وقال مؤلفو الدراسة التي تعتبر هذه الحوادث حالات عنيفة ومتطرفة: "على الرغم من أنه من المغري عرض هذه الأحداث كحوادث فردية، فإنه ينبغي أن يُنظر إليها على أنها جزء من واقع يومي أكبر للعنف الجنسي ضد النساء".
وركزت النظرة التاريخية والإعلامية للاغتصاب إلى حد كبير على فكرة الاعتداء الجنسي بوصفه جريمة يرتكبها الغرباء في واقع الأمر، لقد سلطت البحوث التي أُجريت على مدى العقد المنصرم حول "عنف الشريك الحميم" الضوء على أن نسبة كبيرة من العنف الجنسي لا تحدث من قِبَل الغرباء وإنما في إطار علاقة قائمة بالفعل.
وقالت الدراسة: "أحياناً ما يجد عنف الشريك الحميم مخرجاً له في السلوك الاستحواذي المسيطِر على المدى الطويل، وهو ما يمكن أن يتسبب في مشاكل نفسية كبيرة. في حين أنه من المرجح أن يكون العنف الجنسي الناجم عن غرباء أكثر عنفاً ويتضمن أسلحة أو إصابات".
وأضافت الدراسة: "بغض النظر عن ما إذا كان العنف الجنسي يأتي من قِبَل الشركاء أو الغرباء، فإنه يسبب صدمة للضحية بصفة عامة، برغم أن نمط العنف ودرجته وتأثيره قد يختلف باختلاف مرتكب الجريمة".
أسباب تفشي الظاهرة
يعتقد الباحثون الذين وضعوا الدراسة بأن الفهم الجيد لانتشار هذه الظاهرة في مختلف البلدان والمناطق يمثّل "خطوة أساسية أولى لتطوير استجابات فعالة للعنف الجنسي للغرباء"، لكن كان من الصعب قياس مدى انتشار العنف الجنسي في العالم. وأجرى الباحثون مراجعة منهجية للأدلة المتوفرة بشأن العنف الجنسي للغرباء لتقييم مدى انتشار الظاهرة.
وقام الباحثون بفحص 77 دراسة من 56 بلداً كانت قد أُجريت في الفترة بين عامي 1998 و2011، حيث جمعت بيانات عن الاعتداء الجنسي ضد النساء اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين 15 سنة وما فوق. وأظهرت نتائج المراجعة المنهجية تبايناً واسعاً في تقديرات العنف الجنسي في مختلف المناطق.
وقال الباحثون: "المناطق التي تشهد أعلى تقديرات للعنف الجنسي هي: أفريقيا الوسطى 21% (جمهورية الكونغو الديمقراطية)، وأفريقيا الجنوبية 17.4% (ناميبيا وجنوب أفريقيا وزيمبابوي)، وأستراليا ونيوزيلندا ( 16.4 % ). وأضافوا "المناطق التي تشهد أدنى تقديرات للعنف الجنسي هي: شمال أفريقيا والشرق الأوسط 4.5 % (تركيا)، وجنوب آسيا 3.3% (الهند وبنغلاديش).
وأثبتت المراجعة المنهجية للنساء اللاتي شملتهن الدراسة في جميع أنحاء العالم أن امرأة واحدة من بين كل 14 أو (7.2%) من النساء الأكبر من 15 عاماً قد أبلغن عن تعرضهن للعنف الجنسي من الغرباء. وهذا يبين انتشار العنف الجنسي على مساحة واسعة النطاق، بحيث بات داءً مستوطناً في بعض المناطق. فبلغ معدل انتشار الظاهرة أعلى من 15% في أربع مناطق.
الوصمة سبب قلة البلاغات
يعتقد الباحثون أن البيانات المتوفرة لا تعكس التقديرات الحقيقية لانتشار العنف الجنسي، ويرجع هذا إلى ما يتسبب فيه الوصمة الاجتماعية أو العار المرتبط بالعنف الجنسي إلى نقص الإبلاغ. ويعتقد الباحثون أن هذا هو السبب في الحصول على معلومات عن ثماني مناطق من البيانات المتوفرة لدى بلد واحد، ولم يكن لدى العديد من البلدان أي بيانات على الإطلاق.
وقال الباحثون: "على الرغم من قصور البيانات الموجودة، وجدنا أن العنف الجنسي تجربة مشتركة بالنسبة للمرأة. فبصرف النظر عن مرتكب الجريمة، يؤدي العنف الجنسي إلى انتهاك حقوق الإنسان بالنسبة للضحايا وله تأثير دائم وعميق على حياتهن".
وقد اكتشفت مراجعات منهجية سابقة للآثار الصحية للعنف الجنسي للغرباء عن وجود ارتباط بين الاكتئاب والقلق وتعاطي الكحول لدى ضحايا العنف الجنسي الذين يفشلون أيضاً في إخفاء مشاعرهن تجاه الأخطار المتزايدة للتعرض لأنواع أخرى من العنف لاحقاً.
ومن جهتها، اعتبرت كاثرين يونت، من جامعة إيموري في أتلانتا، بولاية جورجيا الأمريكية، هذه الدراسة "علامة فارقة في حجمها ودقتها"، وقالت: "معدلات انتشار الظاهرة التي قدرتها الدراسة عالية بشكل غير مقبول على مستوى الصحة العامة وحقوق الإنسان".