كشفت مصادر أمنية مطلعة عن تلقّي الكويت معلومات تحذر من أن “جهاديين سعوديين يقاتلون في سوريا يخططون لاتخاذ الكويت مقرا لهم خوفا من إمكانية ملاحقتهم وسجنهم في حال عودتهم إلى بلادهم تطبيقا لقانون مكافحة الإرهاب الجديد”.
يأتي ذلك في وقت طفت فيه على السطح بشكل لافت، قضية توجه مواطني بعض الدول، بما فيها دول خليجية، للقتال في سوريا، ما يسبب مآسي لعائلاتهم، فضلا عما يمثلونه من خطر أمني في حال فكّروا في العودة إلى مواطنهم الأصلية.
وتحسبا لهذا الخطر سنت المملكة العربية السعودية قانونا ينص على عقوبات مغلظة لمن يتوجه للمشاركة في أعمال قتالية خارج البلاد، كما شن الإعلام حملة على من يحرض الشباب على ذلك خصوصا من الدعاة.
واقتداء بالإجراء السعودي قدم نائب كويتي مشروع قانون يتضمن تسليط عقوبة بالسجن تصل حتى ثلاثين عاما على الجهاديين الكويتيين الناشطين في الخارج.
وينص المشروع الذي تقدم به النائب القريب من الحكومة نبيل الفضل على عقوبات بالسجن بين 5 أعوام و20 عاما بحق الكويتيين الذين يشاركون في معارك بالخارج أو من يشجعون أنشطة مماثلة بأي شكل.
وسيمثل القانون في حال إقراره محاكاة لما كان جاء في مرسوم ملكي سعودي من أن أي مواطن يقاتل في الخارج سيواجه عقوبة السجن لفترة تتراوح بين ثلاثة أعوام و20 عاما، في إجراء يبدو أنه يهدف لردع السعوديين عن الانضمام إلى مقاتلين معارضين في سوريا ثم تشكيل مخاطر أمنية بمجرد عودتهم إلى الوطن.
وقال عضو البرلمان الكويتي نبيل الفضل في اقتراحه الذي أشاد بالمرسوم السعودي أن المدنيين المنضمين للقتال في سوريا يجب أن يواجهوا عقوبة السجن لفترة تتراوح بين خمس سنوات و20 سنة. ويجب أن يواجه أعضاء الحرس الوطني أو الشرطة عقوبة السجن لفترة تتراوح بين 10 سنوات و30 سنة إذا شاركوا في قتال بالخارج أو شجعوا مثل هذه الأعمال. وتحتاج هذه الخطة لموافقة أمير البلاد والحكومة والبرلمان كي تصبح قانونا.
وقال الفضل في اقتراحه: “عانت الكويت منذ عقدين من الزمان فَقْدَ أبنائها في أفغانستان والشيشان بعد أن نجح المحرّضون في التغرير بهم وإرسالهم للقتال تحت مبررات وصفوها بالشرعية وماتزال الكويت تستقبل جثث القتلى من أبنائها الذين تم إرسالهم بنفس الفتاوى المضللة إلى سوريا”.
وجاء في الاقتراح أن الكويت تحتاج إلى تعديل بعض أحكام قانون الجزاء على النحو المقترح من أجل المحافظة على أمن وسلامة الخليج “وخاصة بعد ظهور جماعات وتيارات متشددة لها أهداف بعيدة عن الشريعة”.
وتشير تقديرات وزارة الداخلية السعودية إلى أن نحو 1200 سعودي انضموا إلى متشددين اسلاميين في الحرب الأهلية في سوريا، من ضمن حوالي 11 ألف مقاتل أجنبي ينتمون لنحو 70 دولة. كما يشارك العديد من الكويتيين في المعارك بسوريا إلى جانب مقاتلي المعارضة.
وبشأن قضية عودة هؤلاء الجهاديين إلى بلدانهم، أو سفرهم إلى بلدان أخرى، وما يمثله ذلك من خطر أمني، قالت مصادر لـصحيفة “السياسة” الكويتية إن المخطط الذي يجري التأهب لتنفيذه “يقضي بتهريب المقاتلين من سوريا ودول أخرى عبر سلسلة من العمليات السرية إلى الكويت”، لافتة إلى “خطورة هؤلاء على الأمن الداخلي وإمكانية تورط كويتيين في عمليات تهريبهم سواء كانوا جهاديين مثلهم أو كانوا من الجماعات التي تدعمهم بالأموال والعتاد”.
وشدّدت على أن “الأجهزة الأمنية المعنية تتعاطى مع هذه المعلومات بجدية قصوى وقد خاطبت السلطات السعودية لتزويدها بأسماء المشتبه بهم المتواجدين في سوريا لاتخاذ الاستعدادات اللازمة”، مشيرة إلى أن “الاتفاقيات الأمنية بين الكويت والسعودية تتيح للأجهزة الأمنية تسليم المشتبه بهم والمطلوبين إلى السلطات السعودية، وبالتالي لا يمكن أن تصبح البلاد ملاذا آمنا للمطلوبين”.
وعن إمكانية دخول هؤلاء بأسماء مستعارة أو وثائق مزورة، أكدت المصادر أن “الكويت طلبت من الأجهزة الأمنية السعودية إضافة إلى أسماء المشتبه بهم بيانات ومعطيات من شأنها التعرف عليهم”، من دون أن تفصح عن طبيعة تلك البيانات”. وأرجعت المصادر أسباب عودة الجهاديين السعوديين من سوريا إلى أنهم “آثروا الانسحاب من الميدان السوري بسبب الاشتباكات بين فصائل ومجموعات المعارضة السورية خصوصا بين الجبهة الإسلامية والجيش الحر وجبهة النصرة من جهة وما يسمى الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) والتي أدت إلى مقتل سعوديين يقاتلون في صفوف الطرفين”، فيما بدأ كثيرون يستشعرون قرب نهاية الحرب في سوريا مع الزخم الذي أخذته عملية البحث عن مخرج سياسي خصوصا من خلال مؤتمر جنيف الذي استُؤنف أول أمس.
وكان كثير من الدعاة الإسلاميين السعوديين والكويتيين لعبوا أدوارا كبيرة في تحريض الشباب على الالتحاق بالحرب في سوريا، وفي جمع التبرعات لهؤلاء المقاتلين.
وكانت دراسة صدرت عن “مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي” أوردت أن الكويت تعد أهم حلقات التبرعات المالية للجماعات المقاتلة في سوريا. ومؤخرا أصبح هؤلاء الدعاة مثار غضب خصوصا في المجتمع السعودي بعد تصاعد الشكوى والتذمر في صفوف العائلات من التغرير بأبنائهم واقتيادهم إلى ساحة حرب طاحنة ذهب كثيرون منهم ضحاياها خصوصا في ظل صغر سنهم وقلة تجاربهم.