بينما لاتزال قطاعات حقوقية وسياسية بارزة في المغرب تناضل لإزالة عقوبة الإعدام من القانون الجنائي، برزت في الآونة الأخيرة أصوات تحاول دفع الحكومة إلى وضع قانون يعاقب الرجال المغتصبين بالاعدام أو بـ”الإخصاء”.
وتقود سيدات تعرض أطفالهن للاغتصاب هذ المبادرة، التي قد تلقى آذانا صاغية من طرف حكومة الإسلاميين في المغرب، خاصة أن وزيرة الأسرة والتضامن دعت في مناسبات مختلفة إلى إنزال أشد العقوبات على الجناة.
وتؤكد جمعيات حقوقية مدافعة عن الأطفال أن أقارب الضحايا هم مصدر الاغتصاب في كثير من الحالات، مما يدفع بعض المغتصبين إلى قتل ضحاياهم تجنبا للفضيحة.
الإخصاء أو الإعدام
وقالت رئيسة جمعية ماتقيش ولادي (لا تلمس أبنائي) نجية أديب “بعد طول تفكير اهتديت إلى أن العقوبات الموجودة في القانون الجنائي المغربي غير كافية للحد من اغتصاب الأطفال”.
وأضافت في تصريحات لموقع “راديو سوا” أن الجمعية التمست في البداية تطبيق عقوبة الإعدام على مغتصبي أطفال دون العامين، بيد أن “أصوات كثير من أهالي الضحايا اعتبرت الإخصاء هو الحل”.
وأكدت أديب أن المغتصبين “سيفكرون مستقبلا مليون مرة قبل أن ينهشوا أعراض الأطفال. الإخصاء مخيف جدا وهو بمثابة الموت البطيء لكل المغتصبين”.
غير أنها عادت وسردت قصص بعض الأطفال الذي تحولت حياتهم إلى جحيم بعد تعرضهم للاغتصاب، قائلة: “عقوبة الإخصاء لا تساوي شيئا أمام هذه الجريمة المرتكبة في حق الأطفال”، وأردفت “في حالة تطبيق العقوبة في حق واحد أو اثنين وجرى إعلانها فإنها ستكون سلاحا رادعا لكل من يفكر مستقبلا في ارتكاب هذه الجريمة”.
وهنا فيديو لنجية أديب تدعو من خلاله إلى تطبيق عقوبة الإخصاء على مغتصبي الأطفال:
الإخصاء الكيميائي
وقد انضمت أصوات قضائية وسياسية إلى جمعية “ماتقيش ولادي”، إذ دعا القاضي بمحكمة النقض بالرباط محمد الخضراوي، ، إلى سن قانون الإخصاء الكيميائي لمعاقبة المجرمين مغتصبي الأطفال، مشيرا إلى أهمية وجود نص قانوني يخول للقضاة معاقبة المجرمين بهذه الطريقة.
وقال الخضراوي إن دولا توصف بالديمقراطية والمتحضرة تلجأ محاكمها إلى تشريع عقوبة الإخصاء الكيميائي عن طريق إعطاء المحكوم عليه في جرائم اغتصاب الأطفال حقنا تقضي على رغباته الجنسية مدة زمنية معينة.
تأتي تصريحات القاضي بعد أيام على إقرار برلمان مقدونيا تعديلا في القانون الجنائي، ينص في أحد بنوده على معاقبة كل من يثبت ممارسته الجنس على الأطفال، بعقوبة الإخصاء الكيميائي.
وطبقا للقانون الجديد، تقوم جهات طبية بتنفيذ عملية الإخصاء الكيميائي على المدانين بالاستغلال الجنسي للأطفال، بحقنهم بمادة كيميائية، تقوم بتثبيط عمل هرمون التيستيرون، ما يعطل الوظيفة الجنسية لديهم، وتتم العملية بحضور خبراء في مجال الحقن الكيميائي.
مطالب “متطرفة”
من جهة أخرى، قال عالم الاجتماع المغربي لموقع “راديو سوا” إن محاولات جمعيات حقوقية جر السلطات لتطبيق “عقوبة بربرية ستبوء بالفشل”.
وأضاف “هذا تطرف لا ينبغي أن يصدر من جمعيات تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان”، مشيرا إلى أن “اغتصاب الأطفال جريمة شنعاء لا يمكن التساهل معها، لكن الإخصاء جريمة أشنع في حق الإنسانية”.
ودعا شعبان الجمعيات الحقوقية إلى “الترفع عن الانتقام والتمسك، في المقابل، بالنضال من أجل أن يتحول المغرب إلى بلد متحضر وديمقراطي يحترم حقوق الإنسان”، مؤكدا أن “البلدان الغربية التي تعطي نماذج في الديمقراطية كالولايات المتحدة تتشدد مع المتحرشين، لكن لا أتصورها يوما تطبق الاخصاء على مواطنين دفعتهم الاضطرابات النفسية إلى اغتصاب الأطفال”.
(سوا)