قبل 24 ساعة من انتشار صور “جاكي شمعون” ، لم يكن أحد من اللبنانيين يهتمّ بالألعاب الأولمبية في “سوتشي” الروسية، على الرغم من ضخامة الحدث. لم يكن أي لبناني يبالي بتمثيل لبنان، أو بمن يمثّله، وعن أيّة فئة. فجأة، وبعد ثلاث سنوات على أخذها، تسرّبت صور لجاكي شمعون، بطلة التزلج اللّبنانية والتّي تشارك حاليا في أولمبياد سوتشي، تظهر فيها عارية. صور ومشاهد التقطت منذ 3 سنوات لروزنامة نمساوية خيرية لم تكن معدّة للنشر، ولا تطابق الصور الحقيقية التّي نشرت في الرزنامة.
ارتعب المجتمع اللبناني وهاله المشهد أكثر ممّا فعلت صور ضحايا الإنفجارات وأشلاء الشهداء. وحدها جاكي شمعون خدشت الحياء اللبناني، وحرّكت الضمائر والشهامة والكرامة، واستحقت الشتم من أجل ذلك. ثارت الدولة وتحركت أسرع ممّا فعلت عندما قام زوج منال عاصي بضربها حتّى الموت في وسط الشارع لمدّة ساعتين. فوفقا “للأصول”، ما يزال ذنب جاكي أعظم من ذنب زوج منال عاصي. وزير الشباب والرياضة فيصل كرامة طلب فتح التحقيق اللّازم وبأسرع وقت ممكن لأخذ التدابير الضرورية لتجنب تشويه سمعة لبنان ومشاركته العالمية في سوتشي، وما كان ينقص سوى إضافة قضيتها إلى المحكمة الدولية في لاهاي. الصحافة الأجنبية انتقدت هذا الموقف مشيرة إلى أنّ التعري في الشرق الأوسط أصبح مشكلة أكبر من تفجير باص أو محطة وقود، في حين عبّر مسؤول نروجي عن سخريته ممّا جرى بقوله أنّه يعرض اللّجوء السياسي لشمعون نيابة عن حكومته في حال أرادت ذلك. وأضاف أنّ عرض أجزاء من الجسم هو حقّ من حقوق الإنسان، مشيرا إلى أنّه يعتقد الآن “أنّ لبنان بلد رائع للتزلج على المنحدرات”. وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ وزارة السياحة اللبنانية بنفسها كانت قد استخدمت في إحدى حملاتها الإعلانية صور الفتاة اللبنانية المثيرة.
جاكي شمعون اعتذرت عن الصور وطلبت عدم المساهمة في نشرها، ومساعدتها على التركيز على ما هو مهمّ بالفعل: تدريباتها والسباق. جاء هذا الإعتذار بعد “جلد شمعون ورجمها”، في الوقت الذّي تطلّ فيه معظم “فنّانات لبنان” بملابس مثيرة وفاضحة بقصد الإثارة. وبدل من أنّ تلقى هذا الكمّ من الظهور الإعلامي لدعمها وتهنئتها بإنجازاتها وقدراتها وتعبها، لقيت التجريح بسبب صور لم يكن من المفترض أن تُنشر. هي الآن تواجه خطر إستبعادها لأنّ بلدها لم يغفر لها ما فعلته بجسدها الخاصّ ، ولم يدعمها كما تدعم المجتمعات أبطالها. فذنبها كبير إلى حدّ أنّ إنجازاتها لا تمحيه ولا تخففّ منه حتّى.
الفضيحة هنا لا تكمن بجسد جاكي شمعون العاري، بل بطريقة التعاطي الإعلامي والمجتمعي مع الموضوع، وتحميله أكثر ممّا يجب من أجل الحصول عل سبق صحفي. والفضيحة تكمن في اكتشاف الغرب لعقلية المجتمع اللبناني المريضة التّي ترى في صدر شمعون ” تشويها لصورة لبنان”، وخطرا أعظم من القنابل والإنتحاريين. فإذا أراد هذا المجتمع الثورة، فليثر على لقمة عيشه وأمنه، ليس على القشور، ففي لبنان يضرب الرجال زوجاتهم حتّى الموت، في وسط الشارع، ويغرّد مطلوبون للعدالة متى طاب لهم، يهددّون الجيش والدولة، وعلى أكثر وسائل الإتصال رواجا، دون أن تطلب الدولة فتح تحقيق بذلك. تصفّى الحسابات بين اللبنانيين بالرصاص، ويموت المرضى على أبواب المستشفيات، ترتفع الأسعار ، ولا أحد يبالي، بالإضافة إلى العديد من المشاكل التّي تستحقّ مثل هذه الضجة، ولكن الغريب أنّ الكارثة لم تقع سوى عندما خلعت جاكي شمعون ثيابها.
ميشلين عماد