ولدت شارلوت في ثورنتون، يوركشاير عام 1816، وهي الثالثة من بين ستة أطفال لماريا ني برانويل وزوجها الأيرلندي باتريك برونتي الانغليكاني الديانة. في عام 1820 انتقلت العائلة إلى مدينة هاوارث، حيث عين باتريك كقس الأبرشية هناك. توفيت السيدة برونتي في 15 سيبتمبر عام 1821، تاركة البنات الخمس والابن الوحيد في رعاية شقيقتها اليزابيث برانويل. في أغسطس 1824، تم إرسال شارلوت مع شقيقاتها الثلاث إلى مدرسة بنات القساوسة كوان بريدج في لانكاشير (والتي كانت مشابهة لمدرسة لوود في روايتها جين آير). أثرت الظروف المتردية للمدرسة على صحة الفتيات فما لبثت الأختان ماريا (مواليد 1814) واليزابيث (مواليد 1815) أن أصبن بمرض السل وتوفين به في يونيو 1825 بعد وقت قصير من ارسالهن إلى المدرسة، وأعاد الأب شارلوت إلى المنزل لكي تعيش فيه مع العائلة. في منزل القسيس الكائن في هاوورث، بدأت شارلوت وأختاها إيميلي برونتي وآن برونتي بنسج حكايات عن سكان ممالك خيالية والتأريخ لحياتهم ونضالاتهم. كتبت شارلوت وبرانويل حكايات خيالية عن مملكتهما انجريا بينما كتبت ايميلي وآن مقالات وقصائد عن مملكتهما جوندال. كانت كتاباتهن محكمة ومعقدة (ولا يزال جزء من هذه المخطوطات محفوظاً بحال جيدة) وأمدتهن باهتمامات في مرحلة طفولتهن وبدايات مراهقتهن رافقتهن بعد ذلك في كتاباتهن الأدبية لاحقاً عندما كبرن.
أكملت شارلوت تعليمها في رو هيد، مير فيلد من 1831 إلى 1832، وهناك قابلت رفيقات حياتها الين نسي وماري تايلور واللواتي لم ينقطعن عن تبادل الرسائل. وكتبت في هذه الفترة روايتها القزم الأخضر 1833 تحت اسم ليسلي. عادت شارلوت إلى هذه المدرسة فيما بعد كمدرسة من 1835 إلى 1838. في عام 1839، عملت كمربية خاصة لدى عدد من العائلات في يوركشاير، وظلت في هذه المهنة حتى عام 1841. في عام 1842 سافرت شارلوت واميلي إلى بروكسل للتسجيل في مدرسة داخلية يديرها قسطنطين هيغر (1809 – 1896) وزوجته كلير زوي بارينت هيغر (1814 – 1891). في محاولة لتسديد أقساط انتسابهم إلى المدرسة، درسى شارلوت اللغة الإنجليزية بينما درست ايملي الموسيقى. اضطرت الأختان إلى ترك المدرسة عام 1842 عندما توفيت خالتهم اليزابيث برانويل بانسداد داخلي في شهر أوكتوبر. عادت شارلوت وحدها إلى بروكسل مرة أخرى في يناير 1843 لتتولى التدريس في المدرسة مرة أخرى. ولكن اقامتها الثانية في المدرسة لم تكن سعيدة على الإطلاق، فشعرت بالوحدة وأصابها الحنين إلى الوطن وتعلقت بعمق بقسطنطين هيغر (أشيع أن شخصية ادوارد رويشستر في روايتها جين آير كانت مستمدة من شخصية هيغر)، فعادت مرة أخرى إلى هاوراث في يناير 1844 واستخدمت الوقت الذي قضتها في المدرسة الداخلية كمصدر الهام لروايتيها البروفيسور وفاليت.
