الدوحة- الأناضول: جدد الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، تأكيده أن غيابه عن الخطابة طيلة الشهر الماضي، كان بسبب المرض، وأكد أنه سيظل يخطب ويقول كلمة الحق “يرضى بها من يرضى ويغضب منها من يغضب”.
جاء هذا في خطبة الجمعة التي ألقاها بمسجد عمر بن الخطاب بالعاصمة القطرية الدوحة، والتي تعد الخطبة الأولى له منذ الخطبة التي ألقاها في 24 يناير/ كانون الثاني الماضي، ووجه فيها انتقادات لدولة الإمارات، وانتشرت في أعقابها شائعات بمنعه من الخطابة.
لكن القرضاوي في خطبة اليوم نفى هذه الشائعات، مؤكدا أن سبب غيابه كان المرض، وقال في هذا الصدد: “صار لي ثلاث جمع لم أخطب، جمعة كنت اعتذرت عنها، ولكن جمعتان جاءت بعد هذه الجمعة أقعدني المرض.. لا عجب أن يصاب الشيخ الكبير بمرض الأنفلونزا والبرد”.
وتابع معلقا على شائعات منعه من الخطابة، قائلا: “لكن الكذابين والمنافقين يأخذون هذا الأمر، ويقولون ما يقولون”.
ووجه الشيخ حديثه لمن روج شائعات ضده، قائلا: “أحب أن أقول لهؤلاء الناس إني إن شاء الله ما دمت حيا وما دام في عقل يفكر، ولسان ينطق، وجسم يتحرك فسأظل أخطب، وسأظل أقول كلمة الحق التي يرضى بها من يرضى ويغضب منها من يغضب، ما يهمني غضب الغاضبين ولا رضى الراضين، إنما يهمني رضا الله سبحانه وتعالى “.
وأعرب القرضاوي في خطبته اليوم عن استغرابه من غضب الإمارات، دون أن يسميها، من سطران قالهم في الخطبة الأخيرة، وجدد توجيه انتقادات ضمنية لها دون أن يسميها.
وقال في هذا الصدد : “لا مكان لإرضاء الناس جميعا حسبك أيها المؤمن أن تقول الحق.. وقله بلغة خفيفة ما أمكن وانا أقول الحق دائما بلغة خفيفة جدا، ولكن الظالمين الذين يبغون في الأرض بغير الحق، الذين يسفكون دماء الناس أو يدفعون المليارات لسفك هذه الدماء، هؤلاء الناس تخيفهم الكلمة، سطران قلتهما في خطبة من الخطب، كيف لو جعلت خطبة لهؤلاء، لو أفردت لهم خطبة وسردت على الناس فضائحهم ومظالمهم، ماذا يفعلون ؟”
وتابع :”إنهم لا يطيقون كلمات، 7 أو 10 كلمات تكتب في سطرين، أنا أقول: سأظل أقول الحق”.
وشدد القرضاوي على أنه لا يعادي أحدا، قائلا: “أنا والله لا أعادي أحدا، لا أعادي دولة من الدول ولا فردا من الأفراد ولا جماعة من الجماعات ولا مجلس من المجالس، ليس بيني وبين أحد عداوة كل ما يهمني الإسلام والمسلمون أنا في الـ 88 من عمري لا أريد من الدنيا شيئا إلا أن يهتدي الضالون ويتوب العاصون ويرجع إلى الله التائهون “.
وأضاف: “أنا لا أعادي أحدا من أجل شخصي ولا أعادي بلدا من أجل ذاتي ولا أعادي جماعة من أجل أشخاص.. أنا ليس عندي شئ أحاسب عليه مستعد أن اقف أمام أي محكمة تحاكمني ليس في قلبي شر لأحد لا أحمل الحق لست حقودا على أي أحد”.
وانتقد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الإمارات في خطبته الأخيرة في 24 يناير/ كانون الثاني الماضي، قائلا إنها “تقف ضد كل حكم إسلامي، وتعاقب أصحابه وتدخلهم السجون”.
