تفاوتت ردود فعل المفكرين والمثقفين المصريين على الأحكام التي أصدرتها محكمة المنيا وقضت أحدها بتحويل أوراق 683 شخصًا من أعضاء الإخوان المسلمين بمن فيهم مرشدها العام للمفتي.
ودافع الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة وأمين عام المجلس الأعلى للثقافة الأسبق عن الحكم الذي أثار جدلاً واسعًا في مصر وخارجها، قائلاً: “يجب أن نثق في أن مؤسسة القضاء مؤسسة وطنية ولا تعمل بالهوى ولا بتحيز.. القاضي وجد أمامه حيثيات تستدعي هذا الحكم”.
وهاجم عصفور الإعلام الغربي متهما إياه بأنه “يتعامل مع الأمور في مصر كأننا في وضع عادي ولا يعلم أننا في حالة حرب”، وفق ما نقلت عنه الإذاعة الألمانية “دويتشه فيله”.
وأضاف قائلاً: “يجب أن يعلموا أن الإخوان المسلمين إرهابيون ويذبحون الشعب ويلقون القنابل هنا وهناك.. ولذلك أنا مع القتل.. كيف يتعامل الغرب مع الإرهابيين عندهم.. أن تكون ضد حكم الإعدام هذا شيء آخر لكن بنود القانون المصري تتضمن هذا الحكم ولا اعتراض على أحكام القضاء”.
واستطرد عصفور في تبرير الحكم: “القاضي لم يحكم بإعدام 500 شخصا وإنما حكم في النهاية على 37 فقط ولديه بالتأكيد أدلة على تورطهم.. ولا أعتقد أن القاضي أصدر حكمه بقصد إخافة الإخوان ولكن الموضوع له علاقة بالإرهاب، فعندما يذهب البعض لقتل مأمور قسم الشرطة ويعتدوا على الشرطة هل سيضرب لهم القاضي تعظيم سلام.. أمامه جرائم إرهابية ويحكم عليهم بما يقتضيه صحيح القانون”.
فيما رد الكاتب والروائي يوسف القعيد بانفعال قائلاً: “أليس الذين قتلوا في الصعيد بني آدمين أيضا.. أنا لا أعرف لماذا كل هذه الضجة والدنيا مقلوبة بسبب الإخوان ولماذا تدين الدول الأوربية الحكم برغم أنها لم تقرأه ولم تقرأ حيثياته؟ ولماذا تدافع كل هذه الدول عن الإخوان”.
وعندما سئل عن رأيه في أسباب هذه الأحكام الجماعية بالإعدام، هدأ قليلاًـ وقال: “لست مع الحكم أو ضده ولكن أطالب بأن تكون إجراءات المحاكمة عادلة وألا تكون استثنائية رغم أن ما يفعله الإخوان استثنائي.. نحتاج إلى قاض يوضح لنا حيثيات الحكم وإجراءات المحاكمة وهل هي تمت كما ينص القانون والدستور أم لا؟”. واستدرك بالقول: “لكني من حيث المبدأ ضد التهديد المبطن بأن مثل هذه الأحكام قد تؤدي لوجود جيل جديد من الإرهابيين لأنهم موجودون بالفعل”.
في المقابل، وصف المفكر والكاتب الإسلامي فهمي هويدي الحكم بـ”القرار السياسي” قائلا: “أعتبر أن هذا قرار سياسي وليس حكما قضائيا.. إنه رسالة تخويف وترهيب تفتقد للذكاء السياسي وأظن أن تكرارها يضع المشير (عبدالفتاح) السيسي بعد نجاحه في الانتخابات الرئاسية أمام تحديات كبيرة وتجعل مهمته أكثر صعوبة”.
وحول تأثير مثل هذه الأحكام على جماعة الإخوان ومستقبلها، قال “ليس لها أي أثر لأنهم معتادون على مثل هذه الأزمات، ومثل هذه الأحكام ستفتح الباب للتعاطف معهم لأنها ستضعهم في موقع الضحية والمفترى عليهم دائما، وما يهمني في الحقيقة هو سمعة البلد وليس الإخوان، فالحكم تحول إلى فضيحة للسياسة والقضاء في مصر”.
وكشف هويدي أنه لاحظ أن كثيرا من الشباب على موقع “تويتر” للتواصل الاجتماعي “بدؤوا بوضع صورة مشنقة الإعدام على العلم المصري بدلا من صورة النسر، وهو شيء مخيف وجارح للضمير الوطني ولسمعة البلد”.
فيما أبدت الروائية والكاتبة أهداف سويف أبدت دهشتها من مثل هذه الحكم قائلة “أنا لا أعلم كيف يمكن لشخص ما أن يحكم بمثل هذه الأحكام ؟.. نحن في وضع يبدو عبثيا”. وتضيف الروائية المعروفة بمواقفها المدافعة عن الحريات بأنها ترى أن “الحكم ظالم وسيتم التراجع عنه في النهاية.. ولكن مثل هذه الأحكام تجعلنا لا نأخذ المنظومة القضائية مأخذ الجد”.
وحول آثار الحكم قالت سويف: “مثل هذه الأحكام ليس من شأنها تقليل الصراعات وإنهاء الإخوان بل تعمل على استمرارها وزيادة حدة الصراع.. وهناك أمور كثيرة في الوضع المصري الحالي تجعلنا نرى المستقبل غير واضح”.