نشر موقع (إيماسك) الإماراتي المعارض هذا التقرير حول محمد دحلان مستشار ولي عهد أبو ظبي والقيادي الفتحاوي المفصول:
محمد دحلان، عنصر أمن فلسطيني لم يمر على الشعب الفلسطيني ولا قضيته، من هو أكثر منه تآمرا عليه، وتقاربا مع أعدائه بل تحالفا، وتنكرا لقضيته. فهو كتف يحمل أي سلاح، من السلاح المشبوه والمدنس، وخبرة أمنية تعمل في أي بيئة متخصصة في العمل ضد الإسلام المعتدل، وضد مقاومة الاحتلال. بكلمة أخرى، يعمل في بيئة من العمالة والسقوط الوطني والقومي والإنساني، بصورة وقحة وفجة وعلنية ضد الأمة. كما أن هذا العنصر الأمني، يعمل لأي مال، وفي سبيل أي مال، ولا سيما إذا كان المال إماراتيا.
على أي حال، فإن هذا العنصر، محسوب على معسكر أمني وسياسي في المنطقة يبدأ منه، ويضم توني بلير و اليمين الصهيوني المتطرف في واشنطن، وأجهزة أمنية في مصر والإمارات وإسرائيل والسعودية. ويعمل ضد معسكر مقابل، يضم المقاومة الفلسطينية وحركات الإسلام الوسطي، ودولة قطر وحكومة أردوغان وأي حكومة أو حركة ذات توجهات إسلامية، في أي مكان في العالم. لذلك، فإن دحلان، يتساوق مع نظريات المخابرات، المتطرفة التي تستهدف الفكر والعقول والدين والقيم والأخلاق، ونشر الفساد وإقامة تحالفات دنيئة بين السياسي والأمني، وبين المال والأمن، وبين الثقافي والأمن، وبين الديني والأمن كما حدث مؤخرا في “منتدى تعزيز السلم” وهو في الحقيقة منتدى تعزيز الأمن، الأمن على طريقة هذا المعسكر.
مهما يكن من أمر، فلدحلان تاريخ مخز من الصراع والدسائس والتآمر على الشعب الفلسطيني، إذ كان هذا الصراع دائرته الأولى التي أثبت فيها كفاءة منقطعة النظير في دور أمني وسياسي لصالح الاحتلال جملة وتفصيلا. هذه الدائرة الأولى، لم تستهدف فقط المقاومة الفلسطينية بصفة عامة، وحركة حماس بصفة خاصة، وإنما اتسعت لتشمل حتى حركة فتح التي كان ينتمي إليها قبل أن يصبح شريدا طريدا، أحد شذاذ الآفاق، ليجد مأوى وتقديرا واحتضانا في دائرته الثانية في دولة الإمارات على حساب الشعب الإماراتي وأمواله، وأخلاقه وقوميته وشرفه وكرامته، في وقت يسجن فيه أبناء الإمارات وينكل بهم وبعائلاتهم وينفون وتضيق عليهم بلادهم، بما رحبت واتسعت لدحلان وأشباهه.
نقول، إن دحلان تآمر على حركته نفسها، وتآمر على الراحل أبو عمار، وتآمر على قيادات فلسطينية أخرى كثيرة، إلى جانب قيادات من حركة حماس أيضا. إذ تطارده اتهامات من حليف الأمس -محمود عباس- تتهمه بأنه كان وراء اغتيال عرفات بالسم، وأنه وراء اغتيال قائد كتائب القسام الشهيد صلاح شحادة. وبطبيعة الحال، ليس هذا الشاهد. إنما الشاهد أن اختلاف المتآمرين وحلفاء وعملاء الأمس أمنيا وسياسيا ضد الأمة العربية يفضح الأدوار الخطيرة التي يقوم بها دحلان سواء ضد خصومه أو حتى ضد حلفائه. إن شخصية كهذه، لم تتورع من التآمر على شعبها، فلن تتورع من التآمر على الشعب الإماراتي، ولن ترحمه ولن تكون أمينة عليه ولن تكون مخلصة له ولا وفية. شخصية، من طباعها اللؤم وزرع الأحقاد، شخصية منافقة متواطئة مع أعداء الأمة، شخصية تهزأ بالله وآياته، لا فضائل لديها، لا يمكن أن تكون الإمارات حاضنة لشخصية كهذه، أو راعية أو حليفة له!
إن شخصية كهذه، لا يؤمن لها جانب، وليست أهلا لثقة، ولا تستحق التكريم. وكما اختلف عباس ودحلان مؤخرا، وأخذ كل منهما يفضح الآخر ويكشف أدواره في محاربة المقاومة الفلسطينية، غدا يكشف كل منهما دور الآخر في الدائرة الثانية التي يعمل فيها دحلان. وكما اختلف مع حلفائه بالدائرة الأولى، سيختلف غدا مع حلفائه في الدوائر الأخرى: الخليجية والإماراتية والإسرائيلية. ولكننا لا نعلم، إن كان سيمهله القدر ليختلف، أم يعاجله سيناريو الاختطاف، كما اختطف عمرَ سليمانَ الموتُ فجأة!
مهما يكن، فالدائرة الإماراتية، هي أخطر من تلك الأولى. إذ شمل نشاط دحلان الأمني دولة الإمارات باتجاهاتها الست. فكونه يعمل مستشارا أمنيا في دولة الإمارات لقيادات أمنية وسياسية نافذة، فقد أتيح له أن ينتقم من الشعب الإماراتي لتعويض هزيمته و ذله في غزة على يد الشعب الفلسطيني.