وأضاف أنها تؤوي المرشح في الانتخابات الرئاسية المصرية الأخيرة، أحمد شفيق، الذي وصفه بأنه “من رجال حسني مبارك (الرئيس المصري الأسبق)”.
وبينما تدعم الإمارات السلطة الحالية في مصر، وتعتبر الإطاحة بالرئيس محمد مرسي “ثورة شعبية”، تتهم هذه السلطة قطر بدعم أنصار مرسي، ويعتبر القرضاوي واحداً منهم، والذين يرون في الإطاحة به “انقلاباً عسكرياً”.
وفي الجمعة التالية 31 يناير/كانون الثاني، لم يلق القرضاوي خطبته، ومساء اليوم نفسه قال خالد بن محمد العطية وزير الخارجية القطري في تصريحات لتلفزيون قطر إن “ما قيل على لسان الشيخ يوسف القرضاوي لا يعبّر عن السياسة الخارجية لدولة قطر، في إشارة إلى انتقادات وجهها القرضاوي للإمارات خلال خطبة الجمعة 24 يناير/ كانون الثاني”.
وبعد يومين من تصريح العطية، وفي خطوة غير مسبوقة في العلاقات الخليجية، أعلنت وزارة الخارجية الإماراتية في 2 فبراير/ شباط الجاري استدعائها، سفير قطر في أبو ظبي، فارس النعيمي، وتسليمه مذكرة احتجاج رسمية على خلفية ما وصفته بـ”تطاول” القرضاوي.
وأعرب وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، للسفير القطري “عن بالغ استياء حكومة وشعب دولة الإمارات مما تلفظ به القرضاوي بحق الإمارات وعبر التلفزيون الرسمي لدولة جارة وشقيقة”، بحسب بيان نشرته الخارجية الإماراتية على موقعها الإلكتروني.
وفي أعقاب يوم من الاستدعاء، قال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة أنه “ليس لدينا خلاف مع قطر .. وكل ما لدينا هو رفضنا للتطاول والتجني على سيادة وقيم وعقيدة دولة الإمارات وأهلها من أشخاص وأصوات شاذة لا تريد الخير لكلا البلدين والشعبين الشقيقين”، على حد وصفه.
وأكد في الوقت نفسه، رفض الإمارات لأي تهجم أو إساءة قد تصدر من أبناء الإمارات تجاه قطر، قائلا: “مثلما لا نقبل هذا على أهلنا في قطر فإننا واثقون بان أهل قطر لا يقبلون ذلك علينا”.
وفي 5 فبراير/ شباط أعلن مكتب القرضاوي أنه سيلقي خطبة الجمعة القادمة (7 فبراير/ شباط)، قبل أن يعلن الجمعة أنه “اعتذر عن خطبة الجمعة”، الأمر الذي جعل بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تربط بين الاعتذار وما أثير خلال الأيام الماضية على خلفية الخطبة التي ألقاها يوم 24 يناير/ كانون الثاني الماضي ووجه فيه انتقادات للإمارات.
لكن القرضاوي، نفى في 8 فبراير/ شباط أن يكون قد تم منعه من إلقاء خطبة الجمعة الماضية.
وقال الحساب الرسمي للشيخ القرضاوي على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “لا صحة لما تردد عن منع الشيخ القرضاوي من خطبة الجمعة، وإنما اعتذر لإصابته بنزلة برد”.
وبعد هذا التصريح غاب القرضاوي عن خطبة الجمعة 14 فبراير/ شباط للمرة الثالثة على التوالي، وهو ما أثار مجددا شائعات عن منعه من الخطابة على خلفية خطبة الإمارات.
في سياق متصل، قالت مصادر مقربة من القرضاوي إنه لا صحة لما تردده وسائل الإعلام الإماراتية من اعتزامه مغادرة قطر خلال الفترة القادمة.
واستشهدت المصادر بعدم صحة تلك المعلومات بإلقاء القرضاوي خطبة الجمعة اليوم، بمسجد عمر بن الخطاب، كما يستعد الشيخ لافتتاح منتدي تلاميذ الشيخ القرضاوي المقرر أن يبدأ الأربعاء القادم في العاصمة القطرية الدوحة، ويستمر لمدة أسبوع.