يذكرني تكرار أبواق حكومة المالكي الفاسدة، وبعض الممثلين على الشعب من نواب البرلمان العراقي تشغيل إسطوانتهم المشروخة حول إلحاق صفة الإرهاب بمنظمة مجاهدي خلق، والتي ملٌت آذاننا من سماعها وصُدعت روؤسنا جراء تكرارها، بقصة أحد الشيوخ المصريين ويدعى (سيدي علي) كان غلمان الحارة يستخفون به ويصيحون ورائه (علي كشكش) فيضجر منهم ويستعيذ بالله من شرهم، وأخيرا قرر الإختفاء عن الحارة لفترة عسى ان ينسوه ويكفٌوا عنه، بعد شهرين عاد ثانية للحارة فوجد الغلمان يرددون نفس الإسطوانه(علي كشكش)، فزهق ورمى أحدهم بحجرة وشق رأسه. أخذوه للحاكم وكان حينها الشيخ محمد عبده، فسأله الشيخ إن كان قد ضرب الغلام؟ إعترف الشيخ وينكر فعله، وإستطرد: لكن هناك سبب حدا بيٌ إلى ضربه؟ فقال له الشيخ محمد عبدة: ما هو السبب؟ قال له على كشكش، أولا: سيدي القاضي صلي على محمد. فصلى محمد عبدة على النبي(ص)، وكررها الرجل ثانية وثالثة ورابعة وخامسة، حتى زهق الشيخ محمد عبدة من التكرار، وقال له: كفاك مطاولة! وقص عليٌ السبب. فقال له كشكش: إن كنت أنت الإمام المعروف بعلمه وأدبه وحكمته قد زهقت من تكرار الصلاة على النبي(ص) فما بالك بيٌ! إلا أزهق انا المسكين فقير الحال من تكرار زعيقهم خلفي (علي كشكش)؟ كذلك فأن تكرار إتهام مجاهدي خلق بالإرهاب صارت من السخف والتفاهة، بما لا تستحق التوقف عندها او التعليق عليها.
ما يسميه المالكي وأزلامه بالإرهاب، نسميه نحن بالمقاومة الوطنية التي أقرتها الشرعية الدولية ضد الإحتلال والطغاة والدكتاتورية سواء الأفندية أو المعممة. والمالكي أعرف من غيره بمعنى الإرهاب! فقد مارسه على مرحلتين وعلى مدى عقود طويلة مبتدئا من ثم محترفا، وتمرغ في قذارة الإرهاب كما يتمرغ الخنزير في الكنيف والأوحال. المرحلة الأولى: هي ما تسمى بالمعارضة المأفونة، عندما احتضنه ملالي طهران، وجزار دمشق الأسد الأب ليمارس الإرهاب بعينه، وضحاياه في السفارة العراقية في لبنان والجامعة المستنصرية والكويت وغيرها لم يتراكم عليها الغبار بعد، صحيح في الوقت الحاضر يصعب إثارتها بسبب شيطاني البيت الأبيض وطهران، اللذان يحتضنان المالكي بقوة، لكن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم، وسيأتي اليوم الذي يتفجر فيه بركان الغضب الشعبي والدولي وتنحدر سيوله المدمرة الى سهول الإرهاب فتحرقها. والمرحلة الثانية: بعد الغزو بتسلمه دفة الحكم بتوافق أمريكي إيراني تام، وضحاياه في الزركة والحويجة والموصل وديالى والبصرة والأنبار وغيرها شواهد حية على حجم الأرهاب الذي يصل الى مستوى الإبادة البشرية. وقد مد أخطبوط الإرهاب أذرعه الملوثة بدماء الأبرياء الى مخيمي أشرف سابقا، وليبرتي لاحقا لتمتزج دماء الضحايا المسلمين من الإيرانيين والعراقيين في بوتقة ضحايا الإرهاب، حاملة معها رسالة مدوية للعالم بأن الإرهاب الحكومي لا يعرف الجنسية ولا الدين ولا المذهب ولا القومية، فإرهاب المالكي عادل ويشمل الجميع ولكن بنسب متفاونة.
