قال تقرير نُشر في موقع (MIDDLE EAST EYE) إنه مع تزايد العنف الحكومي في قمع الاحتجاجات، يظهر الطلاب في الجامعات المصرية استعدادهم للمشاركة في المعارضة العلنية لحكم العسكر.
في 16 يناير الماضي، قُتل عمر أسامة، وهو طالب في جامعة القاهرة، في الحرم الجامعي خلال مظاهرة احتجاجية.
بعد ست ساعات، غادر محمد عبد الخالق محمد منزله في الجيزة واستقل المترو إلى القاهرة. فقد اقتربت الامتحانات النهائية وهو بحاجة إلى استعادة المواد الدراسية من قسمه. وفي محطة المترو بالقرب من الجامعة، ألقى ضابط الشرطة القبض عليه، ووُجهت إليه تهمة المشاركة في قتل أسامة.
بعد ساعتين، غادر صلاح الدين محمد عدلى عمله في فندق فخم في وسط مدينة القاهرة، وذهب للبحث عن صديقه، محمد، بعدما أبلغه صديق مشترك بالخبر. عندما ذهب عادلى إلى مركز الشرطة للبحث عن محمد، أُلقي القبض عليه ووجهت إليه تهمة قتل أسامة بن لادن أيضا.
ويقبع الشابان، ولا يزالان إلى الآن مسجلين رسميا كطلاب في جامعة القاهرة، في زنزانة مظلمة مساحتها 24 متر مربع في سجن وادي النطرون، ما يقرب من ساعة خارج وسط القاهرة، مع 20 سجينا آخرين ينتظرون المحاكمة بتهم مماثلة. السجناء ينامون جنبا إلى جنب على أرضية خرسانية عارية، لديهم مرحاض واحد ومطبخ بدائي.
في الليل، عندما تهدأ أوضاع السجن، يتفرغ محمد وعدلى الدراسة تحضيرا للامتحانات المقبلة من خلال ضوء خافت يخترق قضبان السجن.
عدلى ومحمد هما حالتان لعدد متزايد من السجناء الذين اعتُقلوا في حملة أمنية ضد الطلاب المحتجين في مصر. منذ صيف عام 2013، استهدفت حملة اعتقالات المتظاهرين والمنظمين والمدنيين الذين حوصروا في اشتباكات مع قوات الأمن.
ويتحدث الطلاب والناشطون والمحامون عن نظام قانوني يتم فيه الاعتقال بناء على مواصفات شكلية أو لأن المقبوض عليهم كانوا، ببساطة، موجودين في المكان الخطأ في الوقت الخطأ، ويُجبرن فيه على محاكمات هزلية، حيث لا إثباتات ولا أدلة، ويعرقل محامي الدفاع في كل مراحل المحاكمة، وتُحجب فيه الحقوق الدستورية الأساسية.
منذ أن أُطيح بالرئيس المنتخب محمد مرسي في يوليو عام 2013، أُلقي القبض على ما يقرب من ألفي (2000) طالب وطالبة، وفقا لاتحاد طلاب مصر، خلال الاحتجاجات أو بتهم ذات طابع سياسي.
وقد دفع رد فعل الحكومة العنيف على الاحتجاجات الأسر وكبار السن للابتعاد تدريجيا عن المظاهرات العامة لمخاوف أمنية.
ولكن في الجامعات المصرية، يقول التقرير، لا تزال ثقافة الاحتجاج صامدة. وقد حظرت المحكمة العليا في عام 2011 على الشرطة أو الجيش من دخول أي حرم جامعي في مصر، وسرعان ما وجد الطلاب فيه مكانا للاحتجاج بحرية. في الأشهر الأخيرة، ورغم قرارات المنع، استمرت الاحتجاجات داخل الجامعات.
“كل أسبوع يأتون ويحتجون”، كما قال طالب في جامعة الأزهر امتنع عن ذكر اسمه خوفا من انتقام إدارة الجامعة، مضيفا: “وفي كل أسبوع أيضا تقتحم الشرطة الكلية لوقف الدراسة وطرد الطلاب”.
