قال يورام ميطال، الأكاديمي بجامعة بن جوريون ورئيس مركز حاييم هرتسوج لدراسات الشرق الأوسط بإسرائيل، إن الصلاحيات الواسعة بموجب الدستور تدعم الجنرال الرئيس، (في إشارة إلى المشير عبدالفتاح السيسي الذي أعلن مؤخرًا عزمه الترشح لرئاسة مصر) إلا أن قوة الجماهير معروفة حتى لمنافسيه وخصومه الذي يسعون إلى عدم ظهور فرعون جديد.
وأضاف ميطال في مقال نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، بعنوان “مصر تنتظر السيسي”، أن “إعلان السيسي خوضه سجال الانتخابات الرئاسية خلط الأوراق فيما يتعلق بسعيه بالصراع على السلطة في مصر، وبالرغم من أن الانتفاضة الشعبية في يناير 2011 أسقطت الرئيس الأسبق حسني مبارك إلا أن شعار “الشعب يريد إسقاط النظام” لم يتحقق، ففي السنوات الثلاث التي أعقبت الثورة دخلت البلاد في أزمة سياسية شديدة قسمت المجتمع بشكل غير مسبوق، بينما الوضع الاقتصادي يتحول من سيء إلى أسوأ كما تدهور إحساس المواطن بالأمان، وعلى هذه الخلفية بدأت المعركة على الانتخابات الرئاسية وبعدها البرلمانية.
وأشار إلى أن “قليلين فقط عرفوا الجنرال عبدالفتاح السيسي قبل أن يعينه الرئيس السابق محمد مرسي وزيرًا للدفاع وقائدًا للقوات المسلحة”، لافتًا إلى أم “التغييرات في القيادات العسكرية كان هدفها توثيق سيطرة مرسي على الحكم، والصلاحيات الواسعة التي منحها لنفسه وتدخله السافر في الدستور أقامت عليه جبهة واسعة من المعارضين في أوساط المجتمع المدني والأجهزة الأمنية والجيش، كما أن الكثيرين رأوا أن سياسته تخدم مصالح حركة الإخوان المسلمين ولا تضع أهداف ثورة يناير في الصدارة”.
وذكر أنه “على خلفية مطالبة ملايين المصريين بإجراء انتخابات رئاسية زادت المخاوف بوقوع مواجهة بين مؤيدي الرئيس ومعارضيه، وفي توقيت مصيري أطاح السيسي بالرئيس السابق، وأعلن خارطة طريقة لإنقاذ البلاد من أزماتها، وتم إعلان جماعة الإخوان كتنظيم إرهابي”.
وقال إن “سياسة اليد الحديدة التي تعامل بها السيسي حظيت من جانب الكثيرين في المعسكر الليبرالي وقطاعات منتمية لنظام مبارك بالتأييد”.
بالرغم من ذلك، إلا أنه لاحظ أن “أصوات الخائفين من عودة دولة الشرطة ما زالت ملحوظة، فقد تحدى آلاف النشطاء المحسوبية على ثورة يناير قانون التظاهر، إلا أن تلك الاحتجاجات قمعت بقبضة حديدية”.
وأشار إلى أن “أمن المواطن نفسه تعرض لتدهور شديد، فتزايد المواجهات بين قوات الأمن والتنظيمات الإسلامية التخريبية في سيناء انتقلت للمدن المركزية وعلى رأسها العاصمة القاهرة، والعمليات الإرهابية التي تم توجيهها صوب قوات الأمن وحصدت أرواح حوالي 300 منهم عمقت من الشعور بعدم الأمان لدى المواطنين”.
وذكر أن “قطاع السياحة هو الأخر تلقى ضربة قاسية، وأضيف لقائمة العاطلين عن العمل مئات الآلاف من الشباب الذين يعملون في هذا القطاع، واتهم النظام الحاكم الإخوان بالمسئولية عن موجة الإرهاب، كما اتهمت القاهرة حركة حماس بالتدخل في الشئون الداخلية المصرية، ومساعدة التنظيمات الإرهابية الناشطة في سيناء، وأغلق الجيش مئات الأنفاق على الحدود مع غزة، وتم توسيع العملية العسكرية في شبه الجزيرة”.