إن يتعرض اللاجئون السياسيون في بلد ما والمحميون بموجب الإتفاقيات الدولية الخاصة باللاجئين إلى القصف الصاروخي والهجومات الهمجية من قبل القطعان الحكومية والميليشيات المرتبطة بها لثلاث مرات وبخسائر فادحة في الأرواح والممتلكات دون ان يستيقط ضمير الشرعية الدولية من غفوته العميقة! وان يُختطف عدد من اللاجئين من المخيم بينهم نساء من قبل قوات الدولة المضيفة وعلى مقربة من مقر الأمم المتحدة دون معرفة مصيرهم لحد الآن! وان يُقتل العشرات من اللاجئين وهم مكبلي الأيادي في مخيم أشرف! وأن تُسرق جثث القتلى الأبرياء من الأشرفيين ويُدفنون في مكان سري كما دفنت فاطمة الزهراء! وأن تًصدر تهديدات لاحقة من قبل مليشيات إرهابية يرعاها نظاما المالكي والملالي في طهران بتصفية البقية الباقية من المجاهدين في ليبرتي! وإن يُفرض الحصار المائي والغذائي والدوائي والنفطي والخدمي على مخيم ليبرتي من قبل الحكومة! دون إيجاد الحل البديل لهذا الوضع الشاذ الذي لم يحصل في أية دولة في العالم حتى تلك التي لم تشرق عليها شمس الحضارة بعد!
فأن العار وفق هذه الجرائم البشعة يتوزع على ثلاث جبهات رئيسة هي: الأمم المتحدة وممثلها المتسكع على أبواب المرجعية في النجف. ثم والولايات المتحدة التي تعهدت لهم بالأمن والسلام وتنصلت من شرف المسؤولية وسلمت اللاجئين لحكومة الذئاب لتمارس إرهابها الدموي ضدهم. وأخيرا حكومة العار والشنار في العراق بقيادة حزب الدعوة الشيطانية.
وتجدر الإشارة إلى أن وجود مكتب للأمم المتحدة في العراق، تقع ضمن مسؤوليته حماية مخيم العبودية(أي ليبرتي) هو شيء جميل لكن لا علاقة له بالواقع الحالي، فهو أشبه بجسد سليم تسكنه، روح شريرة. بعد أن تسلم ممثل الأمين العام ميلادينوف هدية المرجعية العليا خلال زيارته الأولى للسيستاني(نموذج ضريح الأمام من الذهب الخالص قيمته ملايين الدولارات) سلمهم بالمقابل ضميره وشرف المهنة ونموذجا مشوها لمكتب الأمم المتحدة لا يساوي بنسا واحدا، إذا عرف السبب، بطل العجب.
مشكلة المستبد أو الطاغية الدائمة هي أن نظره لا يتعدى نعليه، فهو لا ينظر الى التأريخ نظرة جدية ويأخذ منه الدروس والعبر، عبر معرفة مصير الطغاة من شاكلته. فهو جاهل، يدفعه جهله لتصنيع الأجيال المتمردة عليه، والتي تكون السبب الرئيس في نهايته. وهو مغفل، لأنه ينصب شرك النرجسية أمام عتبه دارة دون أن يفطن بأنه سيقع في أحابيله على عقبيه. وهو أحمق، فالحماقة تعشعش في أوكار عقله المظلم، فتحرمه من نعمة التمييز بين بناء القوة وبناء الدولة، وشتان بينهما.
ان قضية تحرر الشعوب المضطهدة من قبضة الدكتاتورية هي قضية عامة ووطنية ومصيرية، وبنفس الوقت هي مهمة خطيرة ومكلفة الثمن، إنها تستلزم جهود وطنية مخلصة تمثل ضمير الشعب وتكون لسان حاله. كما أنها تتطلب قيادة حكيمة مخلصة قادرة على الولوج في قلب الشعب وإشعال فتيل التحدي والثورة في داخله. وهي تتطلب قيادة وطنية من الشعب وإلى الشعب، يتجسد فيها عمق الإيمان، وقوة الإرادة، وسلامة العزيمة، وجرأة الإقدام، ونزعة الصبر والثبات وبعد النظر. وهذه السمات تفتقدها قوى الظلام، وينحصر وجودها في قوى الخير فقط، فهي القوى التي يتصاعد عنفوانها يوما بعد يوم مستقطبة حولها كل الأحرار ومن كل الجنسيات، وأفضل نموذج في الوقت الحاضر لمثل هذه القيادة الرائدة هي الرئيسة مريم رجوي.
بقدر ما هي إمرأة حديدية في وجه الطغاة فإنها وديعة كالحمامة مع أبناء شعبها، تحمل السيف بيد، وحمامة السلام باليد الأخرى، تصارع المستكبرين بيد، وتربت على أكتاف المستضعفين باليد الأخرى. تهب كالرياح الغاضبة بوجه الطغاة، وتتمايل كنسمة رقيقة على وجوه الفقراء. تزأر مثل لبوة بوجه الظالمين وتغرد مثل بلبل بوجوه المظلومين، تضمد جراح العاديات وتمسح دموع الأمهات. لا غرابة ولا عجب! هكذا هم صناع التأريخ وبناة الحضارات، والتأريخ شاهد. وهذه هي الزعامات الوطنية التي تتمناها الشعوب وتمنحها ثقتها وتفديها بالأرواح.
