أكدت مصادر إعلامية خليجية متطابقة أن “اتفاق الرياض” الذى وقع أمس الخميس، بقاعدة جوية بين وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجى، لم يقضِ بإعادة سفراء السعودية والإمارات والبحرين إلى قطر، مشيرة إلى أن الوزراء حددوا مدة زمنية تصل إلى شهرين كفترة اختبار لمراقبة وتقييم مدى التزام قطر بتنفيذ تعهداتها, وعلى ضوء ذلك سوف تقوم دول مجلس التعاون باتخاذ الإجراءات الدبلوماسية المناسبة اتساقاً مع مدى التزام قطر أو عدم التزامها بهذه التعهدات.
ورغم أن البيان الصادر عن الاجتماع، لم يخرج عن الصيغ الدبلوماسية، إلا أن مصادر إعلامية خليجية أشارت لوجود بنود غير معلنة للاتفاق محددة فى أربع نقاط، وهى طرد قطر 15 عضواً من الإخوان، من مواطنى مجلس التعاون، ويقيمون فى الدوحة، خمسة منهم إماراتيون، وبينهم سعوديان، والبقية من البحرين واليمن، وموافقة قطر على إنهاء هجوم محطة الجزيرة على السعودية والإمارات ومصر، وتجنب اعتبار ما حصل فى مصر انقلاباً عسكرياً، ووقف دعم الإخوان والعمل على منع المعارضين المصريين من اعتلاء المنابر القطرية، ووقف دعم قطر للإخوان وحيادها فى الأسابيع القليلة المقبلة إزاء ما يحصل فى مصر، ووقف التحريض على السيسى فى انتخابات الرئاسة.
وأشارت المصادر إلى أنه حال التزمت قطر بالصلح، سيتم إرجاع السفراء بعد شهرين، على أن يقوم أمير قطر بعدها بزيارة أخوية إلى السعودية والإمارات.
وكان مصدر سعودى ذكر أن رئيس وزراء قطر الشيخ عبد الله بن ناصر زار فى الأيام الأخيرة الرياض، حيث قدم التهنئة للأمير مقرن بن عبد العزيز بمناسبة مبايعته ولياً لولى العهد.
وكان وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية قد أكدوا فى بيانهم الرسمى موافقة دولهم على آلية تنفيذ وثيقة الرياض التى تستند إلى المبادئ الواردة فى النظام الأساسى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، ونوه الوزراء بهذا الإنجاز التاريخى لدول المجلس الذى يأتى بعد 33 عاما من العمل الدؤوب لتحقيق مصالح شعوب الدول الأعضاء، ويفتح المجال للانتقال إلى آفاق أكثر أمنًا واستقرارًا لتهيئة دول المجلس لمواجهة التحديات فى إطار كيان قوى متماسك.
وفى هذا الإطار، نوه وزراء خارجية دول مجلس التعاون بالدور الذى قامت به دولة الكويت بقيادة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، للوصول إلى النتائج المتوخاة، وأكد الوزراء أنه تم الاتفاق على أهمية التنفيذ الدقيق لما تم الالتزام به للمحافظة على المكتسبات والإنجازات التى تحققت، وللانتقال إلى مرحلة الترابط القوى والتماسك الراسخ الذى يكفل تجاوز العقبات والتحديات، ويلبى آمال وتطلعات مواطنى الدول الأعضاء، مشيرين إلى الوشائج والروابط التاريخية والمصير الواحد والحرص على دفع المسيرة المشتركة لدول المجلس.
وذكر البيان أنه تم خلال الاجتماع إجراء مراجعة شاملة للإجراءات المعمول بها فيما يتعلق بإقرار السياسات الخارجية والأمنية، وتم الاتفاق على تبنى الآليات التى تكفل السير فى إطار جماعى، ولئلا تؤثر سياسات أى من دول المجلس على مصالح وأمن واستقرار دوله، ودون المساس بسيادة أى من دوله.
من جهتها قالت صحيفة الأيام البحرينية إن مصادر دبلوماسية أبلغتها بأن الاتفاق تم بعد تحفظ قطر على آلية تنفيذ التعهد الذى وقعه أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثانى فى الرياض أمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية وأمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، وقالت المصادر إن قطر أعربت الآن عن موافقتها على آلية المتابعة التى تضمنها التعهد الذى قامت بالتوقيع عليه، والتزامها بأهداف ونظام المجلس، وتحسين العلاقات لدعم التوافق الخليجى.
