قلصت قناة “الجزيرة أميركا” نفقاتها وسرحت عددا من موظفيها، بعد أقل من عام على انطلاقها، ومحاولتها إيجاد موطئ قدم في الولايات المتحدة، مما أثار انتباه الأوساط الإعلامية في الولايات المتحدة واهتمامهم بحال القناة ومستقبلها.
وأكدت صحيفة نيويورك بوست الأميركية أن القناة تخلت عن عشرات العاملين لديها، بعد انفاق القيمين عليها ملايين الدولارات، لفرض خطابهم الإعلامي في هذه المنطقة البعيدة عن المقر الأصلي، وعن صراعات الشرق الأوسط.
ولم تستطع القناة استقطاب عدد كبير من المشاهدين أو إحراز العائدات التي كانوا يعتقدون أنهم سيحققونها من هذه القناة، حسب مصادر مقربة من الشركة.
وبلغ فقط عدد متابعي القناة ستة آلاف مشاهد من الفئة العمرية التي يستهدفها المعلنون وتتراوح أعمارهم بين 25 و54 عاما، في حين كان يسعى ممولوها إلى الطعن في أخبار القنوات المنافسة لها، والتشكيك في مصداقيتها، من خلال طاقم مكون من 800 عامل، بينهم رئيسة التحرير السابقة في شبكة ABC الإخبارية، كيت اوبريان.
وأوضحت التقارير انخفاض عدد متتبعي قناة الجزيرة الأميركية، إذ لا يتعدى في وقت الذروة 19 ألف مشاهد، الأمر الذي يؤكد فشل القناة في اجتذاب المشاهدين.
وذكرت الصحيفة أن مصدرا في الجزيرة قال “إن لديها خلفية ملتوية مصدرها المقر الأساسي في قطر. لذلك فهي لن تحصل على سوق الولايات المتحدة”.
وانخفض عدد المشاهدين إلى أقل من نصف العدد الأصلي، الذي كان يشاهد قناة Current TV، التي اشترتها لدخول السوق الأميركية، حسب موقع هافينجتن بوست.
وتسمى تلك الأرقام في السوق الأميركية “خدشة صغيرة” إلى درجة أن شركة نيلسن لا تذكر القناة في تقريرها المتخصص.
وتحملت البرامج الرياضية وبرنامج the stream الذي يعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي أكبر الخسائر.
يذكر أن قناة “الجزيرة أميركا” حلت محل قناة “كارانت” للأخبار التي أسسها نائب الرئيس الأميركي الأسبق أل غور، ولم تستقطب الكثير من المشاهدين، واشترتها شبكة الجزيرة مطلع العام الجاري بمبلغ يقارب 500 مليون دولار.
وواجهت الشبكة صعوبات في البداية لجذب المشاهدين الأميركيين نظرا إلى الرأي الذي كان سائدا في الولايات المتحدة بأنها معادية.
وفي الوقت الذي صرحت فيه الجزيرة بأنها ستقوم بتقديم خدمة إخبارية محلية ودولية للأميركيين بشكل “غير متحيز″. حاولت الشبكة تحويل تلك النظرة من خلال إطلاق حملات إعلانية، والطنطنة بأخبار السبق الصحفي وتغطية التحقيقات، إضافة إلى دعوة مراسلي وسائل الإعلام إلى التجول في مكاتبها ذات التكنولوجيا العالية في مانهاتن.
واستضافت الشبكة حفلة إنطلاق فاخرة في مركز لينكولن شاركت فيها جنيفر هادسن، الفائزة ببرنامج أميركان أيدول، وكانت الوجبات المقدمة أميركية بالكامل.
وأصر رئيسها إيهاب الشهابي على استقلال جهاز التحرير في الجزيرة الأميركية، الذي تقوده ”كيت أوبراين”، التي عملت فترة طويلة في شبكة أخبار إيه بي سي. وهو يشبه أنموذج بي بي سي الممول من القطاع العام، حيث يوجد جدار حماية يفصل الدعم المادي عن الجانب الصحفي.
وسوقت الصحف القطرية في البداية للجزيرة على أنها وصلت إلى 55 مليون منزل خلال ثلاثة أشهر وهناك طموح بوصول القناة إلى 77 مليون منزل بأميركا وأن تقاريرها أحدثت ضجة مدوية داخل المجتمعالأميركي. كما يشاهدها نصف مليون مشاهد يوميا.
وفعلا، وقعت “الجزيرة أميركا” عقدا مع أكبر مزود للخدمات في أميركا، وارنر كيبل، والذي سيساعد القناة على الدخول إلى أكثر من خمسين مليون منزل بعد أن كانت دخلت حوالي أربعين مليون منزل، ولكن دخول المنزل ضمن حزمة قنوات أخرى لا يعني أنها قناة مشاهدة، ولا يعني أن سكان هذه المنازل سيشاهدونها، فقد ذكر موقع بليز أن نسبة الذين يشاهدون قناة الجزيرة أميركا هي 0.0029 بالمئة من الذين لديهم إمكانية مشاهدة القناة في منازلهم.
ويقول الصحفي عبدالعزيز آل محمود في صحيفة الشرق القطرية “إننا لا نراقب مشاريعنا التي نمولها من أموالنا، ونميل إلى تزيينها وبهرجتها حتى تظهر بصورة مخالفة لما هي عليه، حتى إذا سكبنا فيها الكثير من الأموال وبدأت رائحة الفشل في الظهور والانتشار حاولنا إنقاذ ما يمكن إنقاذه”.