كشف تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، كتبه مراسلها في الرمادي، أن وزير الدفاع العراقي، سعدون الدليمي، أدار المعركة ضد الأنبار، أخطر محافظة بالنسبة للجنود الأمريكيين خلال الحرب على العراق، وهذا منذ أربعة أشهر.
وقد أرسل جيش المالكي 42 ألف جندي هنا في محاولة لقمع الجهاديين والثوار المقاومين من رجال القبائل المعادية، الذين يشكلون أكبر اختبار للجيش العراقي والحكومة التي يقودها الشيعة في البلاد منذ انسحاب القوات الأمريكية منذ حوالي ثلاث سنوات.
ورأى كاتب التقرير أن المعركة مليئة بالمزالق والفخاخ المحتملة. ومن شأن فشل الحكومة في استعادة السيطرة على الانبار التي يهيمن عليها السنة أن تهدد وحدة البلاد. ولكنَ هجوما عسكريا متصاعدا يمكن أن يعمق الغضب في أوساط الأقلية السنية في البلاد وتأجيج نيران الحرب الطائفية.
وقد بدت المعركة أكثر صرامة مما كان متوقعا، حيث قُتل مئات من الجنود ويواجه الجيش الفرار الجماعي. وتقول الحكومة إنها غير قادرة على وقف تدفق المسلحين الشرسين عبر الحدود مع سوريا، والذين غالبا ما يكونون أفضل تجهيزا من القوات العراقية.
حتى (الوزير) الدليمي وجد نفسه في خط النار في مقر مؤقت له في أحد قصور الرئيس المخلوع صدام حسين. وسقف مكتبه يتدلى، حيث ضُرب بقذيفة مورتر قبل أسبوعين. وقد تعرضت طائرته المروحية للنيران مرتين، كما أطلق قناص الرصاص من نافذة منزله بينما كان (الدليمي) نائما.
ولا تزال الفلوجة، 30 ميلا إلى الشرق من بغداد خارج نطاق سيطرة الحكومة تماما بعد أن اجتيحت على يد مسلحين من الجهاديين ورجال القبائل المناهضة للحكومة.
الرمادي، عاصمة المقاطعة، أُخضعت إلى حد كبير، وفقا للكاتب، ولكن وابل مستمر من المدفعية يُطلق من قاعدة الجيش الرئيسية في المدينة، وحتى الآن لم يتم تأمين العديد من الأحياء. ومضات من الانفجارات تضيء بشكل متقطع مشارف المدينة.
“لقد دمرت الحرب هذا البلد منذ عام 1980″، كما صرح الدليمي، في إشارة إلى بداية الحرب بين إيران والعراق، وأضاف: “مرة أخرى، نحن في خضم الحرب. ولكن هذه المرة، لسوء الحظ، نحن نقاتل ضد أنفسنا لسوء الحظ”.
مثل الولايات المتحدة قبل ذلك، كما أفاد التقرير، كانت الحكومة العراقية تحاول تجنيد رجال القبائل السنية للمساعدة في الحرب. ولهذا، يقضي (الوزير) الدليمي، الذي ينحدر من أكبر قبائل الأنبار، الكثير من وقته في التفاوض مع زعماء القبائل.
وقد اتُهم رئيس الوزراء العراقي الشيعي نوري المالكي بتعميق الانقسام الطائفي في العراق من خلال عزل الأقلية السنية في البلاد. وقد رشحت استطلاعات الرأي حول الانتخابات البرلمانية الأسبوع الماضي حزبه ليكون في الصدارة، مما يثير مخاوف حول ولاية ثالثة مدتها أربع سنوات تحت حكمه، ماذا تعنيه لهذه المحافظة.
ولكن مثل غيره من المسؤولين الحكوميين، يُلقي الدليمي باللوم على التأثيرات الخارجية مثل الحرب في سوريا المجاورة، التي تدخل الآن عامها الرابع.
ويقول قادة عسكريون إن الصراع في سوريا زاد من مشاكل الأنبار. فالعراق غير قادر على السيطرة على حدودها، وكل أسبوع تجتاز 40 إلى 60 سيار محملة بمقاتلي “داعش” الحدود، وفقا لقائد عمليات الأنبار، اللواء رشيد فليح.
ويقول إن طائرات هليكوبتر المسلحة بصواريخ هيلفاير التي تقدمها الولايات المتحدة يمكن أن تضرب سيارتين فقط في وقت واحد، وغالبا ما تسافر قوافل المركبات خلال الطقس العاصف لإخفاء تحركاتهم.
ودعا “فليح” الولايات المتحدة للوفاء بوعودها بتزويد العراق بمقاتلات F- 16 ومروحيات أباتشي.
واعترف بأن الجيش العراقي، كما عليه حاله الآن، يكافح.
وقال إن الجيش لم يقف على قدميه مرة أخرى بعد أن تم تفكيكه بعد الغزو عام 2003، رغم التدريبات الأمريكية الواسعة. وفي الوقت نفسه، يضيف “فليح”، فإن العديد من متشددي “داعش” قضوا سنوات من القتال في سوريا واليمن، وبينهم قناصة مدربون تدريبا جيدا وصانعو قنابل، فضلا عن عدد متزايد من المقاتلين الأجانب من أوروبا والشيشان وشمال أفريقيا.
وقال إنه غالبا ما يتفوقون المقاومون المجهزون بأسلحة متطورة مثل الصواريخ المضادة للدبابات التي تطلق من الكتف على الجنود العراقيين. واعترف “فليح” قائلا: “لم يشهد الجيش العراقي تحديا بهذا الحجم والضخامة منذ عام 2003”.