في الوقت الذي شهدت فيه الأشهر الأخيرة هجمات أميركية أقل للطائرات من دون طيار (الدرونز) في جنوب آسيا، فإن ضرباتها القاتلة تمطر يوميا في اليمن، وفقا لتقرير (MIDDLE EAST EYE).
كان عباد الشبواني يقود سيارته في وقت متأخر من ليلة في الشهر الماضي في منطقة وادي عبيدة النائية في منطقة مأرب وسط اليمن. وقالت عائلته إنه كان أصغر أصدقائه الركاب سنا (16 سنة).
ما حدث بعد ذلك غير واضح، لكن ما هو معروف أنه في ظلمة الليل ظهرت طائرة من دون طيار أمريكية مسلحة في المنطقة المجاورة. وعلى الأرجح أنها أقلعت قبل ساعات من قاعدة مشاة البحرية الأمريكية في معسكر ليمونير في جيبوتي، وعبرت خليج عدن لتحدد هدفها. وأطلقت الطائرة من دون طيار ما بين واحدة وثلاثة صواريخ “هيلفاير” على السيارة، وسُجل إصابة مباشرة. وقتل الشبواني وما يصل إلى ثلاثة آخرين.
وكان هذا الحادث، وفقا للتقرير، جزءا من الارتفاع الأخير للعمليات الأمريكية السرية داخل اليمن، وواحدا من ست ضربات للطائرات من دون طيار الأمريكية استهدفت مناطق في اليمن في غضون 11 يوما.
وفقا لبيانات جمعها مكتب الصحافة الاستقصائية ومقره لندن، كان هناك ما لا يقل عن 14 هجمات للطائرات من دون طيار في اليمن خلال عام 2014 وحده (حتى الآن) من مجموع 62 في أقل التقديرات منذ عام 2002. وقتل في إثرها 302 شخصا (وتشير بعض التقديرات إلى عدد القتلى بلغ أكثر من 500).
*جبهة جديدة:
يوم السبت، ضربت طائرة أمريكية من دون طيار سيارتين على طريق سريع بين مدينتي صومعا والبيضاء في اليمن الجنوبي الشرقي، مما أسفر عن مقتل تسعة أشخاص. وقال مسؤولون يمنيون إن الضربة قتلت تسعة يشتبه في صلتهم بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، في حين اعترفوا بأن الهجوم قد “قتل وأصاب بعض المدنيين عن غير قصد”. وقال الناجي سالم ناصر الخاشم لوسائل الإعلام المحلية أن الشربة قتلت ثلاثة عمال.
يوم الأحد الماضي، قُتل ما يصل إلى خمسة أشخاص في غارة لطائرة من دون طيار في منطقة جبلية نائية في محافظة أبين. وأعلن مسؤولون حكوميون ووزارة الدفاع أن الضربة أصابت معسكر تدريبي للقاعدة في جزيرة العرب، واستهدفت اثنين من القادة المحليين للمجموعة.
ما هو ملاحظ عن هجمات الطائرات من دون طيار في اليمن أنها تحدث باستمرار. ففي خمس سنوات تحت قيادة باراك أوباما شنت الولايات المتحدة 390 ضربة للطائرات من دون طيار في باكستان واليمن والصومال، مما أسفر عن مقتل أكثر من 2400 شخص، ما لا يقل عن 273 منهم من المدنيين.
ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير عن “قائمة القتل” السرية لواشنطن التي تستهدفها ضربات الطائرات بلا طيار، أن أوباما “بصم على كل ضربة في اليمن والصومال وأيضا على الضربات الأكثر تعقيدا والمحفوفة بالمخاطر في باكستان”.
في ذروة برنامج أوباما لهجمات الطائرات من دون طيار في باكستان، خلال العام 2010، نفذت وكالة الاستخبارات المركزية وقيادة العمليات الخاصة المشتركة (JSOC) هجمات لطائرات من دون طيار بمعدل أكثر من اثنين أسبوعيا في الحزام القبلي الذي لا يخضع لقوانين البلاد.
