قال الباحث شادي حميد، الزميل المسؤول في معهد بروكينغ للأبحاث عن ملف العلاقات بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي ومؤلف الكتاب المرتقب: “إغواء السلطة: الإسلاميون والديمقراطية غير الليبرالية بالشرق الأوسط الجديد” إن وزير الدفاع المصري، المشير عبدالفتاح السيسي، قد ساهم بخلق أسطورة حول نفسه، محذرا من عودة الحكم الفردي إلى مصر.
وعن رأيه في الأوضاع الحالية بمصر وما إذا كانت البلاد بطريقها للعودة إلى الحكم الفردي قال حميد، في مقابلة مع CNN: “يجب على المرء أن يكون صبورا حيال التحولات الديمقراطية، ومشكلة مصر هي أن هذا التحول كان غائبا كليا وبالتالي ما من أمر يمكن أن يحصل حتى وإن تمتع المرء بالصبر.”
وتابع حميد بالقول: “قد يعتقد البعض أن الأمور ستتحسن تدريجيا بحال كانوا يظنون أن الانتهاكات التي ترتكبها الحكومة المدعومة من الجيش هي أمر طارئ وليس بحكم طبيعة هذه الحكومة، ولكن ما من سبب حقيقي للتفاؤل حاليا، بل علينا التساؤل حول الأمور التي ستحصل على الأمد القريب، مثل الفترة التي سيستمر فيها النظام العسكري بحكم مصر ومدى بشاعة الصورة التي سيسقط من خلالها أو يزاح.”
ولفت حميد إلى أن العديد من المصريين شعروا بالتفاؤل بعد سقوط الرئيس الأسبق، محمد حسني مبارك، ولكن التفاؤل تبدد مع عزل الجيش للرئيس المنتخب، محمد مرسي ، وما تبع ذلك من “قتل واسع النطاق وأعمال قمع” على حد تعبيره.
وعن رأيه بوزير الدفاع المشير عبدالفتاح السيسي وإمكانية ترشحه للرئاسة قال حميد: “ليس لدى السيسي من خيار سوى الترشح للرئاسة وإلا سيواجه انتقادات شعبية ، فهناك رغبة جامحة بظهور شخصية قوية وامتناعه عن الترشح في هذه الظروف سيضر بشعبيته ومصداقية.”
وأضاف حميد: “السيسي مسؤول شخصيا عن إثارة هذه الموجة من التأييد الشعبي له وقد قام بتشجيع فكرة خلق أسطورة حوله، ولكنه بذلك خلق وحشا قد يهدده لأن إثارة عواطف الجماهير أمر خطير بحال فقد المرء السيطرة على الأمور. أظن أن ترشيحه أمر حتمي وليس هناك من مرشح مدني يجذب الجماهير حاليا.”
واستغرب حميد ما قال إنه “ميل المصريين إلى النظر نحو الجيش على أنهم المخلص لهم” رغم إخفاقاته المتعددة خلال العقود الماضية، على حد قوله، مضيفا أن الجيش أثبت خلال فترة حكم المجلس العسكري فشله في الإدارة الاقتصادية وتردده في اتخاذ قرارات مالية واقتصادية قد تكون مؤلمة للشارع ولكنها ضرورة لإصلاح مالية الدولة التي رأى أنه لا يمكن لها الاعتماد مطولا على الدعم الخليجي.
وحول مستقبل جماعة الإخوان المسلمين قال حميد: “من الواضح أنه لن يكون هناك مستقبل للجماعة على الأمد المنظور في العملية السياسية المصرية لأن الجيش لن يسمح لهم بذلك، والجماعة بالمقابل تجاوزت الزمن الذي يمكنها فيه أن تقبل بحفنة من المقاعد في البرلمان بعد أن كانت تمسك بالسلطة.”
ولاحظ حميد إمكانية ظهور “فجوة” بين قيادة الجماعة وبين قواعدها التي تريد مواصلة المظاهرات في الشارع، حتى وإن طلبت القيادة من قواعدها وقف التحرك والاحتجاج واستطرد بالقول: “لكنني لا أظن أنه يمكن تدمير جماعة الإخوان المسلمين فهي جماعة منظمة وتتمتع بتراتبية قوية ويجمع أفرادها ولاء شديد ولديهم تقاليد وأساطير تتعلق بالتضحية بالنفس تسمح لهم بمواصلة القيام بما يقومون به لسنوات.”
وعن الموقف الأمريكي حيال مصر قال حميد: “ليس لدى أمريكا استراتيجية واضحة حيال التعامل مع مصر وليس هناك نية لوضع استراتيجية مماثلة لدى الإدارة الأمريكية الحالية، وهذا جزء من نظرة البيت الأبيض الذي لا يرغب في التورط بأحداث الشرق الأوسط.
ودعا حميد الإدارة الأمريكية إلى اعتماد سياسة تشجع على عدم العودة للحكم الفردي في مصر، باعتبار أن ذلك سيؤدي على الأمد الطويل إلى زعزعة استقرار ذلك البلد، وكذلك السعي لإطلاق عملية سياسية تشمل جميع القوى، واختتم حديثه بالقول: “الأنظمة الفردية تبدو مستقرة لأول وهلة، ولكنه مجرد سراب سرعان ما يتبدد وتبدأ بعدها تلك الأنظمة بالتساقط وكان من الأجدى بالجميع فهم ذلك الدرس من أحداث الربيع العربي، ولكن ذلك لم يحصل للأسف.”