في مايو 1846، نشرت شارلوت، ايميلي وآن مجموعة مشتركة من القصائد تحت أسماء مستعارة : كيور، إليس وأكت بيل. رغم أنه تم بيع نسختين فقط من الكتاب إلا أن الأخوات استمرين في إنتاجهن الأدبي وبدأن بكتابة رواياتهن الأول. استخدمت شارلوت الاسم كيور بيل عندما نشرت أول روايتين لها. وكتبت شارلوت فيما بعد :
” في معارضة للدعاية الشخصية، أخفينا أسمائنا الأصلية خلف كيور، إليس وأكتن بيل. اخترنا هذه الأسماء الغامضة على ضوء رغبة في استخدام أسماء ذكورية مسيحية بشكل إيجابي، حيث لم نكن نود أن نعلن أننا نساء، لأنه في ذلك الوقت كان سيتم التعامل مع طريقة كتاباتنا وتفكيرنا على أساس أنها ” أنثوية “. كان لدينا انطباع قوي أن مؤلفاتنا سينظر إليها باستعلاء، حيث لاحظنا كيف يستخدم النقاد في بعض الأحيان أسلوب مهاجمة الشخصية كوسية عقاب، وأسلوب الغزل كمكافأة، وهو ليس بالمدح الحقيقي ” .
وفعلاً، حكم النقاد على روايتيها بأنها خشنة، وكانت هناك تساؤلات حول هوية كيور وعما إذا كان رجلاً أو امرأة.
شقيق شارلوت، برانويل، الابن الوحيد للعائلة، توفي بالتهاب القصبات المزمن ومرض ماراسماس الذين تفاقما بسبب افراطه في شرب الخمر في سبتمبر 1848، على الرغم من اعتقاد شارلوت بأن وفاته كانت نتيجة لمرض السل. يعتقد أيضاً أن برانويل كان مدمناً على تناول الأفيون (مدمن على مادة اللاندوم المخدرة) توفى كل من اميلي وآن بمرض السل الرئوي في ديسمبر 1848 ومايو 1849 على التوالي.
بقيت شارلوت ووالدها لوحدهما الآن. وفي ظل النجاح الباهر لرواية جين آير، أقنعها ناشر الرواية بزيارة لندن في بعض الأحيان، حيث كشفت عن هويتها الحقيقية، وبدأت بالتحرك في أكثر من دائرة اجتماعية وسرعان ما كونت صداقات مع هارييت مارتينو، اليزابيث غاسكل، ويليام ميكبيس ثاكري ولويس غ. كان كتابها بمثابة شرارة في مجال حركة تحرير المرأة الأدبية. الشخصية الرئيسية، جاين آير، في رواية جاين آير كانت موازية لشخصية شارلوت نفسها، امرأة قوية. ومع ذلك لم تغادر شارلوت هاوورث أبداً لأكثر من بضعة أسابيع في وقت واحد حيث لم تكن ترغب في ترك جانب والدها الشيخ المسن.
ابنة ثاكيراي، الكاتبة آن إيزابيلا ثاكيراي تذكر زيارة شارلوت لوالدها :
“” دخل اثنان من السادة، يتقدمهما فتاة صغيرة، رقيقة، جادة، بشعر أشقر مسرح وعينين ثابتتين. تبدو أكبر من الثلاثين بقليل، ترتدي ثوباً مع نمط من الزخرفة بلون الطحلب الأخضر الخافت. إنها تدخل في صمت، في جدية. كانت قلوبنا تدق باثارة عارمة، هذه هي المؤلفة، القوة المجهولة التي جعلت كتبها كل لندن تتحدث، تقرأ، تخمن، حتى إن بعض الناس قالوا إن والدي هو من كتب هذه الكتب، الكتب الرائعة. إن هذه اللحظة تخطف الأنفاس لدرجة أن موعد العشاء كان بمثابة النجدة من عظمة وطأة هذه المناسبة، وكنا كلنا نبتسم عندما تقدم والدي ليعرض ذراعه على الرغم من كونها عبقرية، إلا أن الآنسة برونتي بالكاد استطاعت أن تصل إلى كوعه. كانت انطباعات الخاصة عنها انها كانت رزينة ومتهجمة، خاصة تجاه الفتيات الشابات اللواتي