ولكن شهدت عمليات طائرة أمريكية من دون طيار في باكستان انخفاضا ملحوظا في الأشهر 18 الماضية. الهجوم الأخير للطائرات من دون طيار كان يوم عيد الميلاد عام 2013 والتوقف الحالي في عمليات القتل المستهدف في باكستان هو الأطول حتى الآن في عهد أوباما.
وقال التقرير الذي نشره موقع (MIDDLE EAST EYE) إن المسؤولين عن المفاوضات بين طالبان والحكومة الباكستانية أقرت هذا الهدوء الحالي وصولا إلى اتفاق ضمني بين واشنطن وإسلام آباد أن جميع الضربات الموجهة لأهداف تُعلق لمنح الفرصة لاستمرار محادثات السلام.
2013 كان العام الأول الذي لم يكن فيه أي ضحايا مدنيين من هجمات الطائرات من دون طيار في باكستان. وحتى مع ذلك، فقد شنت الولايات المتحدة هجمات الطائرات من دون طيار التي عطلت المحادثات بين طالبان وإسلام اباد في أربع مناسبات على الأقل منذ بداية عام 2013.
ولكن حدث نقيض ذلك مع اليمن. 14 غارة لطائرات من دون طيار في الربع الأول من العام 2014، إذا تأكدت، سوف تمثل أعلى تركيز لهجمات الطائرات من دون طيار في اليمن منذ مايو عام 2012.
* ترهيب اليمنيين:
أفادت وسائل متعددة أن “عباد الشبواني” ينتمي إلى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، ولكنَ عائلته تصر أنه كان شخصا عاديا. هو نوع من الادعاء بأن برنامج القتل الأمريكي المستهدف يمكن أن يكون فعالا ويشير إلى تزايد الجدل حول استخدام أميركا لآلات القتل (الطائرات من دون طيار) في جميع أنحاء اليمن.
بعد ظهر يوم 12 ديسمبر 2013، بدأت الأخبار تشير إلى وقوع خطأ رهيب في محافظة البيضاء جنوب شرق اليمن، حيث قُتل ما لا يقل عن 10 وأُصيب أكثر من 30 عندما أطلقت طائرة أمريكية من دون طيار صواريخ أربع مرات على موكب من السيارات في بلدة رداع.
كالعادة، أخبر مسؤولون يمنيون بسرعة الصحفيين المحليين أن القتلى ينتمون إلى القاعدة في جزيرة العرب. ولكن كما ظهر في الهجوم الذي أسفر عن مقتل الشبواني وضربات 19 أبريل الجاري، كشفت التقارير عن وجود ضحايا مدنيين.
استغرق الأمر عدة أسابيع للكشف عن الأضرار الناجمة عن هجوم “رداع”، وذُكر لاحقا أنه نُفذ من قيادة العمليات الخاصة المشتركة وليس وكالة الاستخبارات المركزية، وهناك الآن شك كبير في أنه لم يكن حاضر أي مسلح في موكب زفاف.
على غير العادة، اعترف المسؤولون الأمريكيون، ضمنا، بالهجوم، وذُكر أنهم أمروا بإجراء تحقيق داخلي عن إمكانية الفشل في جمع المعلومات الاستخباراتية الأمريكية إلى الحد الذي قُضي فيه على أسريتين يمنيتين من دون إلحاق أي ضرر واضح على القاعدة في جزيرة العرب (على الرغم من أن مثل هذا الخطأ لم يسبق له مثيل في التاريخ الحديث).
وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” في وقت سابق هذا الشهر، وفقا للتقرير، أن الحكومة اليمنية حظرت على قيادة العمليات الخاصة المشتركة للجيش الأمريكي استخدام الطائرات من دون طيار في أعقاب الهجمات على موكب الزفاف. لكن الأحداث في نهاية هذا الأسبوع تثير التساؤل بشأن مصداقية هذا الإجراء.
وقال التقرير إن “هيومن رايتس ووتش” أشارت في تحقيقها هذا العام عن هجوم بلدة “رداع” إلى أن “الهجوم قد انتهك قوانين الحرب”، ودعت إلى إجراء تحقيق كامل وشفاف.