“دحلان عندما يغتال الإمارات”، هذه الجملة ليست جملة إثارة لجذب الانتباه، وإنما هي جملة استثارة فكرية لتسلط الضوء على شواهد ومشاهد اغتيال الإمارات على يد مدرسة دحلان الأمنية. فالخطورة، تجاوزت شخصية دحلان الفردية، إلى أن هذا العنصر أسس بالفعل مدرسة أمنية في دولة الإمارات، تسير على ضلاله، وتنتهج فساده، وتستفيد من خبرته، وتستنسخ تجربته، وتنفذ توصياته. إن دحلان هو المسؤول المباشر الأول عما آلت إليه دولة الإمارات من سمات أمنية، أفقدت الإمارات أمنها، وسمعتها ومكانتها الإقليمية والدولية. إذ تحسب توجهات الدولة الأمنية والسياسية على توجهات اليمين المتطرف الذي يحترف العمل ضد مصالح الشعب الإماراتي، وضد مصالح الأمة في كل مكان، من غزة ومصر وحتى مالي وباكستان.
الشعب الإماراتي، عندما يرى أبناءه وعلماءه بالسجون، ونساءه يخطفن ويمنعن من السفر، ويمنع آخرون من العمل، ويفصل الكثيرون من أعمالهم، وتوقف مصادر أرزاقهم وأعمالهم، ويجدون التمييز في المعاملة في أبشع صورها، بين إماراتي ترضى عنه مدرسة دحلان، وبين إماراتي لا ترضى عنه هذه المدرسة، و تدخل دولة الإمارات طرفا في مساندة الانقلابات والدعوة لقتل الناس في مواقع التواصل الاجتماعي، وتقف في خندق ضد مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وترعى انشقاقات إضافية في صف الأمة وعلمائها، وتحاول خلق كيانات عديدة وكثيرة أمام كيانات الأمة الشرعية الأخرى في مجالات شتى، كمجلس “حكماء المسلمين” لا ليكون إضافة اجتهادية ثرية أخرى، وإنما لمزاحمة كيانات أخرى والتشكيك بها- الشعب الإماراتي عندما يرى ذلك وغيره الكثير، فإنه يعتبر أن دحلان ومدرسته وكل من احتضنه وقدم له الدعم مسئولا عن الردة التي تشهدها دولة الإمارات وحدة التراجع في القيمة والمكانة والتأثير.
دولة الإمارات قبل أن تسمح لمدرسة دحلان بالعبث فيها، كانت دولة مهابة مسموعة الكلمة مقدرة من جانب دول العالم وشعوبه كافة. أما اليوم، فهي والسعودية ونظام الانقلاب وبقية المعكسر سابق الذكر، لا تأثير له ولا نفوذ، يفشل في كل واقعة وموقع، كما سيفشل في الساحة الإماراتية أيضا.
مدرسة دحلان الأمنية، ومن يمتثل لها ويرعاها، هي من تزرع الحقد في قلوب المسؤولين وضمائرهم على الشعب الإماراتي. إذا لا تفسير في أن تعاقب دولة وحكامها ثلة من أبنائها لكتابتهم عريضة، أو حتى لو خرجوا في مظاهرة أو اعتصام، بالسجن من عشر سنوات إلى خمس عشرة سنة، دون أن تكون مدرسة دحلان قد حجبت عن عيونهم محبتهم لشعبهم، ونزعت من قلوبهم الرحمة على شعبهم. هذه المدرسة هي المسؤولة عن زراعة الحقد وتجذيره، بصورة ستظل مستمرة ومتعمقة في ممارسات وسلوك الدولة الأمني، من خلال جهاز الأمن، الذي يعتبر نفسه الدولة، ويعتبر الدولة هو.
الأمر الغريب، أن الحالة الأمنية في الإمارات لم تكن بحاجة لدحلان ولا لمدرسته، إذ لم تشهد الساحة الإماراتية أي نزاع أو خلاف أمني أو عسكري يتطلب تعاملا أمنيا فظا يمكن تبريره بالخلاف والنزاع. إن مدرسة دحلان أزالت الأمن ونزعت الثقة ونشرت الخوف، سواء بفعل تطبيق سياسات دحلان الأمنية على الشعب الإماراتي أو انجرار الإمارات لدعم أشباه دحلان في ساحات أخرى.
الحالة الدحلانية، يمكن أن يقال فيها وعنها الكثير. غير أن الأمر الأكثر خطورة وأهمية للشعب الإماراتي، هو ضرورة طرد دحلان من الإمارات فورا. فمن يَفْجُر في خصومته مع شعبه وحركته وشركائه في المؤامرات، غدا يَفْجُر ضد الإمارات ويستغل كل معلوماته ومعرفته بمفاصل الدولة وتفاصيلها التي فتحها أمامه جهاز الأمن بلا حسيب وبلا رقيب، ضد الشعب الإماراتي ومصالحه، ويسبب أضرارا لا يمكن تطويقها أو تداركها. آن لمدرسة دحلان أن تزول ماديا وفكريا من البيئة الإماراتية الطاهرة والنظيفة، وآن الأوان أن يزرع الحب في الإمارات واحترام آدمية الإنسان وكرامته وحقوقه وحرياته. إذا الموت “باغت” عمر سليمان، فإن دحلان حالة أخرى، فقد يكون هو الموت لحلفائه ولدولة الإمارات. أو ليس كل ما صنعه دحلان، موتا واغتيالا لدولة وشعب فتيين، بصلبان مدرسته، ولكننا نحن من أعطاه سهام الاغتيال.