يعيش رئيس تحرير صحفية القدس العربي سابقا عبد الباري عطوان عزلة قاتلة، بعد إسقاط اسمه من قائمة الضيوف المعتمدين لدى قناة الجزيرة، وذلك منذ إقالته من الصحيفة القطرية، التي حولها في لحظة ما إلى بوق ناطق باسم النظام السوري، على حد الممول الذي نفذ صبره من ممارسات الرجل فقرر الاستغناء عن خدماته.
ومنذ تغييبه عن شاشة الجزيرة، اقتصر ظهور عطوان على قناة المياديين التي تبث من العاصمة اللبنانية بيروت وتملكها الحكومة الإيرانية.
لكن هذه القناة ظلت تفتقر منذ انطلاقتها منتصف 2012 إلى حجم المشاهدة الذي يلبي طموحات عطوان وفق استطلاعات الرأي المحايدة، ما دفعه إلى الاستعانة بالقيادي الفلسطيني السابق في حركة فتح محمد دحلان، المقيم في دولة الإمارات، عله يساهم في كسر عزلته من خلال ظهوره على القنوات العربية والمصرية الممولة من الإمارات والسعودية.
وفي هذا الخصوص، قالت مصادر إماراتية مقربة من عطوان إنه قدم طلب رجاء إلى دحلان، لاستغلال نفوذه لدى ولي عهد أبو ظبي محمد زايد، واستضافته على قناتي العربية (السعودية) وسكاي نيوز الممولة من الإمارات إضافة إلى بعض القنوات المصرية.
ونقلت المصادر عن عطوان قوله مخاطبا دحلان “لقد عوضتني الإمارات ماليا، لكنها لم تعوضني عن المشاهدين!”.
وهنا رد دحلان بالقول إن “السعودية لم تنسى إساءاتك (عطوان) المتكررة بحقها، وهو ما يصعب ظهورك على قناتها” في إشارة إلى العربية.
وأضاف “ظهورك على القنوات الإماراتية أسهل بكثير من الظهور على تلك السعودية، وظهورك على سكاي نيوز مثلا مشروط بعدم تجاوز الهجوم على قطر، والابتعاد عن أي خطاب ترويجي من شأنه أن يصب في مصحة إيران”.
وكان عطوان أعلن منذ إطاحته عن القدس العربي تأييده المطلق للإمارات، وسياساتها المثيرة للجدل في المنطقة، عوضا عن العداء الشديد الذي تضمره الأخيرة تجاه قطر، بسبب مواقفها الداعمة لانتفاضات الربيع العربي.
وقد حصل عطوان على تمويل ضخم من منصور بن زايد، بعد إقالته من الصحيفة القطرية، لتأسيس موقع يستوعب “القوى الثورية” في العالم العربي، بدل أن تتفرد بها قطر.
وبموازاة الدعم الذي يتلقاه من الإمارات، لا يتردد عطوان عن تقديم فاتورة يومية لداعميه الإيرانيين والسوريين، لا سيما بعد انتقاله لترؤس صحيفة رأي اليوم الإلكترونية الصادرة في لندن والمملوكة لطهران، عوضا عن ترؤس صحيفة العرب اليوم الصادرة في عمان، والتي سرعان ما تحولت إلى مرتع يقصده عديد الكتاب والصحافيين المحسوبين على نظام الأسد.
والمؤكد أن عطوان نجح سريعا في الانتقال من الحضن القطري إلى الحضن الإيراني، إذ لم يكن خافيا على أحد أنه كان على علاقة وطيدة بقطر، التي مدّته بكل ما يلزم من مال وإسناد، وكان لها الفضل في ظهوره لسنوات على قناة الجزيرة.
وفي تلك الفترة تحديدا، كانت لعطوان علاقات حسنة مع ليبيا والإمارات والأردن وسوريا وإيران، وهي دول لم تكن على وفاق مع قطر في كثير من الأحيان.
وفي الوقت الذي كانت المنظمات الحقوقية الدولية تتحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات مثلا، كانت عطوان يغمض عينه.
وكان ثمن ذلك الإغماض ملايين الدولارات من شيوخ الإمارات.
وفي الأردن كان يجري استقبال عبدالباري في المقصورة الملكية بالمطار، وتتولى التشريفات الملكية ترتيب إقامته، ذلك كله لم يكن يغضب المالك القطري للقدس العربي، التي لم يكن رئيس تحريرها سوى موظف فيها.
ما أغضب القطريين في نهاية المطاف، هو موقف عطوان من الثورة السورية.
وقد كرس الأخير الصحفية لصالح رواية النظام من خلال مراسله في دمشق، مع ان الصحيفة ظلت ممنوعة دخول العاصمة السورية فترة طويلة.
وفي مقالاته ظل عطوان يخدم النظام السوري، من خلال هجومه على الثورة والثوار.
ولم يكن خافيا على ملاّك الصحيفة القطريين أيضا، علاقة عبد الباري بالإيرانيين، لكن تلك العلاقة قبل الثورة السورية كانت في صالحهم، خصوصا أيام حرب تموز، وتبلور ما عرف بمحور الاعتدال العربي في حينه.
لكن صبر القطريين نفذ بعد مرور أكثر من عامين على الثورة السورية، وقرروا الاستغناء عن عطوان دون تردد.
الجمهور