وبعنوان فرعي “روسيا عادت للحلبة”، قال ميطال إن تغييرًا ملحوظًا شهدته العلاقات بين مصر من ناحية والولايات المتحدة وإسرائيل من ناحية أخرى؛ بعدما انتقدت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الطريقة التي أطيح من خلالها بالرئيس السابق محمد مرسي والانتهاك المستمر لحقوق الإنسان في مصر، ما دفع واشنطن إلى تعليق 250 مليون دولار من حجم المعونات السنوية للقاهرة والتي تبلغ 1.3 مليار دولار، وتحول التعاون الاستراتيجي الذي يعود لـ 35 عاما بين مصر وأمريكا إلى أزمة ثقة عميقة.
إلا أن القاهرة ـ وكما يقول ـ “ضربت بالانتقادات الأمريكية عرض الحائط وبعثت برسالة للرئيس الأمريكي عندما سافر السيسي إلى موسكو وبحث إمكانية مد القاهرة بالسلاح الروسي”.
وأضاف أن “السيسي قام بتوثيق هام للعلاقات مع المملكة العربية السعودية أيضا والتي مثلها مثل مصر ترى في السياسة الأمريكية سياسة خاطئة من أساسها”، لافتا إلى أن السعوديين وحلفائهم في بلاد النفط الثرية ضخوا 25 مليار دولار تقريبا للخزانة المصرية وبدأ يظهر حلف جديد في السياسة العربية.
وذكر الأكاديمي الإسرائيلي أنه “فيما يتعلق بالعلاقات المصرية الإسرائيلي بدأ يحدث تقارب كبير خلال الشهور الأخيرة”، وتابع: “خلال عهد مرسي كانت القاهرة تحترم اتفاقية السلام، لكن تل أبيب خشيت من تعزز سلطة الإخوان وشعرت بالقلق من التعاون بين مصر وحركة حماس”، إلا أنه “مع إسقاط الرئيس الإخواني وعودة الجنرالات للسلطة تم استقبال الأمر بحماس شديد في تل أبيب”.
وأوضح أن “تل أبيب تابعت بارتياح شديد تغير الموقف المصري تجاه حماس والحرب التي تشنها القاهرة ضد الجماعات المتطرفة في سيناء”، وذكر أن “الحوار عبر القنوات الأمنية بين الجانبين المصري والإسرائيلي في تزايد، كما أن تل أبيب توافق على الزيادة الملحوظة في عدد القوات المصرية بسيناء والتي من المفترض أن تكون منزوعة السلاح بموجب اتفاقية السلام، ومن ناحية أخرى يعمل ممثلو إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية والإعلامية على تخفيف الانتقادات الدولية ضد القيادة المصرية”.
وختم الأكاديمي الإسرائيلي قائلا: “الوضع الاقتصادي الصعب والتدهور في نظيره الأمني زادا من تأييد السيسي في مسعاه نحو كرسي الرئاسة”.
ففي حين أن “مؤيديه يريدون إيقاف الانهيار الذي يهدد بلادهم”، قال إن “الصلاحيات الواسعة التي يمنحها الدستور الجديد للرئيس وقوات الأمن من شأنها أن تساعد الجنرال في تطبيق النظام والقانون بفعالية”.
وذكر أن “السيسي أعلن مؤخرًا أن السنوات الماضية أثبتت عدم استطاع شخص التحول لرئيس دون الاستجابة لإرادة الشعب”، موضحًا أن “هذه العبارة تشهد على اعتراف السيسي بأحد التغييرات الملحوظة جدا التي أسفرت عنها ثورة يناير؛ فقوة الجماهير من الأمور المعروفة جيدا حتى لخصوم وزير الدفاع السابق، هؤلاء الذين يسعون لعدم ظهور فرعون جديد يحكم أرض الأهرامات”.