في الوقت الذي يتوجس العالم فيه من إيران تستقبله مسقط بمناديل بيضاء لا أثر فيها لغبار الواصف التي تهب على الخليج (الفارسي)، مهما اختلفت تسمياته على الضفتين .
ومهما بالغ العالم الإسلامي في قلقه من الجمهورية الإسلامية وطموحاتها فإن عمان لا ترى فيها سوى الجار الذي تكون قوته رصيدا لقوتها لا عامل خوف منها.
وفيما كان مسؤول خليجي كبير يصرح وفق ما قالته وثائق ويكيلكس عن إيران “نكذب عليها وتكذب علينا” فإننا نفتخر في عمان أننا “نصدق معهم ويصدقون معنا”.
بذلك تتعزز الثقة وفق لغة المصالح التي لا يمكن إنكارها، وحبل الكذب لا يكفي لرتق المسافة بين ضفتي مضيق هرمز، وحده الصديق يقرب بين الجبال على الضفتين، كما يجمع الرجال على الجانبين.
نقولها: مرحبا روحاني..
تقولها عمان بروحانية العلاقة التي استمرت قوية وراسخة عبر مراحل وعواصف.. وقرون من السنوات مرت على مياه الخليج (الفارسي) فلم تطرح إلا محبة تمكنت في أرواح آمنت أن العلاقات تبنى على فهم مشترك وتفاهم لا مفر منه.
هناك من لا يرى في إيران سوى: طموحات الثورة الإسلامية، وتدخلاتها في عدد من الدول العربية، خاصة الخليجية، ولا يقرأ من ملفاتها سوى الملف النووي.
وهذه الحسابات التي لا يمكن القفز عليها لا تضعها عمان العنوان الدائم لأية قراءة للسياسة الإيرانية، حيث البراجماتية السياسية لا يمكنها التغاضي عن حسابات التاريخ ومعطيات الجغرافيا، ولا يمكنها أن تحذف من خرائطها الموانئ التي حطّ فيها بحّارة عمان تجارا وزوارا على الجانب الإيراني، ولا تنسى الوقفة الإيرانية مع السلطنة يوم أن كان المد الشيوعي يضرب الخاصرة الجنوبية للبلاد.
لا تلوّح عمان مرحبة بالزعيم الإيراني، بروحاني، بيد فارغة، ففيها من بياض المساعي الخيّرة ما تقرأه طهران باحترام، تقاربت الرؤى العربية الإيرانية أو تباعدت.
وفيها بياض الطهارة من أن اليد العمانية لم تولغ في الدم الإيراني يوم أن كان الخليج (الفارسي) جميعه يقف مع صدام / حارس البوابة الشمالية قبل أن يتحول الحارس إلى مغتال.
وفيها من بياض العلاقات ما لم تكدره الفتن الطائفية حيث التسامح المذهبي في عمان يحقق عدالته دون حاجة إلى رعاية من المرجعيات الجالسة خارج حدود الوطن، ففيه من الاتساع ما يجعله كافيا للجميع، مواطنين من الدرجة الأولى.. جميعهم.
نقولها مرحبا روحاني.
أيها القادم من بلاد تاريخ ومجد.. بلاد لا تنكر قوتها، تقليدية كانت أو نووية، ولا ينكر عمقها الحضاري مهما بدت العواصف على ضفاف الخليج (الفارسي) هادرة بالأساطيل وعابرات البحار.
ومثلما نمدّ أيادينا بالمحبة في الاتجاه الآخر من الخليج (الفارسي) فإننا لا ننسى عمقنا العربي على الضفة الأخرى، وحلمنا أن تبدأ لغة حوار بينكم ومن أرهقتهم لغة التهديد والوعيد، وحالة اللاثقة، حينها سيكتسب العالم الإسلامي جميعه قوة مضاعفة.. تضع العنف (الجهادي) في مأزق حيث الكلمة أكثر بلاغة وشجاعة وتأثير.
جريدة الشبيبة – محمد بن سيف الرحبي