«صوت المعارضة في مصر مكتوما، لكنه ليس صامتا»، هكذا وصفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، الكاتب والناقد والسيناريست بلال فضل، الذي خصصت له بروفايل، استعرضت خلاله نشأته وبدايته مع الكتابة ومواقفه المعارضة من حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، ثم المجلس العسكري الذي تولى إدارة البلاد عقب الإطاحة به في 11 فبراير 2011، والتي استمرت في عهد محمد مرسي، وصولا إلى منع مقال له ينتقد فيه المشير عبد الفتاح السيسي، في الصحيفة التي كان يكتب بها مقالاته ، ورفض بقية الصحف في مصر استكتابه مجددا.
«أفلامه مبتذلة.. وتدمر ذوق الجمهور»، قالها النقاد عن أفلامه، واشتد الهجوم عليه بشدة عندما جاءت جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة العام الماضي، وصفه أحد الدعاة بـ«مؤذن الشيطان»، ولكن بعد عقدين من الاستهزاء والسخرية من أقوياء دولته ككاتب مقال وسيناريو، الآن فقط تم وضع اسم بلال فضل على القائمة السوداء.
«جريمته.. عمود في صحيفة»، عبارة لخصت بها الصحيفة أسباب منع مقالات بلال فضل في الشروق في فبراير الماضي، بعد مقال له سخر فيه من ترقية عبدالفتاح السيسي، الذي قام بعزل أول رئيس منتخبا شرعيا، حسب قول الصحيفة، لرتبة المشير رغم عدم مشاركته في أي حرب، فضلا عن تشبيهه للسيسي بمبارك، وبمرسي، الذي عزل العام الماضي من قبل المشير نفسه، ووصفهم بأنهم جميعا مسؤولون سياسيا عن سفك الدم المصري.
«بلال فضل.. رائد السخرية السياسية في مصر»، وصفت بها «نيويورك تايمز» بلال فضل، موضحة أنه ألهم جيلا بأكمله ليعبر عن معارضته بشكل أكثر وضوحا لم يتجرأ عليه المصريون خلال حكم مبارك، أصبح الآن أسلوبه المتهكم الساخر الذي اشتهر به ودخل كل منزل يصطدم مع القومية المفرطة، التي اجتاحت مصر بعد 30 يونيو.
وقالت الصحيفة إنه ربما أغضب مقاله عن السيسي أحد مالكي الصحيفة، لكن الغريب هو أن شعبية «فضل» لم تشفع له عند بقية الصحف، التي لم تكن هي الأخرى على استعداد للتعاقد معه بعد أن منعت صحيفة «الشروق» نشر عموده.
«بلال فضل.. ليس المعارض الوحيد للنظام الحالي»، حسبما ذكرت «نيويورك تايمز» عن تعامل النظام الحالي مع كافة أشكال المعارضة، موضحة أنه سبق وقدمت الحكومة اتهامات جنائية ضد عدد كبير من المثقفين، مثل عمرو حمزاوي، الذي انتقدا ما حدث في 30 يونيو واصفينه بـ«الانقلاب العسكري»، فضلا عن اعتقال الصحفيين ورموز المعارضة الشبابية.
«بلال فضل.. مؤثر وذو مصداقية»، حللت الصحيفة أعماله ومواقفه ودوره في هذه الجملة، مشددة أنه ليس صديقا لجماعة الإخوان، وله صوت مؤثر وذو مصداقية، كتاباته مضحكة وتدخل القلوب بسهولة، طريقة معارضته ونقده أكثر وضوحا بكثير من الآخرين في وسائل الإعلام، حتى أن صديقه باسم يوسف، مقدم البرامج الساخر، الذي يحتفى به في الغرب، مشبهونه بـ«جون ستيوارت»، أكثر حذرا في انتقاده لكبار القادة العسكريين.
«الرقص على جثث الخصوم لا يبنى وطنا متقدما، بل يخلق عشة فراخ يسود فيها تقديس الديك المتغلب على العشة»، أشارت الجريدة إلى أن «فضل» كتب الجملة السابقة في يناير الماضي بأحد مقالاته، ليصفه بعدها مؤيدي الجيش بـ«الخائن والمتآمر» وأحد أعضاء «الطابور الخامس»، بل ووصل الأمر لاتهامه بكونه أحد «الخلايا الإسلامية النائمة».
«إذا سمحت لمعنوياتي أن تتأثر بردود فعل كتاباتي، كنت سأكون الآن في عنبر للمجانين»، كان هذا رد «فضل» على الاتهامات الموجهة إليه، وهو يحتسي الشاي في أحد المقاهي المزدحمة ضاحكًا حسب الجريدة، مضيفا: «أنا فقط أريد التعبير عن رأيي، وعلى القراء إما قراءة ما أكتبه أو رميه بعيدا، ومن الخطأ إتخاذ مواقف شخصية».
وقالت الجريدة إن «فضل» وصف الإخوان قائلا: «يلغون عقولهم ويفضلون السير في القطيع دون تفكير، ولا رأى مستقل حر»، بعدما انتخب مرسي رئيسا، وجاءت جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة، فلم يهدر «فضل» وقتا حتى حول قلمه ضد النخبة الجديدة في البلاد.
وأشارت الجريدة إلى أن الجميع يعرف أن «فضل» كان من مؤيدي النزول في 30 يونيو لعزل مرسي من منصبه، وحتى أنه دعم نزول الجيش، لكنه سرعان ما لاحظ أوجه التشابه بين الحكومتين.
«الله يعلم أنى أكرهكم تماماً مثلما أكره من يقتلون بدم بارد، أكرهكم جميعاً لأن جميعكم تشبهون بعض»، جملة وجهها «فضل» مخاطبا الإخوان في مقال كتبه بعد عزل الجيش لمرسي، لكن في الوقت نفسه تحدث عن ضرورة الدفاع عن حقوق الإسلاميين ضد القمع الحكومي، حسب «نيويورك تايمز».
كما أشارت «نيويورك تايمز» إلى قول فضل: «الجميع يغني على نفس النغمة»، متعجبا من إجماع الإعلاميين والسياسيين على تأييد الحكومة المدعومة من الجيش، متسائلا عن سبب قلقهم من بضعة أصوات مختلفة، بينما يتمتعون بالدعم الشعبي الواسع، وتأييد وسائل الإعلام، التي يقف خلفها رجال الأعمال.