وأوضحت المصادر أن الأنباء التى أشيعت، والتى ذكرت بأن الأزمة الدبلوماسية بين السعودية والإمارات والبحرين من جهة وقطر من جهة أخرى، قد انتهت، هى أنباء غير دقيقة، حيث إنه سيكون هناك تقييم ومراجعة للإجراءات التى ستتخذها قطر فى إطار جدول زمنى محدد قبل أن تعود العلاقات إلى سابق عهدها، لافتة إلى أن دول مجلس التعاون تأمل أن تلتزم قطر هذه المرة بما تم الاتفاق عليه، وأن تنفذ تعهداتها بالشكل الذى يعزز تماسك مجلس التعاون ولا يعرض أمنه واستقراره للخطر.
أما صحيفة الخليج الإماراتية فقالت فى افتتاحيتها اليوم الجمعة إن الكرة فى ملعب قطر وحدها التى غردت طويلاً بعيداً عن سرب شقيقاتها، وبما يخالف الأعراف الدبلوماسية التى تحكم سياسات الجيران مع بعضهم بعضاً، وبما يخالف نظام منظومة “التعاون” نفسها، حتى بدا، فى لحظة معتمة بما لا يقاس، أن هذا الكيان مهدد فى وجوده نتيجة الخلل البنيوى الذى تسببت فيه السياسات القطرية.
وأضافت أنه إذا كان توقيع وزير خارجية قطر مع نظرائه الخليجيين على آلية تنفيذ اتفاق الرياض، فالقصد ينصرف إلى اعتراف الدولة القطرية، مجدداً، وللمرة الثانية، بالخطأ، مع العزم على تجاوزه وتصحيحه، الأمر الذى ينذر بأسوأ العواقب فى حال عدم التحقق، فمطلوب من قطر، من دون مماطلة أو إبطاء، تنفيذ محاور اتفاق الرياض الثلاثة حرفياً تحت طائلة المسئولية والمساءلة، كشرط مبدئى نحو عودة المياه إلى مجاريها، وهى التوقف عن إيواء ودعم الإخوان المسلمين، والتوقف عن احتضان وتجنيس المعارضات الخليجية، والتوقف الفورى عن دعم الحوثيين فى اليمن مالياً، والمطلب الأخير مطلب ملح من قبل السعودية التى عانت من التعنت القطرى كثيراً.
وأشارت الصحيفة إلى أنه لا يوجد ما يشير إلى وسائل قطر فى تنفيذ الاتفاق، وعلى قطر التوضيح العاجل غير الآجل يقيناً، وتصديق أو تكذيب ما أشيع أخيراً عن صفقات مع جوانب عربية، أما فى شأن موقف قطر من التغيير فى مصر، وهو ما لم يرد أصلاً فى اتفاق الرياض، فإن طبيعة الأمور تقتضى اتخاذ مواقف سياسية خارجية أقرب إلى التناغم، خصوصاً ما تعلق بخريطة الطريق المصرية.
أما صحيفة الاتحاد الإماراتية، فقالت إن البيان الصادر عن اجتماع مجلس وزراء خارجية دول المجلس بمطار القاعدة الجوية فى الرياض، لم يحدد أى موعد لإعادة سفراء الدول الثلاث إلى الدوحة فى المرحلة الحالية، وسط تأكيده على أهمية التنفيذ الدقيق لما تم الالتزام به للمحافظة على المكتسبات والإنجازات التى تحققت، وللانتقال إلى مرحلة الترابط القوى والتماسك الراسخ الذى يكفل تجاوز العقبات والتحديات، ويلبى آمال وتطلعات مواطنى الدول الأعضاء.
وكانت الإمارات والسعودية والبحرين قررت سحب سفرائها لدى قطر فى 5 مارس الماضى، بسبب عدم التزامها بمقرارات كان تم التوافق عليها فى الرياض 23 نوفمبر 2013، ومراقبة آلية تنفيذها منذ 17 فبراير الماضى، حول عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأعضاء فى مجلس التعاون لدول الخليج العربى بشكل مباشر أو غير مباشر، وعدم دعم كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد، سواء عن طريق العمل الأمنى المباشر أو عن طريق محاولة التأثير السياسى وعدم دعم الإعلام المعادى، بما اضطرها وفق بيان مشترك صادر عن الدول الثلاث للبدء فى اتخاذ ما تراه مناسبا لحماية أمنها واستقرارها، آملة أن تسارع قطر إلى اتخاذ الخطوات الفورية للاستجابة لما سبق الاتفاق عليه، ولحماية مسيرة دول المجلس من أى تصدع.