كشف تقرير دولي لتليفزيون “بي بي سي” البريطاني بالانجليزية، عن تورط جهات رسمية بدولة الإمارات، في عمليات تهريب دولية للذهب “مافيات” من مناطق النزاعات، وهو الأمر المجرم قانونا.
وأوضح التقرير الذي بث في اطار برنامج “نيوز نايت” الليلة الماضية، أن جهات رسمية إماراتية، تسترت على تلك العمليات، وأن أكثر من 5 مليارات دولار دفعت في عمليات غير مشروعة، وبدون مستندات، الأمر الذي يفتح الباب أمام تكهنات عدة عن مصير هذه الأموال وأين ذهبت .
وفيما يلى نص التقرير الهام :
ارتكبت أكبر شركة لبيع الذهب الخالص في دبي مخالفات جسيمة للقواعد، التي تهدف إلى منع دخول الذهب المستخرج من مناطق النزاع إلى الأسواق العالمية، وذلك بحسب مصدر مطلع.
ووجد فريق من شركة “إرنست ويونغ”، بقيادة أمجد ريحان، أن مجموعة “كالوتي” للمجوهرات في دبي لم تلتزم بتنفيذ الضوابط المناسبة.
وبمجرد إخطار الجهة التنظيمية في دبي بتلك المخالفات، غيرت الشركة اجراءات التدقيق لديها، وهو ما أدى، حسب ريحان، إلى إخفاء تفاصيل أخطر النتائج، في الوقت الذي غضت فيه “إرنست ويونغ” الطرف عن تلك المخالفات.
وثمة تأكيدات من جانب الجهة التنظيمية و”إرنست ويونغ” و”كالوتي” على أنهم جميعا تصرفوا بشكل صحيح.
وقال ريحان لبرنامج “نيوزنايت” على قناة بي بي سي:”إن دخول الذهب المستخرج من مناطق النزاع لدبي يمثل خطراً كبيراً”.
وحذر فريق التدقيق، الذي زار “كالوتي” العام الماضي، مركز دبي للسلع المتعددة من ذلك، وحث مديري شركة “إرنست ويونغ” على إخطار الجهات التنظيمية الأخرى ومشتري الذهب بتلك المخالفات.
مركز الذهب العالمي
وفي مايو الماضي، طالب مركز دبي للسلع المتعددة بإعلان النتائج الأولية التي توصل إليها فريق التدقيق على الملأ، غير أن هذا المطلب اختفى بحلول نوفمبر.
وشعر ريحان بالغضب بسبب موقف الجهة التنظيمية وشركته، وقرر تقديم استقالته ونقل ما حدث لمجموعة “غلوبال ويتنس” التي مررت بدورها وثائق رئيسية لبي بي سي.
وتم الإشارة إلى تلك المعلومات أيضا من قبل صحيفة الغارديان وقناة الجزيرة.
وقال ريحان: “كيف أعود إلى منزلي في نهاية اليوم وأنظر في أعين أولادي وأقول لهم إنني فخور بنفسي؟ لم أكن لأشعر بسلام مع نفسي مطلقا لو تغافلت عن شيء من هذا القبيل”.
ووجد فريق التدقيق أن شركة كالوتي انتهكت عددا من القواعد الدولية، بما في ذلك:
– دفع عشرات الملايين من الدولارات نقدا من دون وثائق صحيحة – بإجمالي 5.2 مليار دولار (3.1 مليار جنيه استرليني)، أو ما يعادل 40 بالمائة من أعمال الشركة.
– استيراد أكثر من أربعة أطنان من الفضة المطلية بالذهب، والتي وصلت إلى دبي وتم الإعلان عنها على أنها ذهب – وهي الخطوة التي وصفتها كالوتي بأنها “طبيعية”.
– التعامل مع مورد له علاقة بمناطق النزاع في شرق الكونغو.
ويُعرف الذهب المستخرج من مناطق خالية من الصراعات بأنه الذهب الذي لا ينتج ولا يتلقى دعما ولا يستفيد من النزاعات المسلحة غير القانونية خلال إنتاجه.
وتعد دبي مركزا عالميا هاما للذهب، حيث تستحوذ على أكثر من خمس تجارة الذهب في العالم.
