كشفت صحيفة “معاريف” العبرية عن شخصية بروس كشدان الدبلوماسي الإسرائيلي، الذي تبين أنه مهندس العلاقات السرية بين إسرائيل ودول الخليج، كما كشف النقاب عن ذلك، المراسل للشؤون السياسية في تلك الصحيفة، إيلي بيردنشتاين، نقلاً عن مصادر وصفها بأنها رفيعة المستوى في تل أبيب.
فعلى الرغم من تعدد قنوات الاتصال السرية وتشعبها بين إسرائيل ودول الخليج، إلا أنه يتبين، كما قالت المصادر عينها في تل أبيب للصحيفة العبرية، إن أكثر القنوات أهمية وحيوية هي تلك التي يديرها كشدان.
وعلى الرغم من أنه تجاوز سن التقاعد، إلا أن وزارة الخارجية الإسرائيلية ترفض التخلي عن خدمات كشدان، الذي يطلق عليه في دولة الاحتلال لقب سفير فوق العادة في الخليج العربي، الأمر الذي دفع بوزير الخارجية أفيغدور ليبرمان إلى أن يصر على تجديد التعاقد معه.
ومع أن كشدان، الذي هاجر من بريطانيا إلى إسرائيل في الستينيات من القرن الماضي، يرفض التحدث عن مهامه الدبلوماسية، على اعتبار أنها ذات طابع سري نظراً لأنها تتعلق بدول لا تقيم علاقات دبلوماسية مع الدولة العبرية، إلا أن معلقين وصحافيين إسرائيليين باتوا يلقون الكثير من الضوء على العمل الذي يقوم به كشدان، تحت غطاءٍ من السرية.
وعلى الرغم من أنه بالإمكان الحصول على صور جميع العاملين في السلك الدبلوماسي الإسرائيلي، أضافت الصحيفة العبرية، إلا أنه لم يتم حتى الآن نشر أي أية صورة لكشدان، حتى بعد مضي عقود على شروعه في السلك الدبلوماسي في دولة الاحتلال، وهو الأمر الذي يفسر حرصه على البقاء بعيدًا عن الأضواء.
وتابعت المصادر نفسها قائلةً لـ(معاريف) إنه بفضل الجهود التي يبذلها كشدان، فإن العلاقات بين إسرائيل والدول الخليجية جعلت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يجاهر بالقول إن دول الخليج لا ترى في إسرائيل دولة عدو، بل دولة صديقة.
وقد تبين، بحسب المصادر الإسرائيلية، أن لكشدان الدور الأبرز في إرساء تحالف المصالح المشتركة مع دول الخليج. علاوة على ذلك، أشارت المصادر نفسها إلى أن الدبلوماسي الإسرائيلي المذكور برع دائمًا في جعل هذه العلاقات في سرية تامة، باستثناء فترات تجرأت فيها دول الخليج على الكشف عنها.
وتابعت الصحيفة قائلةً إن كشدان لعب دورًا مهمًا في تنسيق لقاءات واجتماعات بين مستويات سياسية وأمنية تنفيذية في كل من دول الخليج وإسرائيل، بغرض التنسيق والتعاون في مجالات مختلفة، خصوصًا في كل ما يتعلق بقضايا الأمن الإقليمي المختلفة والطاقة، مشددةً أيضًا على أنه لعب دورًا حاسمًا في التوسط بين الصناعات العسكرية وشركات التقنية المتقدمة في إسرائيل ودول الخليج التي تبدي حماسًا لشراء منظومات قتالية وأجهزة حساسة من الدولة العبرية، بحسب ما أكدته المصادر في تل أبيب.
ولفتت الصحيفة إلى أن الدبلوماسي السري كشدان احترم رغبة ممثلي دول الخليج في إقامة علاقات منفردة مع كل دولة خليجية على حدة، بحيث لا يتم إطلاع أي دولة على طابع العلاقة بين إسرائيل والدول الخليجية الأخرى. ويعتبر كشدان المسؤول عن تنظيم الزيارات السرية والعلنية التي يقوم بها مسؤولون إسرائيليون، لدول الخليج، وضمنها الزيارة الأخيرة التي قام بها مؤخرأ المحامي إسحاق مولخو، المبعوث الخاص والشخصي لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين لنتيناهو لإمارة دبي ولقائه بمحمد دحلان، حيث تم البحث خلال اللقاء في مرحلة ما بعد رئيس السلطة محمود عباس ودور دحلان المحتمل فيها.
ويوصف كشدان بأنه كاتم أسرار فعال قضى أكثر من 10 سنوات في الرحلات البطولية بين إمارات الخليج، ويعرف جيدًا السعوديين أيضًا، بحسب المصادر الإسرائيلية.
وتوضح برقيات سرية لوزارة الخارجية الأمريكية تم تسريبها لموقع (ويكليكس) في العام 2010 أيضًا أن كشدان كان مسؤولاً أيضًا عن العلاقات بين إسرائيل والبحرين.
وكشفت وثائق ويكليكس في برقية صدرت في أغسطس 2005، أن وزير خارجية البحرين في حينه محمد بن مبارك آل خليفة أبلغ نائب السفير الأمريكي في المنامة أنه قبل ذلك بيوم التقى مع السفير الجوال لإسرائيل بروس كشدان، وأشار آل خليفة إلى أنه منذ وقت طويل وهناك علاقات مهمة وهادئة بين البحرين وإسرائيل.
وفي برقية أخرى، أفادت الصحيفة العبرية، صدرت في أبريل من العام 2007، قال وزير خارجية البحرين في حينه خالد بن أحمد آل خليفة للسفير الأمريكي في المنامة إنه تلقى مكالمة هاتفية من المبعوث الإسرائيلي لدى الخليج بروس كشدان، والذي هنأه على الحوار الذي تطرق فيه لإسرائيل بشكل إيجابي.
في السياق ذاته، اعترفت صحيفة (يديعوت أحرونوت) مؤخرًا في تقرير نشرته بعمل شركة أمن إسرائيلية في بعض دول الخليج لتدريب وتأهيل مقاتلين وحراس لآبار النفط ومواقع حساسة أمنيا، ونشرت الصحيفة صورًا لمدربين إسرائيليين تحت أسماء أوروبية وغربية مستعارة، خشية انكشاف هويتهم الإسرائيلية وتعريض حياتهم للخطر.
وقالت الصحيفة إن المدربين هم من خريجي الوحدات القتالية في جهاز الأمن العام (شاباك) ووحدات النخبة القتالية في الجيش الإسرائيلي وتبلغ أعمارهم حوالي الـ25 عاما.
وذكرت الصحيفة أن المدربين يصلون إلى إحدى دول الخليج العربية من مطار بن غوريون في اللد مرورًا بعمان أو أنطاليا، لافتةً إلى أن عمل الشركة كان بمعرفة ومصادقة وزارة الأمن الإسرائيلية، فيما قالت صحيفة (كالكلاليست) الاقتصادية الإسرائيلية إن حجم الأعمال التي تنفذها الشركة في الدول العربية وفى دول أخرى في العالم بلغ في عام واحد (عام 2009) حوالي سبعة مليارات دولار.
زهير أندراوس / الناصرة ــــ “القدس العربي”