المهمة. نحن نأسف لأنه قد تمت إساءة تفسيرها. ونحن نتفق مع ما قاله الموقع الإلكتروني لمتحف الهولوكوست الأمريكي: تدريس تاريخ المحرقة يتطلب مستوى عال من الحساسية والوعي لشدة صعوبة الموضوع وتعقيده.”
وثمّن البيان التعقيبات التي قدمتها “رابطة مكافحة التشهير” التي انتقدت ما جاء في التمرين المنزلي بشدة، مشيرا إلى أن المقاطعة تشترك بالأهداف ذاتها “عندما يتعلق الأمر بطلابنا ومجتمعنا. وسوف نوفر مراجعة إضافية في المستقبل لطلبات الواجبات المدرسية. لضمان طرح مواضيع مناسبة.”
وختم بالقول إن “القيم الأساسية لمدارس منطقة ريالتو الموحدة تبقى التميز والمساءلة، والتنوع والنزاهة والمجتمع والسلامة”.
جاء ذلك في اجتماع طارئ عقده أعضاء مجلس إدارة التربية بالمقاطعة، بحضور كثيف للشرطة، بعدما أبلغت بتلقي الإدارة تهديدات بالقتل.
يذكر أن الواجب الدراسي كان قد أعطي في كانون الأول ديسمبر من العام الماضي، وتم تسليمه وتقييمه في شباط/فبراير من العام الحالي.
إلا أن موجة الجدل لم تخفت منذ ذلك الحين، فقد نقلت صحيفة لوس أنجليس تايمز عن أحد أولياء الطلاب مطالبته بمعرفة إن كانت هناك “أجندة” للأشخاص الذين صاغوا الواجب الدراسي.
كما قالت طالبة تدعى أوروكي بوغويام إنها قد أكملت الواجب، ودافعت عن تاريخ المحرقة، لكنها شعرت بالإساءة، مضيفة أن فكرة الواجب كانت سيئة، وطالبت الإدارة بالاعتذار عن الفكرة التي تمت زراعتها في عقول الطلاب.
و حذرت “رابطة مكافحة التشهير” من خطورة ما يطرحه هذا الواجب، نظرا للحجم الكبير للمعلومات الخاطئة في الموقع الذي ينفي حدوث المحرقة، إلا أنها أضافت أنه لا يوجد دلائل على أن الواجب المدرسي كان جزءا من أجندة مخفية أوسع، بل اعتبرته محاولة “غير موجهة” لتلبية معايير التفكير النقدي الصحيح.
أما عضو الكونغرس مارتي بلوك فقال في بيان صحافي إنه سعيد لأن المقاطعة ألغت الواجب، آملا في استمرار الطلاب والمربين في التعلم عن الهولوكوست، والتنبه للنتائج الكارثية التي أدت إليها.
تربويا واجتماعيا و أخلاقيا، فإن العلامة التي يستحقها هذا الواجب هي “راسب”. وأضاف، لقد انكسر شيء ما، ويتعين الآن إعادة إصلاحه.
وقال الحاخام أبراهام كوبر العميد المساعد في مركز سيمون ويسنثال في لوس أنجليس إن “لا أحد يصدق أن الهدف من الواجب الدراسي كان التفكير النقدي”، مقترحا أن تتم إعادة تدريب المدرسين على موضوع الهولوكوست، وفرض زيارات سنوية إلى المتحف، عارضا أن يعمل مع المقاطعة التربوية على تحقيق هذا الهدف.
وأوضح: “تربويا واجتماعيا و أخلاقيا، العلامة التي يستحقها هذا الواجب هي راسب”. وأضاف، “لقد انكسر شيء ما، ويتعين الآن إعادة إصلاحه”.
تجدر الإشارة إلى أن الإحصائيات تشير إلى وفاة ملايين اليهود في مجازر الهولوكوست، على أيدي القوات النازية إبان الحرب العالمية الثانية، وقد حمل لواء إنكار المحرقة الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل أن يعود الرئيس الحالي حسن روحاني ويعترف بحصولها.
ويتخوف ناشطون في مجال حماية حقوق الأقليات في الولايات المتحدة من أن يكون ما جاء في التمرين المنزلي، جزء من تيار معاداة السامية في البلاد، خاصة مع حادثة إطلاق النار الأخيرة التي استهدفت حيا يهوديا في كنساس، إذ صاح المعتدي بالتحية النازية “هايل هتلر” قبل أن يطلق النار على مدنيين يهود.
راديو سوا