ويستخدم الذهب في صناعة المجوهرات وسبائك الذهب، كما يستخدم نحو 300 طن من الذهب سنويا في تصنيع مكونات بعض الأجهزة الإلكترونية، مثل كابلات الكمبيوتر والهواتف الذكية.
نقطة الاختناق
ذكرت تقارير صادرة عن منظمة “غلوبال ويتنس” والأمم المتحدة أن دبي تعد مقصدا كبيرا للذهب المستخرج من مناطق الصراع. ولذلك، اعتمد مركز دبي للسلع المتعددة المعايير الدولية التي تهدف الى إظهار تجار الذهب على أنهم يحصلون على الذهب بطريقة شرعية.
وكان فريق “إرنست ويونغ” في دبي يعمل على مراجعة التزام شركة “كالوتي” باثنين من المعايير – أحدهما ” موضوع من قبل مركز دبي للسلع المتعددة، والأخر من قبل جمعية لندن لأسواق السبائك، وهو المعيار الذي يتعين على باعة الذهب الالتزام به حتى يتمكنوا من بيع الذهب في سوق لندن.
وأضافت: “يتعين عليهم القيام بعمليات تفتيش باستمرار، والعودة إلى المنجم لمعرفة الظروف المحيطة بعملية الاستخراج، وما إذا كان الذهب قد استخدم في تمويل صراعات أم لا”.
وقال ريحان إن فريق التدقيق الذي ترأسه وجد “نتائج وخيمة ومثيرة للقلق” في شركة كالوتي، لكنه اكتشف أن مركز دبي للسلع المتعددة لم يكن حريصا على فضح انتهاكات كالوتي على الملأ.
مخاطر عالية
وقال ريحان:”أبلغناهم بخطورة النتائج التي توصلنا إليها، فضلا عن النتيجة النهائية المتمثلة في أن هناك مخاطر مرتفعة للغاية لدخول المعادن المستخرجة من مناطق الصراع إلى دبي”.
وأضاف: “الجهة التنظيمية في دبي ليست راضية عن ذلك، وعندما أدركت أننا لن نغير النتائج التي توصلنا إليها، تحركت وغيرت المبادئ التوجيهية الخاصة بها بالطريقة التي لا تتيح نشر النتائج التي توصلنا إليها والاستنتاجات النهائية على الجمهور”.
وينفي مركز دبي للسلع المتعددة أنه غير نظامه من أجل الحفاظ على سرية تفاصيل النتائج التي تم التوصل إليها، ويقول إن التغييرات حدثت بناء على رأي استشاري بغية الإلتزام بالمعايير الدولية، مثل تلك المطلوبة لبيع الذهب في سوق السبائك في لندن.
وشعر ريحان أن شركته تتستر على تلك المخالفات، وبعث بخطاب لمارك أوتي، مدير منطقة أوروبا والشرق الأوسط في شركة إرنست ويونغ، وحثه على إخطار الجهة التنظيمية في المملكة المتحدة بتلك النتائج.
وأرسل ريحان نسخة من الخطاب لمارك واينبرغر، رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لشركة إرنست ويونغ.
ورأت إرنست ويونغ أنها ليست في حاجة لإخطار الجهة التنظيمية في المملكة المتحدة بذلك.
وقالت إرنست ويونغ إن كالوتي ليست ملزمة بالقواعد التي وضعها الجهاز التنظيمي في المملكة المتحدة، وبالتالي ليس هناك داع لإخطار جمعية لندن لأسواق السبائك، وأن القيام بذلك سيكون انتهاكا لقواعد السرية.
وقالت آني دونيبيك، من مؤسسة “غلوبال ويتنس”: “إجراءات إرنست ويونغ ليست غير قانونية، ولكنها تثير تساؤلات حول الالتزامات الأخلاقية للشركة”.
وأصدر مركز دبي للسلع المتعددة بيانا يقول إنه يرفض تماما أي إشارة إلى أنه تصرف بأي شكل من الأشكال بطريقة غير صحيحة في تطبيق المبادئ التوجيهية لتوريد الذهب.
وقالت شركة “كالوتي “إن أية إدعاءات تتعلق بعدم التزامها في مجال تجارة الذهب “لا أساس لها من الصحة”، مشيرة إلى أنها فخورة لأنها هي من قادت “حملة الشفافية” في سوق الذهب في دبي