في يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من نيسان/أبريل، أقامت القوات المسلحة للمملكة العربية السعودية عرضاً عسكرياً ضخماً في قاعدة “حفر الباطن” شمال شرق المملكة بمناسبة اختتام مناورات كبيرة أُطلق عليها اسم “سيف عبد الله”. والسمة المفاجئة للاستعراض هو إشراك عربة تحمل صاروخين صينيين من طراز DF-3؛ ويُعرف هذا النوع من الصواريخ باسم CSS-2 وفقاً لمصطلحات “الناتو”. وقد تم تزويدها إلى السعودية في عام 1987، وتقع مراكزها منذ فترة طويلة في الصحراء الجبلية جنوب الرياض، المنطقة التي يمكن منها استهداف إيران. وقد تم عرض مثل هذه الصواريخ على الملأ للمرة الأولى هذا الأسبوع.
وكان وزير الدفاع السعودي ولي العهد الأمير سلمان الضيف الرئيسي في هذا الاستعراض؛ كما شملت قائمة الضيوف اثنين من كبار المسؤولين في المنطقة هما عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وولي عهد أبو ظبي – الإمارة الرائدة في الإمارات العربية المتحدة – الشيخ محمد بن زايد. كما حضر العرض العسكري قائد الجيش الباكستاني الجنرال رحيل شريف، الذي جلس إلى جانب وزير الحرس الوطني السعودي والإبن الأقدم للملك الأمير متعب.
وفي خضم المناخ الدبلوماسي السائد في الخليج العربي – الذي يهيمن عليه القلق من أن تؤدي المفاوضات الدولية [الجارية مع إيران حول برنامجها النووي] إلى تركها دولة على عتبة امتلاك سلاح نووي – فإن عرض الصاروخين يشير إلى تصميم المملكة العربية السعودية على مواجهة قوة طهران المتنامية، فضلاً عن استعدادها لاتخاذ خطوات بشكل مستقل عن الولايات المتحدة. وعلى وجه الخصوص، إن حضور قائد الجيش الباكستاني سيؤدي إلى إثارة تكهنات جديدة بأن الرياض قد تسعى إلى الحصول على رؤوس نووية من إسلام آباد لمضاهاة قدرات إيران وإمكانياتها.
وبصرف النظر عما يعكسه العرض العسكري من شكوك السعودية تجاه إيران، فإن واقع القيام بمثل هذا الاستعراض ومشاركة قائمة من الضيوف يوفران المزيد من الأدلة على عدم ثقة الرياض في السياسة الخارجية للولايات المتحدة. وتشير التقارير التي وردت عن اجتماع القمة الذي انعقد الشهر الماضي بين الرئيس الأمريكي أوباما والعاهل السعودي الملك عبد الله بأنه كان اجتماعاً صعباً. وفي وقت لاحق أخبر نائب ولي العهد المعين حديثاً، الأمير مقرن، زائراً أمريكياً بأن زيارة أوباما قد وفرت “فرصة لتوضيح عدد من القضايا الهامة”، وهي صيغة تشير إلى أنه كان هناك القليل من الاتفاق.
وعندما تم تسليم صواريخ DF-3s التي تعمل بالوقود السائل عام 1987، كانت الرياض قد أكدت لواشنطن أن الصواريخ غير الدقيقة نسبياً لم تكن مجهزة برؤوس نووية. وفي العام الماضي، ظهرت تقارير مفادها أن المملكة قد عززت قواتها الصاروخية الاستراتيجية بصواريخ صينية أكثر حداثة من طراز DF-21s التي تعمل بالوقود الصلب؛ وقد وافقت واشنطن على السماح [بالتوصل] إلى تلك الصفقة طالما تتم إزالة مختلف المكونات التي تمكّن الصواريخ من حمل رؤوس نووية. ولم يشمل العرض العسكري الذي جرى يوم الثلاثاء إشراك صواريخ DF-21s، على الرغم من أن بعض مركبات الدعم التي تجر صواريخ DF-3s قد تكون أكثر ملاءمة للصواريخ الأحدث طرازاً. وربما يمكن لكِلا نظامي الصواريخ السعودية التكيف بسهولة نسبياً مع إمكانية حمل رؤوس نووية باكستانية.
إن استخدام العرض العسكري لبعث رسائل دبلوماسية يمكن أن يحفز قيام ردود مماثلة من قبل دول أخرى. ولكن بالنسبة لإيران، إن أي عرض عسكري مقابل تقوم به الجمهورية الإسلامية قد يستثير المزيد من الضغوط لإدراج القوة الصاروخية الأكبر بكثير التي يملكها النظام، في المفاوضات النووية. وبالنسبة لواشنطن، يشكل العرض العسكري السعودي تذكيراً هاماً بأن الرياض ما زالت قلقة بشكل عميق من مسار الأحداث في المنطقة. وكما أشارت هيمنة المعدات الأمريكية في الاستعراض المشار إليه، لا تزال واشنطن الشريك الأمني المفضل للمملكة، ولكن العلاقة بين البلدين لا تزال تُظهر وجود علامات من التوتر.
سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.