رغم تأكيد الكنيسة الارثوزوكسية في مصر ان زيارة البابا تواضروس الأولي إلي الإمارات لمدة خمسة أيام هي “زيارة رعوية” – أي دينية – هدفها ترأس “القداس الإلهي” صباح السبت بكاتدرائية الأنبا أنطونيوس بأبو ظبى، وقداس الأحد ، إلا أن الاستقبال السياسي للبابا في الإمارات ولقاءه الشيخ خليفة بن زياد ، والحراسة الأمنية المشددة ونقله بطائرة خاصة من القاهرة ثم طائرة رباعية إلي القصر الرئاسي واستقباله وفودا سياسية ، أثار تساؤلات حول أهداف الزيارة الحقيقية ، والدور السياسي العلني الذي يلعبه البابا والكنيسة في دعم الانقلاب في مصر .
حيث يلتقي البابا تواضروس رئيس الإمارات وعدد من المسئولين السياسيين ، واستقبل الهارب محمد دحلان رئيس جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني السابق ، والذي لعب دورا في محاربة الإخوان وحركة حماس ، كما تردد أنه سيلتقي أحمد شفيق رئيس الوزراء السابق والذي يتردد أنه يتحين الفرصة للتضحية بالسيسي وتولي الرئاسة ، خاصة أن اللجنة التي تدرس احتمالات تزوير انتخابات الرئاسة 2012 أعلنت قرب إصدار تقريرها رغم إعلان رئيس محكمة الاستئناف إنهاء عملها .
وأثيرت تكهنات حول أن الهدف من الزيارة هو طلب مزيد من الدعم المالي لسلطة الانقلاب خشية انتصار معارضي الانقلاب بعد احتراق صورة السيسي واستمرار المظاهرات بقوة ، وكذا تلقي الشكر علي دعم الكنيسة للانقلاب بحشد أبناءها ، حيث قال البابا خلال لقاءه الجالية القبطية في أبو ظبي : “جئت في هذه الزيارة خصيصا لتقديم الشكر لدولة الإمارات وكل الأسرة الحاكمة، على دعمهم القوي الذي قدموه ويقدمونه لمصر وهي تجتاز هذه الأيام مرحلة مهمة .. والأشقاء الذين يظهرون في الضيقات فإنها الصديق الذي يظهر معدنه في الضيق “.
بيد انه أثيرت تكهنات أخري أن الزيارة لها علاقة بمخطط للتضحية بالمرشح الرئاسي السيسي ، بعدما أستهلك دوره ، ونشرت تسريبات كنسية عن مغزي لقاء وفد تواضروس مع الفريق أحمد شفيق الهارب في الإمارات تتلخص في أن الكنيسة لم تعلن دعم السيسي لأن تواضروس قرر التخلي عن السيسي لاجل شفيق .
وقال عصام مدير الباحث في شئون التنصير والشأن القبطي ومقارنات الأديان وعضو حملة أحمد ديات سابقا ، أن الدليل علي هذا تصريح اتحاد المنظمات القبطية أن شفيق هو مرشح كنائس مصر ، وقول تواضروس أن الكنيسة لن تؤيد مرشح معين ، وتغيير بعض الأسماء القبطية التي كانت تستميت في الدفاع عن السيسي لموقفها من السيسس 180 درجة ، كما أنه لم يصدر تصريح كنسي واحد من اي قس تابع لتواضروس يشجب ويندد ويستنكر الهاشتاج المسيء للسيسي .
وهاجم امارتيون علي مواقع التواصل الاجتماعي زيارة تواضروس للإمارات معتبرين “أنها وصمة عار على جبيننا كـ اماراتيين” ، وقالوا أن الإمارات استقبلت وزير إسرائيلي والبابا تواضروس ومسئول كنسي غربي ومتطرف ، وتسمح بنشر التبشير بالمسيحية عبر عشرات الكنائس في دبي وأبو ظبي والشارقة ، وتفتح البابا لتواضروس ليبشر بالمسيحية .
وقال تواضروس في خطابه أن الإمارات هي “أولى الدول العربية التي قدمت له دعوة لزيارتها” ، فيما قال مرافقون أنها المرة الأولى التي يقوم فيها رئيس دولة عربية بإرسال طائرة خاصة لنقل بابا الإسكندرية للخارج ، وذهب لزيارة مسجد وضريح الشيخ زايد عقب وصوله مباشرة .
الامارات مرتع للتبشير
ووفقًا بيانات التعداد السكاني، فإن 76% من مجموع السكان في دولة الإمارات العربية المتحدة هم مسلمون، و9% مسيحيون، و15% ديانات الآخرى ، والتقديرات السكانية تشير إلى أن عدد المسيحيين في دولة الإمارات العربية المتحدة يصل إلى حوالي 500 ألف مسيحي يتركز غالبيتهم في أبو ظبي، العين، دبي والشارقة .
ويشكل الكاثوليك غالبية المسيحيين المقيمين في الإمارات ولديهم سبع كنائس حسبما أكد الأب فرانسوا من كنيسة القديسة مريم في دبي التي تستقبل أسبوعيا عشرات الآلاف من المصلين حسبما يقول ، وتنظم فيها صلوات وقداسات على مدار الساعة بلغات عدة، كما تضم الإمارات كنيسة انغليكانية وعدة كنائس بروتستانتية وأرثوذكسية أبرزها الكنيسة الجديدة والضخمة للأقباط الأرثوذكس التي دشنها في أبو ظبي البابا شنودة الثالث في ابريل 2007 ، بخلاف كنيسة روسية وضع الرئيس الروسي (السابق) فلاديمير بوتين جحر الأساس لها في الشارقة في العام نفسه .
وتضم الإمارات العربية المتحدة التي تفاخر بانفتاحها وتعدديتها الثقافية، عدة كنائس يمارس فيها مئات ألاف المسيحيين الوافدين ومعظمهم من الهند والفيليبين والعرب والغربيين، شعائرهم ، ويطالب قساوسة هناك بمزيد من الكنائس لمواكبة العدد المتزايد للمسيحيين كما يقولون ، وقد ساهم في ذلك تزايد العمالة الأجنبية الأسيوية والأجنبية بصورة ضخمة يشكل المواطنون حوالي 15.4% فقط من سكان الإمارات والباقي وافدون بحسب دراسة شبه رسمية.
محمد جمال عرفة