عقدت قمة الكويت من حيث المبدأ تحت ضغط عنصرين سياسيين تمثل الأول في المخاوف الكويتية التي برزت مبكرا على هامش إجتماعات التحضير بإحتمالية إنخفاض مستوى التمثيل بقرار سعودي.
والثاني عبر عن نفسه في المخاوف التي إنتشرت مبكرا وإلتقطها بعض الإعلاميين حول إحتمالية حصول “مصادمات” على هامش القمة عند بروز اي محاولة لتفيعل “مصالحات” خصوصا بين دول الخليج المختلفة فيما بينها.
رسائل كويتية مباشرة للسعوديين وصلت في الهامش تطالب بعدم “إحراج الكويت” عبر تقليص التمثيل السعودي مما سينعكس سلبا على مجمل فعاليات التمثيل وتحضيرات القمة.
في اللحظات الأخيرة إستجابت السعودية وإتخذ قرار بان يترأس الوفد السعودي ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز مقابل تفضيل سعودي لتراجع الكويت عن مطمح “تنقية الأجواء” وفقا لقواعد العمل المتبعة في النادي الخليجي والتي تقضي بان لا تحل المنازعات والخصومات الخليجية علنا وفي المؤتمرات.
وافق الكويتيون على مضض حسب المصادر المطلعة على ترتيب أوليات لصالح الخيار السعودي بتجاهل مسألة المصالحة مع قطر ووصلت رسالة لمرافقي العاهل الأردني الملك عبدلله الثاني وهو في لاهاي تفيد بأن عمان ينبغي أن تتوقف عن محاولات التوسط وتهتم بشئونها.
في الأثناء لوحظ بان حالة التخندق التي حضرت فيها للكويت الوفود العربية التحضيرية لا تلائم إصدار بيان ختامي فاوصى وزراء الخارجية- قبل وصول القادة والزعماء- بالإستعاضة عن البيان الختامي بوثيقة تسمى “إعلان الكويت”.
دلل ذلك على أن قمة الكويت عمليا محكومة بقياسات الإخفاق في المستوى الكلاسيكي والتنظيمي قبل بدايتها بسبب تلبد غيوم العرب بالخلافات حيث العلاقات القطرية مع ثلاثة دول خليجية متوترة وسلطنة عمان مختلفة مع بقية دول الخليج في الملف الإيراني وحيث العلاقات سلبية بين السعودية والجزائر من جهة وبين العراق وقطر والسعودية من جانب آخر.
رغم ذلك جازف الكويتيون وتجنبوا خيار “السيناريو التونسي” حسب الأوصاف التي أطلقها الدبلوماسيون في الأروقة مستذكرين قمة تونس الشهيرة التي ألغاها الرئيس المخلوع زين الدين بن علي بسبب الخلافات وإنخفاض مستوى التمثيل.
وبدا واضحا أن الزخم الذي لم يتوقع كثيرون وجوده من القادة العرب خصوصا زعماء ما بعد الربيع العربي “تونس ومصر واليمن” إنطلق على أساس المجاملة فقط لأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الذي تحدث في كلمته الإفتتاحية عن ضرورة معالجة الخلافات العربية.
أمير قطر من جانبه سعى في خطابه لإرسال إشارات تتجاهل الخلافات العربية البينية دون أن تعيد او تراجع الموقف السياسي القطري من القضايا الأساسية..لذلك هاجم الأمير تميم بن حمد سياسات مصر والعراق ويرى المراقبون أن ولي العهد السعودي الأمير سلمان رد عليه ضمنيا عندما إمتدح العملية “الإنقلابية” في مصر وإنتقد حركات الإسلام السياسي المتطرفة في تمهيد واضح لما يناقش حول سيناريو التصعيد السعودي ضد الأخوان المسلمين الذي يسعى المصريون لإستنساخه ضمن مقررات القمة العربية.
وفيما غلبت المجاملات على طابع الحضور القيادي لفعاليات القمة تمكينا للمضيف الكويتي ترجم التجاذب والخلاف العربي الداخلي نفسه في جلسة الإفتتتاح مرة عبر تبادل الملاحظات النقدية بغطاء المجاملة الدبلوماسية والعبارات الملغزة في الخطابات الرسمية ومرة عبر الإصرار السعودي الشرس على تسليم مقعد سوريا الشاغر إلى زعيم الإئتلاف المعارض أحمد الجربا.
الوفد الجزائري كان الأكثر نشاطا بالتحالف مع العراق في التصدي لرفض اي محاولة لإستبدال مقعد النظام السوري مطالبا البقاء عند حدود الموقف المتخذ بالخصوص في قمة الدوحة فيما كان رئيس وزراء الأردن الذي ترأس وفد بلاده في الجلسة الإفتتاحية يبلغ صحفيين أردنيين خلف الكواليس بأن الجلسة الإفتتاحية إنشغلت تماما بالخلاف على المقعد السوري.
تقديرات النسور السريعة كانت واضحة ومباشرة وهي تتحدث عن إحتمالية إقتصار القمة العربية على اليوم الاول والإخفاق بالتالي بإصدار بيان ختامي بمستوى التحديات مع إحتمالية مغادرة ولي العهد السعودي للقمة إذا لم تحصل الإستجابة للمسعى السعودي.
معنى ذلك أن الخلاف حول المقعد السوري الشاغر كان أبرز الخلافات التي تم إخفاء خلافات بينية أخرى تحتها وتصفية الحسابات عبرها في الوقت الذي عقدت فيه الجلسه المسائية وسط إنطباعات سلبية بعنوان إحتمالية فشل القمة وإخفاقها او على ابعد تقدير خروجها بدون مصالحات او تفاهمات على المحاور الأساسية والرئيسية.
القدس العربي- بسام البدارين