لاحظ تقرير نشرته صحيفة “لوموند” الفرنسية، أعده موفدها إلى غزة، أن حكومة حماس تبدو يائسة، سياسيا وماليا
أما على الجانب العسكري، فمن الصعب تقييم خطورة الوضع، رغم أنه من المرجح أن الحصار الصارم الذي فرضته عليها القاهرة -بالإضافة إلى حصار إسرائيل- قد وجهت ضربة قاسية للقنوات العادية لتوريد الأسلحة والذخيرة، والتي تمر عبر الأنفاق تحت خط فيلادلفيا، على الحدود بين القطاع الفلسطيني ومصر.
وقد دمر الجيش المصري بشكل مركز كثيرا من الأنفاق، ورغم أنه من المرجح أن حركة المقاومة الإسلامية احتفظت ببعضها، وفقا للتقرير، فإنه ليس من المؤكد أن الأسلحة والذخيرة يمكن أن تخترق الشبكات والحواجز التي نشرهها الجيش المصري في سيناء.
ومع هذا، فإن أحد قادة حركة حماس، محمود الزهار، الذي التقاه موفد صحيفة “لوموند”، مطمئن إلى أن الخلافات السياسية مع إيران هي على وشك التسوية، ورأى أنه إذا تم تخفيض المساعدات المالية من إيران إلى حد كبير، فإن ذلك كان نتيجة “مشكلة تقنية”. وقال التقرير إنه من المستحيل إجراء تحويلات المصرفية مع بنوك غزة، ولذا يجب أن يمر المال، نقدا، عبر الأنفاق.
في لقائه ببيته المحميَ من مقاتلي كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، لا ينكر محمود الزهار أن “الوضع أصبح أكثر توترا وصعوبة”، وهذا لأن الحكومة المصرية بقيادة وزير الدفاع عبدالفتاح تسعى إلى عزل حماس، مما أدى بالضرورة إلى تفاقم الوضع الاقتصادي الهش أصلا.
الزهار يرفض الاتهامات الصريحة من القاهرة، بما في ذلك التدخل في الشؤون الداخلية المصرية، وخاصة التي تنطوي على دعم المجموعات المسلحة الجهادية البدوية في سيناء: “نحن أيضا لدينا مشاكل مع السلفيين في غزة، وعليه، فلا معنى لاتهامنا بتقديم الأسلحة إلى أولئك الذين هم في مصر، ولم يقدموا أي دليل على ذلك”.
ويقول التقرير إن عدو الإسرائيليين محمود الزهار هو أكثر قادة حماس تمرسا في السياسة، وكذلك أكثرهم “تشددا”. نفوذه على الجماعات المسلحة في غزة ، وتحديدا كتائب عز الدين القسام، يفوق بكثير تأثير رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية.
الزهار يرى أنه “لا معنى ولا مبرر أخلاقي” لموقف مصر، إلا إذا كان الهدف منه “إقناع الغرب بأنهم يقاتلون الإرهاب”. “إن التفسير الوحيد، كما يضيف، هو أن يقولوا: نحن سوف نسحق حماس، لأنها تمثل نظاما إسلاميا، والإسلام لا يُقبل من الغرب، لأنهم صوروه أنه هو الإرهاب وهو الشيطان، لذلك فإنه ليس صراعا ضد حماس، ولكن ضد الإسلام”.
هذه السياسة، التي تستهدف (وفقا للقيادي في حماس محمود الزهار) إسقاط حكومة غزة، هي نتيجة للتعاون بين إسرائيل و”بعض الدوائر” العسكرية في مصر وفتح (حزب السلطة الفلسطينية)، والرئيس السابق لجهاز الأمن الوقائي في غزة، محمد دحلان، أحد أبرز خصوم رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس.
ويرى تقرير الصحيفة أن تقييم د. الزهار المتشائم لفرص اتفاق المصالحة الفلسطينية هو أكثر مصداقية، وقد صاغه بطرح ثلاثة أسئلة، والجواب الضمني، بالنسبة له، سلبي: “هل أمريكا تريد المصالحة الفلسطينية؟ هل إسرائيل مستعدة لقبول ذلك؟ هل لدى أبو مازن الأدوات لفرضه على الأمريكان وإسرائيل؟”.
ولا يوجد لدى محمود الزهار أوهام بشأن نتائج مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين ولا بخصوص الخطوة التالية: “في حال فشلها (المفاوضات)، فإنه لن يكون للفلسطينيين أي خيار سوى الكفاح المسلح، لأنه ليس هناك بديل، وليست الأمم المتحدة هي التي تعطينا دولة”.
مع حصارها وعزلها، يقول التقرير، تدير حماس علاقتها مع جارتها إسرائي بعناية، وهي تسعى جاهدة للحفاظ على وقف إطلاق النار الذي أنهى الحرب في نوفمبر 2012، دون أن تتمكن من منع بعض جماعات المقاومة الأخرى في غزة، مثل الجهاد الإسلامي، وإطلاق صواريخ من وقت لآخر على جنوب “إسرائيل”. في الأسابيع الأخيرة، اقترب المئات من الشباب الغزيين الذين شكلوا حركة غير رسمية “شباب الانتفاضة”، واقتربوا مرارا وتكرارا السياج الأمني، وأصيب العشرات منهم بنيران إسرائيلية.
وينهي الزهار حديثه مع موفد “لوموند” بتوجيه انتقادات لاذعة: “مشكلتكم، في الغرب، هو أنكم لا تعرفزن الفرق بين المقاتلين من أجل الحرية والإرهابيين. هل كان ديغول إرهابيا؟ ما الفرق بين الفرنسيين خلال فترة الاحتلال والفلسطينيين في ظل الاحتلال الإسرائيلي؟ والحقيقة أنه لا خلاق لكم!”.