كشفت المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان عن وجود أعداد كبيرة من النزلاء في السجون العراقية تفوق الحد المسموح به عالمياً، مؤكدة ان النزلاء لا يحصلون على وقت كاف للتعرض للشمس او السير بين الممرات وذلك لاكتظاظ السجون، ولا يحصلون على تغذية جيدة، كما أن متعهدي الطعام يهدّدون بقطع الوجبات بسبب “عدم حصولهم على مستحقاتهم المالية”.
إلى ذلك، أدانت لجنة حقوق الإنسان النيابية أسلوب “العقاب الجماعي” للنزلاء بعد حدوث اي خرق او حالة هروب سجناء، وقالت ان بعض السجون يختلط بها النزلاء المحكومون بتهم الارهاب والسرقة او حتى حالات الدهس المروري. وكانت مفوضية حقوق الانسان، استنكرت نقل 2416 نزيلا محكوما “بالارهاب” من سجن بغداد المركزي (ابو غريب سابقا)، بحجة الوضع الامني المتدهور وهروب مئات السجناء منه، وبينت أن عملية النقل ستزيد الاكتظاظ في القاعات المهيأة لاستقبال السجناء في مراكز الاصلاح والسجون والتي تعاني اكتظاظا اصلا قبل عملية النقل، مؤكدة أن “نقل هؤلاء السجناء سيخل بالقواعد النموذجية في معاملة السجناء”. وقال عضو مفوضية حقوق الانسان مسرور اسود لـ”المدى” ان “السجون العراقية مكتظة في الاصل بالموقوفين”، كاشفا عن زيادة “2200 نزيل عن الطاقة الاستيعابية في المراكز الإصلاحية”. ويشير اسود الى ان اغلب السجون غير متوافقة مع المواصفات الدنيا للمعتقلات، وان “الوزارة لا تملك ميزانية تسمح لها بانشاء مراكز اصلاحية بمواصفات عالمية”، لافتا الى ان عدد الموقفين “غير المحسومة قضاياهم” والذين يتجاوز عددهم الـ20 الف شخص، يضيفون عبئا على الـ18 ألف محكوم الذين تضيق بهم السجون.
ويؤكد المسؤول في مفوضية حقوق الانسان ان “المواصفات العالمية للسجون، تتطلب الاّ يتعدى العدد 8 نزلاء في كل قاعة، فيما بعض القاعات في العراق يصل عدد السجناء فيها الى 30 شخصا”، مشيرا الى ان النزلاء “لا يحصلون على تهوية صحيحة، ولا يتعرضون للشمس بشكل صحي، كما انهم يطعمون اكلا سيئا”.
ويكشف اسود ان “كل سجين يجب ان يحصل على ثلاث وجبات يوميا، الوجبة الواحدة سعرها 8650 دينارا، ولكن متعهدي الأكل يأتون بنوعيات رخيصة وسيئة”، لافتا الى ان موردي الأكل “هددوا بالتوقف عن العمل بسبب عدم حصولهم على التخصيصات المالية، لتأخر إطلاق الموازنة”. مشيرا الى ان المفوضية طالبت الحكومة بمنح التخصيصات من ميزانية الطوارئ. كما يقول اسود ان النزلاء في السجون لا يحصلون على رعاية طبية، بسبب وجود طبيب “مقيم” ومعاون طبيب واحد في كل سجن، ولا يمكن اسعاف الحالات الطارئة، بسبب نقص التجهيزات في الوحدة الطبية داخل الموقف الإصلاحي، كما ان كل 350 سجينا لديهم باحث اجتماعي واحد، وهو يخالف المواصفات العالمية التي تحدد لما بين كل ستة إلى عشرة سجناء باحث اجتماعي واحد. وفيما يشير المسؤول في مفوضية حقوق الانسان الى أن المؤسسات الاصلاحية تعاني من نقص في عدد الحراس، وضعف في الرواتب المقدمة لهم، قال ان المشاكل “ازدادت سوءا” بعد نقل 2416 نزيلا الى سجون الناصرية وجمجمال وسوسة، والذين سيزاحمون النزلاء السابقين في الاكل وفي الرعاية الصحية والطعام.
من جانب اخر اكد اسود ان سجن بغداد المركزي “ابوغريب”، اغلق بشكل مؤقت بسبب الاوضاع الامنية في المناطق المحيطة به، كاشفا عن “تشديد الاجراءات الامنية في السجن بعد حادثة الهروب العام الماضي، ما ادى الى تقليص ساعات تعريض السجناء الى الشمس، ومنع السير بين الممرات الا بساعات وباوقات محدودة جدا”.
وكشف نائب عن بغداد، في وقت سابق، ان المسلحين سيطروا على قرية لا تبعد سوى كيلومتر واحد عن سجن بغداد المركزي “ابوغريب سابقا”، مؤكدا تقدم “المسلحين” الى قضاء ابو غريب وفي داخل حدوده الإدارية بعد السيطرة على عدد من الأقضية والقرى المحاذية له من جهة الأنبار. وأعلنت وزارة العدل، مؤخرا، عن إغلاق سجن بغداد المركزي بصورة كاملة وإخلاء نزلائه، وأكدت انها نقلت 2400 نزيل إلى السجون الإصلاحية في المحافظات الوسطى والشمالية، فيما عزت السبب الى “دواع امنية” كون السجن يقع في منطقة ساخنة.
من جانب اخر يقول عضو لجنة حقوق الانسان في مجلس النواب علي شبر، ان “اغلب السجون في العراق غير متطابقة مع المواصفات العالمية”، مؤكدا ان “المراكز الاصلاحية يزداد عدد النزلاء فيها مع ازدياد العمليات الارهابية والتفجيرات، مما يؤثر على المساحة القياسية لكل نزيل، والخدمة الطبية والغذاء المقدم له”.
وينتقد شبر في تصريح الى “المدى”، عدم وجود “خطة ” لبناء سجون “قياسية”، مراعية لحقوق الانسان، وتكون قريبة من اهل السجناء”مايعطي دافعا نفسيا، ومساعدة ومساندة من الاهل”، كما انتقد شبر اختلاط النزلاء”المحكومين باحكام ثقيلة، مثل الارهاب، مع سجناء متهمين بالسرقة او حالات دهس مروري”. ويشير النائب الى ان “السجون تعاني حالة من الارباك، فهناك سجون يعطى فيها النزيل سلاحا وموبايل، واخرى يتعرض الى الضرب والاهانة والضغط الشديد”، كاشفا انه في بعض السجون وعند حدوث حالات خرق او هروب يتم توجيه “عقوبة جماعية” للسجناء، والتعذيب بشتى الوسائل.