بالنسبة لأعداد الطلاب في جامعات القاهرة والأزهر، فإنها قريبة من مائتي ألف وأربعمائة ألف طالب على التوالي، وأصبح الاثنين والأربعاء يومين مخصصين للاحتجاج، حيث يجتمع المتظاهرون في الجامعات ويهتفون ويلوحون بأعلام صور زملائهم الذين اعتُقلوا أو قُتلوا. وفي كل مرة تتحول لاحتجاجات إلى اشتباكات، مع إطلاق الشرطة وابلا من الغاز المسيل للدموع، وأحيانا الذخيرة الحية على الحشود.
وأوضح الطالب الأزهري قائلا: “أثناء أحد الامتحانات دخلت قنابل الغاز المسيلة للدموع إلى غرفة التدريس، فاختنقنا وبكينا جميعا”، وتساءل مستنكرا: “كيف يمكننا أن نتعلم في مثل هذه الظروف؟”.
لكن في الآونة الأخيرة، كما يقول الطلاب والأساتذة، ورغم أن القانون يحظر عليهم دخول الجامعات، فإن ضباط الجيش والشرطة يقتحمون الجامعات في كثير من الأحيان، يداهمون مساكن الطلبة ويعتقلون العديد منهم.
وقال: “يتجولون (ضباط الشرطة بثياب مدنية) في كل وقت (داخل الحرم الجامعي). يمكنك أن تتعرف عليهم. يراقبون ويراقبون خطى الجميع. وهذا واضح، كما قالت غدير أحمد، طالبة صحافة في جامعة القاهرة وخطيبة الطالب المعتقل عدلي.
* اعتقال جماعي وتهم بالجملة:
في صباح يوم 16 يناير 2013، تجمعت مجموعة صغيرة من الطلاب للاحتجاج، كما اعتادوا مرة كل أسبوعين. ومع سير المتظاهرين نحو البوابات الرئيسة لجامعة القاهرة، بدأت شرطة مكافحة الشغب تتجمع خارج الجامعة. وبعدها بقليل، وفقا لروايات شهود العيان ومقاطع الفيديو، وصل المتظاهرون وبدأت الشرطة تفرق الحشد.
خلال الاشتباكات، أُصيب محمد جمال نصار، طالب في كلية الحقوق للدراسات العليا ونجل رئيس الجامعة، جابر نصار، بشظايا. “اقتحمت الشرطة (الحرم الجامعي) بناء على طلب من الرئيس”، كما قال محامي المتهمين في القضية، الذي وافق على التحدث شريطة عدم الكشف عن هويته خوفا من تدخل السلطات في القضية.
مع انتشار المحتجين، بدأت الشرطة تكتسح الحي واعتقلت الطلاب والسكان المحليين. واعتُقل في إثره طالبان، محمود فؤاد ومصطفى أحمد سيف، أثناء محاولتهما إنقاذ طالبة من تعرضها للاعتداء على يد قوات الشرطة.
بعد وقت قصير من هذا الحدث، أعلنت وزارة الداخلية على صفحة الفيسبوك بأن العنف قد اندلع قبل دخول الشرطة الحرم الجامعي.
وقد اعتُقل في المجموع 42 شخصا، 13 في الحرم الجامعي و8 في محطة المترو المحلي، والباقي بالقرب من الجامعة، وفقا لتقارير الشرطة والمحامي، وكان معظم المعتقلين من الطلاب.
في السجن، يقبع الطالبان محمد وعدلى مع ياسر، وهو ميكانيكي عمره 25 عاما يعيش بالقرب من جامعة القاهرة، وجمال علام، وهو محاسب عمره 57 عاما في شركة البترول الحكومية الذي اعتقل في محطة المترو.
على مدى السنوات الثلاث الماضية، منذ قيام الثورة، فإنه عادة ما تُفرج عن المتظاهرين المعتقلين من قبل الشرطة بعد يوم واحد من القبض عليهم، وإذا لم يكن، فعلى الأكثر في غضون شهرين. الآن، كما أوضح المحامي، يمتد الاحتجاز إلى أجل غير مسمى.
وقد شارك كل من عدلي ومحمد، وغيرهم من الطلاب المعتقلين، في احتجاجات 30 يونيو لإسقاط حكم الرئيس مرسي، وكان عدلي ضد الإخوان المسلمين.
ومنذ إلقاء القبض عليهم، أطلق أصدقاء وعائلة محمد وعدلي حملة لإطلاق سراحهم. خطيبته غدير تسافر إلى السجن كل أسبوع تقريبا، ومدة الزيارة لا تتجاوز 15 دقيقة.