أذاع التلفزيون الألماني تقريرا بعنوان “قطر سوق العبيد”، كشف فيه الغطاء، بالفيديو والصور، عن معاناة العاملين الوافدين للعمل في قطاع التشييد والبناء، الذي يشهد نموا ملحوظا في الإمارة الصغيرة استعدادا لتنظيم فعاليات كأس العالم 2022.
وتستعد قطر لاستضافة البطولة المقررة في 2022، وسط حالة من الجدل بسبب ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف هناك، والانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان.
وقال التقرير إن العمال، الذين يأتي معظمهم من نيبال والهند، يعيشون في ظروف لا يمكن إلا أن يطلق عليها “استعباد جديد”.
وأضاف أن “العمال لا يمتلكون عادة جوازات سفر، إذ أن أرباب العمل يصادرونها بمجرد وصول هؤلاء العمال إلى قطر”.
وعرض التقرير مشاهد من أحياء راقية ومبان شاهقة الإرتفاع، وقال أن هذه الصورة هي التي يسوق لها القطريون كبيئة نموذجية لتنظيم أكبر حدث رياضي في العالم.
لكن الحقيقة تختفي خلف هذه المباني المرتفعة، وتتجلى في معسكرات الإيواء التي أعدها أرباب العمل، على حواف المشروعات الكبرى، ليعيش فيها العمال.
ووصف التقرير أعضاء اللجنة التنفيذية للإتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، الذين شاركوا في التصويت لقطر لكي تصبح الدولة المضيفة للبطولة التي ستقام في 2022، بأنهم “مُرتشون وطماعون ومغفلون أمام اللاعبين والجمهور”.
ورصدت قطر ميزانية قُدرت بنحو 200 مليار دولار لإنفاقها في السنوات العشر المقبلة على انشاء البنى التحتية الخاصة باستضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2022، حسب تقرير اعدته ادارة مؤسسة “ديلويت” المتخصصة.
وجاء في التقرير انه سيتم رصد 140 مليار دولار، ستخصص للبنى التحتية في مجال النقل (مترو ومطارات وطرقات) خلال السنوات الخمس المقبلة.
وسيتم استثمار نحو 20 مليار دولار في القطاع الفندقي. ويتوقع وصول نحو 400 الف سائح الى قطر خلال مونديال 2022.
وأضاف تقرير التلفزيون الالماني أن العشرات من العمال المغتربين قد قُتلوا بالفعل أثناء عملهم في بناء الملاعب والفنادق ومشروعات البنية التحتية التي تشيد لاستقبال اللاعبين والمشجعين، وقال “إمارة قطر تعامل العمال الأجانب كالعبيد”.
ووصف التقرير، الظروف التي يعيش فيها أكثر من مليون ونصف المليون من العمال الاجانب في قطر بـ “الكارثية”.
وعرض التلفزيون الألماني صورا قال إنها لغرف يسكنها العمال الاجانب. وتظهر في الصور غرف تنتشر الحشرات في أركانها، وتتكدس فيها الاسرة واحدا فوق الاّخر، كما تظهر الملحقات الاخرى، كالمطبخ ودورات المياه، في حالة يرثى لها، ما دفع معد التقرير إلى وصف المكان بأنه “لا يصلح للاستعمال الآدمي، ولا يرتقي إلى مرتبة الحاوية”.
وسلط التلفزيون الالماني الضوء على تقرير منظمة العفو الدولية التي هاجمت نظام “الكفيل” في قطر واعتبرته أشبه بـ “معسكرات العمل النازية”.
وقالت المنظمة الحقوقية الدولية إن أرباب العمل يجبرون العمال الأجانب على العمل إلى أكثر من 14 ساعة متواصلة تحت حرارة الشمس الحارقة. وأكدت المنظمة أن قطر تحتجز العمال الذين يريدون مغادرة البلاد والهروب من هذه الظروف السيئة من خلال التحفظ على جوازات سفرهم ومنعهم من المغادرة.
وأضافت أن كثيرا من العمال لا يغادرون البلاد لعدم حصولهم على مبالغ تكفي لعودتهم إلى بلدانهم، ومن ثم يكونون مضطرين للبقاء. إنه “رق حديث”.
وألقى تقرير التلفزيون الالماني باللوم على “الفيفا”، وقال إن مسؤولي الفيفا لا يريدون تحمل مسؤولياتهم تجاه ما يحدث في قطر. ووصف التقرير أمير قطر بالديكتاتور الذي يسكت على هذه التصرفات من أجل أن يغدق على الفيفا، بعد تسعة أعوام، “بأكبر مهرجان لكرة القدم في العالم”.
وقال عبد السلام وادو، الذي أدلى بتصريحات للتلفزيون الالماني، “إذا لم تتوقف قطر عن ممارساتها فستكون البطولة التي ستنظمها كأس العالم للعار، كأس عالم للعبودية، كأس عالم لانتهاك حقوق الإنسان”.
وكان وادو، اللاعب الفرنسي من أصل مغربي، أحد ضحايا نظام العمل المجحف في قطر، إذ تم احتجاز جواز سفره من قبل إدارة نادي لخويا القطري، وحرم من تقاضي راتبه لأكثر من ستة أشهر.
وقال التقرير أن أمير قطر، التي لا تتعدى مساحتها ولاية “ميكلونبورغ فوربومون” الالمانية الصغيرة، يستطيع شراء كل شيء، حتى ولو كان استضافة مباريات بطولة كأس العالم.
واستشهد التقرير بالكاتب والناقد الإنكليزي أندرو جيننغز الذي تسائل “لماذا يمنح الفيفا تنظيم البطولة لدولة ليس لها تاريخ في كرة القدم. يمكننا أن نفهم ذلك عندما نعلم أن أربعة عشر عجوزا لم يسمع عنهم أحد يدلون بأصواتهم لصالح قطر، وبعدها يتم استبعاد 4 منهم بتهمة تلقي رشوة”.