بالرغم من المعارضة الشديدة لختان الإناث وسط الحقوقيين والطبقات المتعلمة في مصر، إلا أن آلاف الفتيات يواجهن سنويا خطر تشويه أو بتر أعضائهن التناسلية، حسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف".
فقد كشف تقرير سنوي للمنظمة بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة ختان الإناث، أن 91 في المئة من النساء (تتراوح أعمارهن من 15 إلى 49 عاما) في قرى مصر تعرضن للختان، بينما وصلت نسبة نساء المدن اللواتي خضعن لهذا التشويه إلى 85 في المئة.
وجاء في التقرير أن نسبة الختان "مرعبة" وأن عقوبة التجريم إما أنها لا تنفذ أو يتم تجاهلها على الرغم من حالات الوفاة وآخرها كان في يونيو/حزيران 2013، بعد أن توفيت الطفلة سهير البالغة (13 عاما) في محافظة الجيزة أثناء إجراء العملية لها بسبب "الانخفاض الشديد في ضغط الدم".
عادة متجذرة في تفكير الناس
وكانت مصر قد أقرت عام 2008 قانونا يقضي بتجريم "تشويه أو بتر الأعضاء التناسلية للإناث" وخصصت لذلك عقوبة تتراوح بين ثلاثة أشهر وعامين في السجن وغرامة مالية.
وبعد صعود الإخوان المسلمين إلى الحكم طالبت أوساط محافظة بإلغاء القانون، لأنه يتناقض مع الشريعة الإسلامية، على حد قولهم.
ورغم الجهود التي تبذلها السلطات والمنظمات غير الحكومية والوكالات الدولية للقضاء على ظاهرة تشويه أو بتر الأعضاء التناسلية للإناث، إلا أن هذه الممارسة لا تزال منتشرة في مصر ومتجذرة في عمق تفكير الناس، وفقا لدراسة ممولة من منظمة الصحة العالمية تحت عنوان: "الحياة الجنسية للمرأة وعلاقتها بختان الإناث في مصر".
شكل توضيحي لدول عربية تمارس ختان الإناث (بالأخضر الغامق):
وجاء في الدراسة أن "السبب الرئيسي لاستمرار مثل هذه الممارسة هو الدافع للسيطرة على الحياة الجنسية للمرأة قبل الزواج كوسيلة لضمان عذريتها وبالتالي فرص تزويجها من خلال تزويد الزوج المرتقب بعروس لم يمسسها أحد قبله".
وأشارت الدراسة إلى أن العديد ممن شملهم التقييم يعتبرون مسألة ختان الإناث "مسألة عائلية" وقرارا شخصيا لا يجب أن تتدخل فيه الحكومة. "ولذلك فهم يشكون بشكل كبير في نجاح القوانين والتشريعات المقترحة للقضاء على هذه الممارسة"، حسب الدراسة.
عرف ودين لشرعنة الختان
وحسب تقرير نشره موقع "راديو سوا" عن "الختان في السودان"، فبعض المؤرخين يرجعون شيوع عادة ختان البنات في مصر والسودان إلى عهد الفراعنة.
وتقول بعض الدراسات التاريخية إن ختان البنات عادة فرعونية الأصل، لأن "فرعون موسى لما علم أن أحد أبناء بني إسرائيل سيقتله، فكر في طريقة لمنع هذا الأمر فجاءته عجوز بهذه الطريقة وهي خياطة فتحة المهبل وجمع كل القابلات في قصره حتى لا تلد أي امرأة من بني إسرائيل بنفسها بل تضطر لحضور القابلة لتساعدها على الوضع".
الدول التي يتركز فيها تشويه أو بتر الأعضاء التناسلية للإناث:
ويعزز هذه الرواية الدينية ما كشفت عنه الحفريات الأركيولوجية للأسر الفرعونية التي أظهرت غيابا تاما للبظر في الملكتين كليوباترا ونفرتيتي.
مصر أسوأ دولة عربية بالنسبة للمرأة
وكانت دراسة أجرتها مؤسسة "تومسون رويترز" واستعانت فيها بخبراء متخصصين في مجال قضايا المرأة توصلت نهاية العام الماضي إلى أن مصر هي أسوأ دولة عربية يمكن أن تعيش فيه المرأة.
وجاءت مصر في أدنى مرتبة عربيا بسبب عوامل كثيرة منها: التحرش الجنسي، ارتفاع معدلات ختان الإناث، زيادة العنف وصعود التيار الديني بعد انتفاضات الربيع العربي.
وأظهرت أيضا الدراسة أن القوانين التي تميز بين الجنسين وزيادة معدلات الإتجار بالنساء ساهمت أيضا في إنزال مصر إلى قاع قائمة تضم 22 دولة عربية.
وقال الخبراء إنه برغم الآمال في أن تكون المرأة من أكبر المستفيدين من الربيع العربي إلا أنها كانت من أكبر الخاسرين بعد اندلاع الصراعات وانعدام الاستقرار وموجات النزوح، وظهور جماعات إسلامية متشددة في أجزاء كثيرة بالمنطقة.