في تقرير نشرته اليوم على موقعها الإلكتروني، وأعده مراسلاها في بيروت ودبي، قالت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، إن العالم المصري المقيم في قطر، الشيخ يوسف القرضاوي -الذي يعتبره الكثيرون المرشد الروحي لجماعة الإخوان- لم يتمكن من إلقاء خطبته الشعبية هذه الجمعة، وهو ما أثار تكهنات بأن الدوحة قد استجابت لضغوط من دول الخليج بعد المشاحنات مع جيرانها بسبب دعمها للقوى الثورية في المنطقة.
وقد زادت حدة التوترات بعد هجوم الشيخ القرضاوي، المثير للجدل، على دولة الإمارات العربية المتحدة في خطبة جمعة قبل أسابيع متهما إياها بـ”محاربة كل ما هو إسلامي” بعد سجن السلطات الإماراتية للعشرات بتهمة الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين.
ويقول بعض المسؤولين إن الشيخ القرضاوي، الذي يظهر على منبر إعلامي إقليمي قوي ممثلا في قناة الجزيرة القطرية، جدَد هجومه يوم الجمعة الماضي، مما دفع الإمارات بطلب طرده من قطر.
ويقول التقرير إن دعم قطر المتحمس للحركات الثورية الشعبية، وخصوصا تلك المرتبطة بالإخوان المسلمين، قد أثار جيرانها في مجلس التعاون الخليجي، وهم تحديدا السعودية والبحرين والإمارات، وجميعهم سحب سفراءه من الدوحة هذا الأسبوع.
وفي الوقت نفسه، قررت المملكة العربية السعودية حظر جماعة الإخوان يوم الجمعة، وفقا لما أعلنته وسائل الإعلام المحلية، بما يعزز حملة الرياض ضد “الإسلام السياسي” في المنطقة.
وقد منعت الرياض أيضا، والتي حظرت مؤخرا على السعوديين الانضمام إلى القتال ضد الأسد، مواطنيها من استخدام وسائل الإعلام الاجتماعية لتعزيز الرموز والشعارات المرتبطة بالجماعات المحظورة.
وبهذا، كما أورد التقرير، أصبحت الرياض وأبوظبي من الداعمين الأساسيين للحكم العسكري المؤقت في مصر، الذي أطاح العام الماضي بالرئيس الإسلامي المنتخب، محمد مرسي، وهو قيادي بارز في جماعة الإخوان المسلمين، وسط احتجاجات شعبية واسعة.
في حين أن قطر دعمت الثورة التي خلعت الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وكانت من أبرز المؤيدين لحكومة مرسي.
وتقول الدوحة، حيث يحتفظ الإخوان بقاعدة إسناد قوية، إنها تدعم إرادة العرب في سعيهم لمزيد من الديمقراطية والمساءلة، ويقول مسؤولوها إنها لن تنحني للضغوط من جيرانها.
“لقد أنفقوا [المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة] مليارات الدولارات على نظام (قائد الانقلاب الجنرال) السيسي، ولكن حصل هذا على حساب تطلعات الشعب، الذي ما إن رأى بعض الأمل حتى انقض الجيش على الحكم”، كما نقل التقرير عن ناصر بن حمد آل خليفة، السفير القطري السابق لدى الأمم المتحدة”، وأضاف: “نحن لن ندعم الحكام المستبدين الذين يقتلون شعوبهم”.
ويقول التقرير إن الخلاف الدبلوماسي الحالي يعود إلى اجتماع في الرياض في نوفمبر الماضي بين حاكم قطر الشباب، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والعاهل السعودي الملك عبد الله، بوساطة من أمير الكويت، والتي غالبا ما تتوسط في النزاعات الخليجية.
وينقل التقرير عن مصادر مقربة من السعودية قولها إنه بسبب إصرار الملك عبد الله، وافق أمير قطر على وقف الأنشطة التي تعتبرها دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى “معادية”.
ومع ذلك، فإن القطريين -الذين ينكرون أي تورط مع مجموعات المتطرفين في سوريا- يقولون إن الشيخ تميم وافق في الاجتماع على التزام عام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، بما في ذلك تقارير وسائل الإعلام عن دول الخليج المجاورة.
ولكن في اجتماع “العاصفة” في الكويت، خلال الأسبوع الأخير ، تم توسيع هذا الاتفاق ليأخذ شكل “إطار رسمي” هو أقرب إلى اتفاقية تعاون أمني داخل مجلس التعاون الخليجي.
وفي اجتماع لوزراء خارجية المجلس في الرياض، كثفت المملكة العربية السعودية من ضغطها مطالبة بسياسة خارجية قطرية أكثر ترويضا لتشمل إغلاق بعض مؤسسات الفكر والرأي في الدوحة.
وهنا اعترضت قطر على سياسة الإملاء هذه، عندها سحبت الدول الثلاث سفراءها رغم محاولات الوساطة الكويتية في اللحظة الأخيرة.
ويرى أحد المعلقين القطريين، وفقا للتقرير، أن المملكة العربية السعودية تسعى لتقويض حكم الشيخ تميم البالغ من العمر 33 عاما، والذي تولى الحكم عندما تنازل والده العام الماضي.
“في كل مرة يبرز فيها زعيم قطري جديد، يريد آخرون اختباره”، كما صرح السفير خليفة لصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية.