مراهقة أميركية لأب سعودي تعيش حياة طبيعية كشابة مسلمة في محيطها الأميركي حالها كحال باقي الشابات في عمرها. شاءت الأقدار أن تصبح برعاية جدها الأمير السعودي في الرياض، لتجبر على ارتداء النقاب والعيش سجينة في قصر لا صوت فيه للنساء.. هذا هو محور سيناريو مسلسل “أليس في بلاد العرب” الذي كانت قناة ABC الأميركية على وشك انتاجه.
سيناريو الحلقات الأولى للمسلسل الذي تم تسريبه قبل عدة أيام وكتبته بروك إيكماير التي عملت سابقا في الجيش الأميركي، أثار حفيظة الكثير من الناشطين الذي رأوا أنه يتعامل مع المسلمين بطريقة عنصرية ويعكس صورة نمطية عن الإسلام في الولايات المتحدة والعالم. هذه الانتقادات دفعت شبكة ABC إلى التراجع عن قرار تصوير أولى حلقات المسلسل الدرامي.
وهذه تغريدات باللغة الإنكليزية على موقع تويتر تنتقد بشدة “قيام هوليوود بترويج صورة نمطية سلبية عن العرب والمسلمين”:
وحسب النسخة المسربة للسيناريو، فإن أليس مكفارلاند، وهي شابة في الـ 16 من عمرها، تعيش حياة المراهقين، لها هواياتها واصدقاؤها، وحفلاتها التي تختلط خلالها بذكور بعمرها ويدفعها الفضول لاحتساء الخمر وممارسة الجنس.. لكن السيناريو يصف أليس على أنها “مسلمة جيدة”.
تنقلب حياة أليس رأسا على عقب بعد وفاة والدتها في حادث سير ودخول والدها السعودي في غيبوبة، فيدخل جدها “بكر شكري آل سعود”، الذي كانت أليس تظن أنه متوف، حياتها.
تصف كاتبة السيناريو الجد الذي قدم من الرياض، على أنه أمير سعودي يكنى بـ”أبو حمزة” ويعيش حياة مترفة بقصر كبير في الرياض، حيث تعيش زوجاته وحفيداته.
يقنع بكر شكري آل سعود، حفيدته أليس بمغادرة الولايات المتحدة للعيش معه في الرياض لفترة مؤقتة، لكن، ما أن تستقل أليس طائرة الجد الخاصة، حتى يستحوذ على جواز سفرها بحجة أنه بحاجة لإنهاء إجراءات دخول المملكة. يضع الجد جواز السفر في خزنته ليمنعها من العودة إلى الولايات المتحدة، حسب السيناريو.
سجن من نوع آخر
في قصر الجد آل سعود، يضع سيناريو المسلسل القارئ في عالم جديد، تعيش فيها النساء ملكات وأميرات في سجن من نوع آخر، فهن يرتدين النقاب في كل مكان، ويتلقين تعليمهن في القصر أيضا. تعيش أليس في جانب من القصر مخصص للنساء فقط، فترحب بها زوجات وبنات وخادمات القصر.
يدفع الجد أموالا طائلة للتعاقد مع اساتذة من شتى أرجاء العالم لتعليم النساء في القصر عبر الانترنت، ليتجنب قضية اختلاطهن مع الرجال خارج القصر. وجاء في السيناريو أن الدروس والمحاضرات تتم بالصوت فقط، في إشارة إلى أن الجد لا يريد المخاطرة بوضع كاميرات في أجهزة الكومبيوتر.
تتعرض أليس لنوع من غسيل الدماغ، لتقنعها عمتها بارتداء النقاب. إذ تقول العمة لأليس إن نساء القصر لا يختلفن عن بقية النساء سوى في مظهرن أمام الغرباء، فهن يقرأن مجلات الموضة ويتابعن المسلسلات الأميركية ويرتدين الملابس الداخلية المثيرة.
في القصر، فتاة عمرها 14 عاما، مخطوبة لرجل يكبرها سنا ليس فيه ما يعجب سوى حنكته السياسية. تقول الفتاة إنها لا تستخدم المكياج لكي لا تظهر للرجال على أنها “عاهرة”، حسب السيناريو.
تتعرض أليس خلال تواجدها في السعودية إلى نوع من التمييز كونها ولدت وترعرعت في الولايات المتحدة، فيصفها أحد رجال القصر بأنها “نصف قرد محب لليهود”، فيما يتطرق الجد أبو حمزة إلى أميركا ليصفها بـ”عالم منحرف”، تجبر فيه النساء على “تجويع انفسهن للحصول على مظهر نحيف بصدور كبيرة”.
مشكلة “أليس في بلاد العرب”
يعكس السيناريو في بعض صفحاته صورة نمطية تطال المسلمين في الولايات المتحدة والغرب بشكل عام، فالسيناريو يصور المسلمة على أنها “امرأة مجهولة” لا تتحلى بالقدرة على التفكير أو اتخاذ القرار، لتكون إما حرة أو محبة لله، وليس كلاهما.
ويتطرق بشكل سطحي إلى العلاقة بين المبادئ الأميركية والإسلام، فاستنادا إلى المسلسل، كل شخصية مسلمة ملتزمة، تعارض المبادئ الأميركية، والعكس صحيح.
كما يصور السيناريو الرجل العربي على أنه الغاضب المتسلط المنتهك لحقوق المرأة، الأمر الذي لا يعكس صورة حقيقية للمجتمع السعودي أو العربي أو المسلم بشكل عام.
ويشير المنتقدون للسيناريو إلى أن إطلاق كنية أبو حمزة على الجد السعودي لم يكن محض صدفة، فهو يهدف إلى تصوير الأمير السعودي على أنه رجل متشدد يدعم فكرة تنظيم القاعدة، نسبة إلى أبو حمزة المصري الذي يحاكم في الولايات المتحدة بتهمة دعم الإرهاب وتمويله.
وقال مجلس العلاقات الأميركية-الإسلامية في رسالة بعثها إلى ABC قبل قرار إلغاء تصوير المسلسل، إن السيناريو يثير القلق لما قد يخلف عرضه من تداعيات سلبية على حياة العرب والمسلمين الأميركيين.
كما وصفت اللجنة الأميركية العربية لمكافحة التمييز سيناريو المسلسل بأنه “تعصب أعمى” وتشجيع للصورة النمطية السلبية ضد ملايين العرب الأميركيين المسلمين في العالم.