منذ ظهور الخلاف السعودي القطري إلى العلن، بدأت الكثير من الأوساط المتابعة تقرأ تطوراً له على أكثر من ساحة عربية يتواجد فيها الجانبان بشكل قوي، لا سيما في مصر وسوريا.
وإذا كان هذا الصراع واضحاً على الصعيد المصري، بين حركة “الإخوان المسلمين” المدعومة قطرياً والقوى السعودية الداعمة للمعارضة، فإن هذا الأمر ليس كذلك على الصعيد السوري، حيث هناك تداخل قوي في الأوراق التي يملكها كل فريق.
وعلى هذا الصعيد، تنطلق مصادر مطلعة في قوى المعارضة السورية في شرحها لهذا الواقع، من خلال التأكيد على أن الصراع القطري-السعودي ليس على أجندات إستراتيجية كما يعتقد البعض، بل هو على وسائل تكتيكية لتنفيذ المشروع الواحد.
وتشير المصادر نفسها، عبر “النشرة”، إلى أن القطري يسعى إلى تنفيذ مشروعه عبر الأدوات “الإخوانية”، أي من خلال حركة “الإخوان المسلمين” التي تتلقى دعماً قوياً منه، في حين أن السعودي يسعى إلى تحقيق ذلك عبر الحركات السلفيّة التي تدور في فلكه، بالإضافة إلى بعض التيارات الليبرالية.
وتلفت المصادر، إلى أن هذا التنافس كان في أكثر من ساحة عربية منذ زمن، وشهد تقدماً سعودياً من خلال بروز التيارات السلفية التي تدعمها المملكة في الفترة الأخيرة، لا سيما مع إنحسار دور حركة “الإخوان المسلمين” في مصر وسوريا، مذكرة بسقوط الرئيس المصري محمد مرسي، والإنتقال من مرحلة “المجلس الوطني” إلى مرحلة “الإئتلاف الوطني السوري”.
وتشدد المصادر على أن هذا الصراع كان موجوداً منذ بداية الأزمة السورية، لكنه تطور مع مرور الوقت ومن المتوقع أن يتطور أكثر، في حال إستمر التوتر بين الجانبين السعودي والقطري في المرحلة المقبلة، لكنها تعتبر أن “المجلس الوطني” لم يعد قادراً على أن يكون رافعة للدور القطري في المستقبل القريب، وهذا ما بدا واضحا من خلال الطريقة التي يعمل فيها، لكن الصراع القائم قد يؤدي إلى إعادة تفعيل دوره من جديد.
وفي تفاصيل توزع قوى المعارضة بين النفوذين السعودي والقطري، توضح المصادر أن هناك على الصعيد السياسي تياراً إسلامياً إخوانياً يميل الى الدور القطري، في حين يميل التيار الجهادي إلى الدور السعودي، وهناك تيار ليبرالي يميل إلى السعودية وتيار يمثل بقايا القوى التي شاركت في إعلان دمشق يميل إلى قطر، أما الحركات التي تأخذ طابعاَ عشائرياً فهي أقرب إلى الرياض منها الى الدوحة. وستنعكس هذه الأمور على بنية “الإئتلاف” التي لا تزال هشة، وترى أن من الطبيعي أن يشهد في المرحلة المقبلة المزيد من الإنشقاقات، خصوصاً أن النفوذين يجتمعان في داخله، مع سيطرة النفوذ السعودي بشكل أكبر.
أما على الصعيد العسكري، تؤكد المصادر أن هيئة الأركان التي كانت برئاسة اللواء سليم إدريس تميل إلى الدور السعودي، في حين تميل الفصائل التابعة إلى الحكومة الإنتقالية برئاسة أحمد طعمة إلى الدور القطري، وتلفت إلى أن الجبهة الإسلامية بقيادة زهران علوش تقع تحت سيطرة النفوذ السعودي، بينما جبهة “النصرة” ممولة من الكويت وقطر بشكل مباشر، أم فصائل “الجيش السوري الحر” فهي تقع تحت سيطرة النفوذين القطري والتركي.
وعلى الرغم من أن هذه المصادر لا تتوقع تطور هذا الصراع بشكل كبير في المرحلة المقبلة، تؤكّد أن حصول ذلك رهن بمعالجة الخلافات بشكل سريع، وتلفت إلى أن الصراع بين النفوذين كان يظهر منذ مدة على شكل صراع بين الفصائل المختلفة على السيطرة على بعض المناطق المهمة، لكن اليوم تحول إلى صراع معلن خصوصاً بعد وصف السعودية الجماعات التي تدور في الفلك القطري بـ”الإرهابية”.
في المحصلة، ترى المصادر المطلعة في المعارضة السورية أن ليس هناك رغبة من الجانبين في الوصول إلى نتائج حاسمة في هذا الصراع، لكن السعودية تريد أن تبلغ قطر بأن الخروج عن رغباتها أمر غير وارد، وبالتالي هي تراهن على معالجة هذا الموضوع خلال فترة قصيرة على الرغم من التصعيد الحاصل في هذه الأيام.
ماهر الخطيب – النشرة