لازالت أصداء قرار المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء بوقف عرض فيلم حلاوة روح وإعادته مرة أخرى إلى جهاز الرقابة على المصنفات الفنية لإعادة النظر فى مسألة الموافقة على عرضه، تثير الكثير من اللغط واللبس والجدل بين السينمائيين والأدباء والنقاد.
فمنهم من يرى أن تدخل رئيس مجلس الوزراء فى مثل تلك الأمور يمثل تدخلاً صارخًا فى مسألة الإبداع الفنى وأن المرحلة المقبلة تمثل ردة ثقافية جديدة لا يصح أن تشهدها مصر بعد ثورتين قام بهما الشعب المصرى.. فى حين يرى فريق آخر أن هذا القرار يمثل عودة حميدة للحكومة فى مباشرة دورها الأساسى فى الحفاظ على الآداب العامة.
وحول هذا الموضوع يرى الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودى أن قرار رئيس مجلس الوزراء بمنع عرض الفيلم من أعجب وأغرب القرارات والمؤسف أن المهندس محلب أخذ قراره المشين فى حضور بعض من السينمائيين والمنتجين وصناع السينما فى مصر ومنهم المنتج محمد العدل والدكتور أحمد عواض رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية وهو بالأساس الذى أصدر قرار التصريح بعرض الفيلم.. كما أننا نبحث عن رقباء جدد بعد الاستعانة بالأزهر والكنيسة فى بعض الأحيان. وهذا لا علاقه له بجودة الفيلم أو رفضه لأننى سمعت من الكثيرين أنه دون المستوى ولكن مبدأ المنع مرفوض تمامًا.
أما الفنان أشرف عبد الغفور نقيب الممثلين فيرى الموضوع بشكل مختلف ويقول: أنا لن أتحدث عن حرية الإبداع لأن هذا الموضوع تم إقراره فى الدستور وانتهينا منه أما ما يستلفت اهتمامى أن القرار أتى من رئيس مجلس الوزراء نفسه بينما يوجد وزير للثقافة الذى يتبعه رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية وهى الجهة المخول إليها منح تراخيص العرض أو المنع فكيف تمت الموافقة ثم أتى المنع وإن كان المنع قد تم بالفعل فلماذا لم يقدم رئيس جهاز الرقابة استقالته.
وفى تصريح خاص للدكتور صابر عرب وزير الثقافة قال إن رئيس مجلس الوزراء شخصيًا ووزير الثقافه أتت إليهما المئات من الشكاوى لعائلات مصرية تبدى تضررها من هذا الفيلم الذى لم يراع الأوضاع السياسية التى تمر بها البلاد ورأينا أن سحب الفيلم إجراء قانوني. وأضاف وزير الثقافه أنه من حق الرقابة أن تعطى التصريح بالعرض وفى نفس الوقت من حقها سحب التصريح فى حالة وجود ردرد فعل مجتمعية وهذا ما تم بالفعل فى فيلم حلاوة روح.
واعتبر الفنان عزت العلايلى أن الرجوع إلى المادة 67 من الدستور هى الكفيلة بالرد على هذا القرار والتى تنص على أن حرية الإبداع الفنى والأدبى مكفولة، وتلتزم الدولة بالنهوض بالفنون والآداب، ورعاية المبدعين وحماية إبداعاتهم، ولا يجوز رفع أو تحريك الدعاوى لوقف أو مصادرة الأعمال الفنية والأدبية والفكرية أو ضد مبدعيها إلا عن طريق النيابة العامة، إلى آخره.
فيما اعتبرت الناقدة خيرية البشلاوى أن الفيلم من البداية لا يجوز له أن يحصل على تصريح لأن سيناريو الفيلم غير ظاهر وواضح، وعلى الرقابة أن تعى وتفاضل بين ما هو فن وغير فن، فالفيلم من أحط أنواع الفنون وبلا رسالة فنية ولا اجتماعية ويعادل المولوتوف فى خطورته والتجارة بالدين وهى نفس خطورة التجارة بالجنس، لذا أدعو لمقاطعة الفيلم جماهيريًا وليس منعه سلطويًا وأن يسقط من تلقاء نفسه، فلا توجد حرية دون مسئولية أخلاقية.