لكلمات السيدة الرئيسة رجوي هيبة ودوي، ترنٌ في أذان الشعب الإيراني ويردد صداها جميع الشعوب المحبة للسلام والحرية. فكلامها ينبع من القلب ويصب في القلب، يتغربل في العقل قبل أن يصل الفم وينطلق منه للناس، كلام واقعي يشخص العلل بوضوح ودقة دون أية مواربات ولا توريات. وكل الشرفاء في العالم يتطلعون بشغف وإعجاب الى نشاطها الدائب الذي يتحرك كالبندول من مركز الحاضر، تارة الى الماضي مستلهما عزيمة المسلمين الأوائل، وتارة الى المستقبل مستلهما تطلعات الأجيال القادمة. ومع كل حركة يمينا أو شمالا، تترسخ قيم جديدة، وتؤشر معالم هادئة في طريق الصحوة الجماهيرية، وتتوطد الآمال رويدا رويدا. على العكس من حركة نظام الملالي الرتيبة المملة البليدة التي لا تستقر على موقف موحد، فهي أشبه بالمحرار كل ساعة يعطيك درجة حرارة مختلفة.
لقد وضعت الرئيسة رجوي علامات جديدة في طريق العمل الثوري، حيث الغت المسافة التأريخية الفاصلة بين الحاكم والشعب، وجعلتهما توأمان سياميان لا ينفصلا عن بعضهما البعض، فحياة كل منهما مرتبط إرتباطا عضويا بالآخر. وأكد نهجها السوي بأن الأزمة تبدأ كبيرة من ثم تصغر شيئا شيئا حتى تتلاشى، اما الأمل فيبدأ صغيرا ثم يكبر ويكبر ويكبر حتى يتحقق.
لقد إثبت قيادتها الحكيمة بأن العقيدة القلبية لها سلطان قوي على الأفعال البشرية في الأوامر والنواهي، في ترويج الإصلاح ودرء المفاسد، وإقتحام المخاطر، وخوض بحار المشاق بثقة وجرأة وتضحية. وأن العمل الثوري يدخل في إطار نهج الواقعية، وليس من واقع التنظير فحسب. وان نيران الإستبداد يصاحبها دوما فوران ثوري عارم يمور على نار هادئة، وان نضج فالويل كل الويل للطغاة، كأنه يقول لهم: يا طغاة العالم إرحلوا.
من شجاعة الرئيسة رجوي وقوة التحدي التي تلازمها كظلها، وعمق الإيمان بالله وبقضية الشعب الإيراني يستلهم الأشرفيون معاني التضحية والفداء ويمارسونها قولا وفعلا بشكل يثير إعجاب المجتمع الدولي. كيف لا؟ وهم يقفون بصلابة وتحد أمام مارد الإرهاب، ولم تتزحزح إرادة النصر عندهم قيد أنملة، بل يزدادون قوة وبأسا، ويشتعلون حماسا! فما ضر وخزة شوكة في قدم فيل؟ إنها حالة نادرة في تأريخ الشعوب.
طوبى للشعب الإيراني بهذه الزعيمة الحكيمة. وطوبى للمرأة المسلمة وهي تحمل الكم الهائل من التحدي والإصرار. وطوبى للشعوب المحبة المتطلعة للحرية والسلام بالمرأة النموذج السيدة رجوي. وطوبى للصامدين الصابرين في ليبرتي، فهم يسامقون الكواكب علياءا ووتلألأ، فقد أمسوا قادة للحرية وهم معتقلون في سجن الحرية. إنهم بوابة النصر التي يمر من خلالها جميع الثوار وهم يحملون راية التحرر من الظلم والإستعباد. والخزي والعار لنظام الملالي الذي أزكم العالم الحر بوباء عفونته، نظام بالي كالثوب العتيق كلما رقعت مكانا فيه استجد خرق في مكان آخر. والعار كاملا بلا نقص لكومبارس الولي الفقيه على المسرح العراقي، فقد أصبحوا إضحوكة للعالمين. فلا ناموس يردعهم ولا ضمير يوخزهم.
علي الكاش
كاتب ومفكر عراقي