منذ عامين تم نشر سلسلة تقارير عن عراقية عثروا عليها قتيلة في منزلها بالولايات المتحدة، وصنفوا ما حدث في البداية كجريمة كراهية، لأن قاتلها ترك رسالة عند جثتها قال فيها: “هذه بلادي.
عودي إلى بلادك يا إرهابية” لذلك كان أول تقرير عنها بعنوان: “أميركية هشمت الكراهية رأسها بالحديد في أميركا”. لكنه اتضح بعد تحقيقات مكثفة أن أحدا لم يهشّم رأس شيماء العوادي سوى زوجها قاسم الحميدي.
يوم الخميس الماضي أدانته هيئة المحلفين بعد مداولات استمرت من الأربعاء بقتله زوجته، لأنها كانت تنوي الطلاق، وما إن أدرك الحميدي الإدانة وفهمها حتى انتفض بعنف، وراح يصرخ موجها كلامه لوالدة زوجته: “جذب.. الله شاهد أنا مو قاتل.. الله شاهد أنا مو قاتل” ثم حدث هرج ومرج، لكن الحرس تكفلوا بالأمر وأعادوا للمحكمة هيبتها وسكونها.
وكانت الشرطة في مدينة سان دييغو، حيث تقيم العائلة في ولاية كاليفورنيا، اشتبهت بالحميدي كقاتل، وبأنه استعان بأحدهم ليكتب العبارة التي وجدوها قرب جثة زوجته، فقط لتضليل المحققين، ثم راحت تكثف تحقيقاتها، إلى أن ألمت بالدليل الدامغ بأن الحميدي قتل زوجته بضربها 6 مرات على الاقل، مستهدفا رأسها بآلة حادة عندما كانت جالسة أمام الكمبيوتر، لكنه نفى وقال إنه لم يكن في المنزل لدى وقوع الجريمة، الا أن كاميرات المراقبة وشهادة أحد الجيران ناقضته، فأدانه المحلفون، والحكم النهائي ينتظره في 16 مايو المقبل عما عقوبته 26 سنة سجنا.
أرشيف الحادث قبل عامين
وكانت “العربية.نت” التي نشرت الخبر تحدثت عبر الهاتف إلى قاسم الحميدي بعد 3 أيام من مقتل زوجته في مارس 2012 فقال إن حالته الصحية لا تسمح له بالاسترسال بالتفاصيل، لأن بيته كان مكتظا بعشرات المعزين، مما جعله منهكا وغير قادر تقريبا على التعامل مع الأسئلة.. لكنه أكد أن زوجته قضت ضحية كاره للعرب، وذكر أنه من مدينة السماوة، مركز محافظة المثنى بجنوب العراق، ومنها أيضا شيماء التي تزوجها في مخيم للاجئين العراقيين في السعودية، والتي قضت بعمر 32 سنة وتركت له: فاطمة ومحمد وعلي ومريم وسارة، البالغين من العمر الآن 19 و18 و16 و15 و14 و10 سنوات.
كما تحدثت إلى ابن عمة القتيلة، واسمه حسين، فروى أنه رأى بنفسه جثتها ملقاة في غرفة الطعام بمنزل العائلة المكون من 5 غرف نوم، جميعها في الطابق الثاني، وأن القاتل المجهول تسلل من حديقة البيت، وهي خلف المنزل وبلا سور، فكسر زجاج باب المطبخ بطريقة لم يحدث بها أي ضجة كما يبدو، ثم فتحه من مقبضه وتوجه إلى الداخل بعد أن شاهد زوج القتيلة وقد خرج ليقل بسيارته 4 من أبنائه إلى مدارسهم، فيما بقيت فاطمة في البيت الذي اتجه إلى داخله بحثا عمن يقتله “بدافع كراهيته للعرب” كما قال.
تابع حسين روايته فذكر أن القاتل حين وجد شيماء في غرفة الطعام انقض عليها وعاجلها بقضيب معدني، فانهارت فاقدة الوعي، وعلى أثرها غادر المكان، ولأن كبرى الأبناء كانت نائمة والضرب على والدتها كان سريعا وسبب بفقدانها للوعي، فإنها لم تشعر بشيء إلا حين استيقظت ونزلت إلى الطابق السفلي، وفيه رأت فاطمة والدتها مغمى عليها ويتسرب منها نزيف دموي سريع، وعلى عجل نقلوها إلى قسم الطوارئ في مستشفى فارقت فيه الحياة بعد أن فشل الأطباء بإسعافها طوال 3 أيام.
في مخيم بالسعودية تعرف إليها وتزوجها
ومما ذكرته “العربية.نت” في تقاريرها أن الزوج عاجز عن العمل منذ أكثر من 18 سنة، لإصابته بفشل كلوي شامل حمل أحد إخوته على أن يأتي من السويد ليتبرع له بإحدى كليتيه ليعيش. وتعرف الحميدي إلى من أصبحت زوجته فيما بعد في مخيم للاجئين أقامته الحكومة السعودية في بادية محافظة رفحاء بالشمال السعودي.
ذلك المخيم كان يضم في 1991 أكثر من 32 ألف هارب من قمع صدام لما سموه “الانتفاضة الشعبانية” التي بدأت بشهر شعبان الهجري ذلك العام، ومن اللاجئين كانت عائلة قاسم الحميدي وعائلة شيماء العوادي، وفي ذلك المخيم الذي بقيت فيه العائلتان 4 أعوام تزوجها، وفيه ولدت ابنتهما الكبرى.
وفي 1995 هاجرت العائلتان إلى الولايات المتحدة، وحصل جميع أفرادها على الجنسية الأميركية، ومنهم 7 أخوة لشيماء يقيم بعضهم بمدينة سان دييغو وجوارها، وآخرون مع والدتها في تكساس. أما والد شيماء، فهو داعية إسلامي متجول في الولايات المتحدة، واسمه “السيد” نبيل معاد العوادي، وكان في زيارة للعراق حين اتصلوا به لينعوها إليه.
وقد تكفلت الحكومة العراقية بإحضار جثمان شيماء من الولايات المتحدة، فشيعوها في محافظة النجف في حضور شخصيات رسمية ومسؤولين حكوميين، ووريت الثرى في مقبرة وادي السلام.