ورفض السيناريست بشير الديك قرار رفع الفيلم من دور العرض خاصة أنه حصل على إجازة من الرقيب صاحب القرار والسلطة التنفيذية فى ذلك وكان يستطيع رئيس الوزراء أن يحقق فى الأمر بدلاً من وقف الفيلم فهى سابقة خطيرة تهدد صناعة السينما فى المستقبل، ورغم ذلك إلا أننى لم أشاهد الفيلم ولأول مرة يمكننى أن أحكم على الفيلم من «التريللر الدعائى» له ومن خلاله أقول لكل من شارك فى هذا الفيلم إنسان «مش كويس»ـ حسب قولهـ لأن أحداثه أقرب من أفلام «البورنو».
وأكد الناقد على أبو شادى رئيس الرقابة الأسبق أن قانون الرقابة رقم 38 لسنة 1992 يسمح لرئيس الرقابة وحده بسحب الترخيص أو تعديله إذا استجدت مستجدات قد تضر بالأمن القومى والمستجدات هنا قد تكون شكوى المجلس القومى للأمومة والطفولة أو اعتراضات فئات كثيرة من المجتمع على الفيلم.
وقال مصدر بالمجلس إن الفيلم يخالف قانون الطفل رغم تصنيف عرض الفيلم للكبار فقط لكونه مسموح الدخول لكل من يحمل بطاقة شخصية من سن 16 سنة وقانون الطفل يحدد سن الطفل لمن هو تحت الـ 18 سنة وبالتالى يقع الضرر على الطفل بموجب المادة 89.
وطالبت جبهة الإبداع- الرقابة على المصنفات الفنية- بالتمسك بقرارها بعرض الفيلم معلنة أنها وراءه وتسانده فى التمسك بسلطة قراره وطالبت وزير الثقافة بالامتناع عن تنفيذ هذا القرار أو بالاستقالة.
فيما رحبت صفحة كفاية إسفاف «وتضم 300 ألف مشترك» على فيس بوك بالقرار وشكرت محلب وقالت إن القرار صدر بفضل دعم متابعى الصفحة، ورحب أيضًا بالقرار ألتراس العاملين بوزارة الثقافة وطالب بإقالة رئيس الرقابة لتصريحه بالفيلم.
وأصدرت مجموعة تسمى الرقباء الأحرار بالرقابة على المصنفات الفنية بيانها الأول الذين يعلنون فيه تبرأهم أمام المجتمع من مسئولية عرض الفيلم.. وقالوا إن أغلب الرقباء بالرقابة رفضوا عرض الفيلم لمخالفته القوانين الرقابية وأصر رئيس الرقابة على عرضه على مسئوليته الشخصية، ورفض د.أحمد عواض رئيس الرقابة التعليق على قرار محلب باعتباره لم يصله أى مخاطبة رسمية بهذا الشأن.
بينما قال السبكى منتج الفيلم إنه لن يتخذ رد فعل إلا عندما يبلغ رسميًا بالقرار، وقال المستشار عادل الشوربجى نائب رئيس محكمة النقض والمستشار السابق لوزير العدل إن قرار رئيس الوزراء قانونى لأنه رئيس السلطة التنفيذية ورئيس الجهاز الإدارى للدولة وإنه قرار مؤقت بالوقف لحين إعادة عرضه على المصنفات الفنية استنادًا على بلاغ المجلس القومى للأمومة والطفولة وعلى المادة 89 من قانون الطفل التى تحظر عرض أى مصنفات فنية خاصة بالطفل تخاطب غرائزه الدنيا أو تزين له السلوكيات المخالفة للمجتمع وأنه يجب مصادرة المصنفات الفنية المخالفة.