تقدمن بجرأة ليتبادلن معها أطراف الحديث. الكل كان في انتظار المحادثات الشيقة والتي لم تحدث أبداً، فقد عادت الآنسة برونتي إلى الكنبة في غرفة المكتب، وتمتمت بكلمة في صوت منخفض من حين لآخر إللى مربيتنا الطيبة. غدت المحادثات تصبح قاتمة أكثر فأكثر، جلست السيدات في هدوء ينتظرن، كان والدي مشوشاً بجو الكآبة والصمت فلم يستطع أن يتكيف معه على الاطلاق. بعد أن غادرت الآنسة برونتي، فاجأني رؤية والدي يفتح الباب الأمامي وهو يرتدي قبعته. وضع أصابعه على شفتيه، انسحب في الظلام، وأغلق الباب بهدوء خلفه. السيدة بروكتر سألتني فيما إذا كنت على علم بما حدث، كانت تلك واحدة من أكثر الأمسيات كآبة بالنسبة للسيدة بروكتر. السيدات اللواتي كن يتوقعن الكثير من الأحاديث المبهجة، والكآبة والجهامة، وكيف طغت القيود على الوضع، وكيف غادر والدي الغرفة ومن بعدها المنزل بكل هدوء، وذهب ليرتاد ناديه”
في يونيو 1854، تزوجت شارلوت بآرثر بيل نيكولز، مساعد والدها، وحملت بعدها بوقت قصير. بدأت صحتها بالتدهور سريعاً خلال هذا الوقت، ووفقاً لغاسكل، أول كاتبة لسيرة شارلوت، كانت قد ” هاجمتها مشاعر غثيان دائم وتعب متكرر “. توفيت شارلوت، مع ابنها الذي لم يولد بعد، في 31 مارس 1855، في سن ال38. أوزعت شهادة وفاتها السبب إلى السل (الدرن)، ولكن العديد من المؤرخين يرجح أن يكون سبب الوفاة ناتجاً عن الجفاف وسوء التغذية، بسبب الإفراط في القيء الشديد من غثيان الصباح أو التقيء الحملي. وهناك أيضاً أدلة تشير إلى أن شارلوت توفيت من التيفوس، والذي كان سبباً في وفاة تابيثا أكرويد، مدبرة منزل عائلة برونتي، والتي كانت وفاتها سابقة لوفاة شارلوت بفترة وجيزة. دفنت شارلوت في المدفن العائلي في كنيسة القديس مايكل وجميع الملائكة في هاوارث، غرب يوركشاير، إنجلترا.
” حياة شارلوت برونتي، السيرة الذاتية ” والتي نشرت عقب وفاتها بقلم غاسكل، كانت أولى السير الكثيرة عن شارلوت برونتي. على الرغم من أن غاسكل كتبت أسماء الأماكن بوضوح وصراحة، إلا أنها أخفت تفاصيل حب شارلوت لهيغر والذي كان رجلاً متزوجاً، اعتقاداً منها أنها تحمل الكثير من مواجهة للقيم الأخلاقية المعاصرة وربما قد تكون سبباً في الاساءة إلى الأصدقاء الذين لا يزالون على قيد الحياة، والدها وزوجها. غاسكل أيضاً قدمت معلومات مشكوك فيها وغير دقيقة عن باتريك برونتي، مدعية على سبيل المثال، أنه لم يسمح لأولاده بتناول اللحوم. وهذا يدحضه ما كتبته ايميلي برونتي في صفحات مذكراتها، والتي كانت تصف فيها إعداد اللحوم والبطاطا في مآدبة العشاء في بيت الكاهن أو القسيس، كما تشير جولييت باركر في كتابها الأخير حول سيرة شارلوت الذاتية.
بعد وفاتها، تم نشر أولى رواياتها في عام 1857، المخطوط الذي عملت عليه لاحقاً في سنواتها الأخيرة في 1860 (تم انهاؤه من قبل الكتاب المعاصرين مرتين، وكانت أكثر النسخ شهرة (ايما براون، رواية عن المخطوط غير المكتمل لشارلوت برونتي) بقلم كلاير بولين عام 2003. والمزيد من انجريا خلال العقود التي تلت، 1857.